[عصام الدين]

جميع الآيات والأحاديث التي قمت بالاحتجاج بها لا تتحدث عن الغناء صراحة مع العلم أنه كان بالامكان الاشارة صراحة إلى هذه الممارسات وإلى حرمتها ولكن جميع هؤلاء المحرمون يقومون بلي عنق العبارات والجمل وعصرها لأجل الإشارة إلى تحريم الغناء.

في التاريخ، الغناء كما الموسيقى، بدأت من الدين، منذ الغناء الغريغوري إلى العصر الباروكي مرورا بالكنيسة، بعبارة أخرى، كل الديانات تبنت الغناء لأنه، كما قال أحد المفكرين، "يقرب إلى الله أكثر".
وليس إلا في سنين متأخرة ظهر فيها الغناء "المدنس" profane أي الغناء الدنيوي والذي لا ينطلق من الدين أو القداس.

المشكلة في التاريخ الاسلامي وما قبله أن الغناء لم يتم تبنيه من طرف المتدينين الوثنيين، وكذلك الموسيقى، وظل منذ القدم مرتبطا بالقصور والسهرات والليالي الملاح، أي أنه كان مدنسا من البدء، وعليه حرمه المتدينون فيما بعد، لأن ليالي اللهو والفجور كانت في الجهة المقابلة لليالي الصلاة والتعبد.

المأزق وقع عندما نشأ غناء "مؤدب" أي أنه لا يرتبط بالرقص والفجور والسهرات الملاح، أناشيد، أغاني وطنية، أغاني دينية، أغاني تربوية، مع استعمال الموسيقى، والتي هي عبارة عن مقامات تبناها المتدينون المسلمون في تجويد القرآن الكريم ورفضوا أن ينسحب ذلك على بقية الفنون من غناء وموسيقى.

قضية أخرى، إذا كان الدين قد أقر استعمال الدف وقدم تبريرا لذلك، حيث شرح بعضهم أن الأمر متعلق بوجود وتر، وبالتالي فالآلات الوترية هي التي تنطبق عليها الحرمة وليس غيرها، فقد وصلت البشرية إلى درجة من التقدم التقني جعلها تبدع موسيقى انطلاقا من مؤثرات صوتية وكفى، يتلاعب بها الكمبيوتر بطريقة رياضية وفقط، وبالتالي فلا وجود لوتر، ولا حتى آلة حقيقية، فهل نقول أن هذا النوع من الآلات مباح ؟

في المغرب، تسمى سهرات اللهو والغناء بـ "قصارة"، وهي كلمة مشتقة من القصر، وفي حال وجود غناء وموسيقى لا يمت للقصور بصلة، ويساهم في نسر رسائل دعوية أو تربوية باستعمال المقامات الموسيقية وبعض الآلات، كفن السماع مثلا، فهل نقول أن هذا مباح ؟

وعن المهرجانات التي تقام هنا وهناك، هل يجرؤ أحد على تصنيفها إلى مباح ومحرم مثلا، بالنظر إلى ما شرحته أعلاه، أم أن الحرام الممنوع الكافر الزنديق الفاحش هو الرد.

أنتظر رد من يملك الرد.