عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-09-2010, 02:38 PM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

باب فضل ليلة القدر، والحث على طلبها، وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها

قال العلماء: وسميت ليلة القدر لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمرٍ حكيم} وقوله تعالى: { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} ومعناه يظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وتقديره له وقيل سميت ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها وأجمع من يُعتد به على وجودها ودوامها الى آخر الدهر للأحاديث الصحيحة المشهورة، قال القاضي واختلفوا في محلها فقال جماعة هي متنقلة تكون في سنة في ليلة وفي سنة أخرى في ليلة أخرى وهكذا.

وبهذا يجمع بين الأحاديث ويقال كل حديث جاء بأحد أوقاتها ولا تعارض فيها، قال ونحو هذا قول مالك الثوري وأحمد واسحق وأبي ثور وغيرهم قالوا: وإنما تنتقل في العشر الأواخر من رمضان وقيل بل في كله وقيل إنها معينة فلا تنتقل بل هي ليلة معينة في جميع السنين لا تفارقها وعلى هذا قيل في السنة كلها وهو قول ابن مسعود وأبي حنيفة وصاحبيه وقيل بل في شهر رمضان كله وهو قول ابن عمر وجماعة من الصحابة وقيل: بل في العشر الوسط والأواخر وقيل في العشر الأواخر وقيل تختص بأوتار العشر وقيل بأشفاعها كما في حديث أبي سعيد وقيل: بل في ثلاثٍ وعشرين أو سبعٍ وعشرين وهو قول ابن عباس وقيل: تطلب في ليلة سبع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين وحكي عن علي وابن مسعود وقيل: ليلة ثلاث وعشرين وهو قول كثيرين من الصحابة وغيرهم. وقيل ليلة أربع وعشرين وهو محكي عن بلال وابن عباس والحسن وقتادة. وقيل ليلة سبع وعشرين وهو قول جماعة من الصحابة، وقيل: سبع عشرة وهو محكي عن زيد بن أرقم وابن مسعود أيضاً وقيل: تسع عشرة وحكي عن ابن مسعود أيضاً وحكي عن علي، وقيل آخر ليلة من الشهر.

الحديث (1165) وحدثنا يحيى ابن يحيى، قال: قرأت عن مالك، عن نافع.
عن ابن عمر، أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان مُتحريها فليتحرها في السبع الأواخر)) [أخرجه البخاري 1158؛ 2015].

قوله صلى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم قد تواطأت: أي توافقت..

ـ وحدثني حرملة ابن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني سالم ابن عبد الله ابن عمر.
أن أباه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، لليلة القدر: ((إن ناساً منكم قد أروا أنها في السبع الأول، وأُري ناسٌ منكم أنها في السبع الغوابر [الأواخر]، فالتمسوها في العشر الغوابر)).

ـ وحدثنا محمد ابن المثنى، حدثنا محمد ابن جعفر، حدثنا شُعبة، عن عُقبة ابن حُريث قال:
سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبن على السبع البواقي)).

ـ وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا علي ابن مسهر، عن الشيباني، عن جبلة ومحارب.
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تحينوا ليلة القدر في العشر الأواخر. أو قال: (في التسع الأواخر))

قوله تحينوا ليلة القدر أي أطلبوا حينها أو زمنها

الحديث (1166) حدثنا أبو الطاهر وحرملة ابن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن.
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر))

الحديث (1167) حدثنا قتيبة ابن سعيد، حدثنا بكر ابن مضر، عن ابن الهاد، عن محمد ابن إبراهيم، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن.
عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر التي وسط الشهر، فإذا كان من حين تمضي عشرون ليلة، ويستقبل إحدى وعشرين، يرجع الى مسكنه، ورجع من كان يجاور معه، ثم إنه أقام في شهر، جاور فيه تلك الليلة التي كان يرجع فيها، فخطب الناس، فأمرهم بما شاء الله، ثم قال: (( إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه، وقد رأيت هذه الليلة فأُنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، في كل وِتْرٍ، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين)).

قال أبو سعيد الخُدْرِي: (مُطرنا ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح، ووجهه مُبتلٌ طيناً وماءً) [أخرجه البخاري 2018؛ 2027].

وكف المسجد: أدلف، أي تقطر الماء من سقفه.. وعلى هذا الحديث يستند العلماء أنه لا يُحبذ مسح الوجه بعد الصلاة، حتى لو كانت مغبرة أو عليها طين.



مصدر هذه الحلقة: المنهاج في شرح صحيح مسلم. تأليف: العلامة شيخ الإسلام الإمام محيي الدين أبي زكريا النووي (621ـ676هـ)/ بيت الأفكار الدولية/ عمان: الأردن؛ الرياض: السعودية (سنة 1421هـ/2000م) هذا الحديث من صفحات 723ـ 727





__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس