عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-09-2010, 05:36 PM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,039
إفتراضي الدعاء فى القرآن

الحمد لله وكفى وسلام على عباده اصطفى وبعد :
هذا كتاب الدعاء فى القرآن .
معانى كلمة الدعاء :
1- الطلب وهو النداء وهو المعنى الأشهر ومن أمثلة الآيات التى ورد فيها بهذا المعنى قوله تعالى بسورة القمر "فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر "وقوله بسورة الأعراف "فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين "
2-البلاغ وهو إبلاغ كلام الله ومن أمثلة الآيات التى ذكر فيها هذا المعنى قوله بسورة الأنبياء "ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون "وقوله بسورة الأعراف "وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم ".
4-العبادة وهو طاعة معبود سواء كان الله أو غيره ومن أمثلة قوله بسورة الأعراف "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم "وقوله "والذين تدعونه من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون ".
5-القول الشاكر والمراد القول الذى يظهر به الإنسان طاعته لله ومن أمثلة الآيات التى وردت فيها الكلمة بهذا المعنى قوله بسورة يونس "دعواهم فيها سبحانك اللهم".
الألفاظ التى لها نفس معنى الدعاء :
إن المعنى المراد لكلمة الدعاء فى الكتاب هى الطلب وتحديدا طلب الإنسان من الإله وهذا المعنى عبر الله عنه فى القرآن بألفاظ عدة هى :
-النداء كما فى قوله بسورة الأنبياء "وزكريا إذ نادى ربه "و"وأيوب إذ نادى ربه ".
-السؤال كما بقوله بسورة إبراهيم "وأتاكم من كل ما سألتموه "وقوله بسورة طه"قد أوتيت سؤلك يا موسى "ومما ينبغى قوله أن الدعاء نداء لأنه يخاطب شىء- ليس كالأشياء- هو الله والدعاء سؤال لأنه طلب لشىء من الله .
-الاستغاثة كما بقوله بسورة الأنفال "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ".
-ذكر الله كما بقوله بسورة الأعراف "واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ".
الاستجابة والدعاء :
من الأخطاء الشائعة الاعتقاد بأن معنى لفظ الإجابة أى الاستجابة هو تحقيق الله لما طلب الداعى والحق هو أن اللفظ له عدة معانى هى :
-الإثابة كما بقوله بسورة البقرة "أجيب دعوة الداع إذا دعان "أى أثيب طاعة الطائع إذا أطاعنى .
-القبول وهو تحقيق طلب الداعى كما بقوله بسورة الأنبياء "فاستجبنا له "أى فتقبلنا طلبه "وهناك معانى أخرى للفظ فى القرآن ليس لها صلة بموضوع الدعاء إلا كون الدعاء واحد منها والمعنى المراد الطاعات فالدعاء طاعة ومن ثم فالدعاء على قسمين مقبول أى مجاب وممنوع أى مرفوض لا يتحقق .
أشكال الدعاء :
إن الدعاء له أشكال أى أنواع حسب الصوت هى :
1-الدعاء الخفى وهو الدعاء فى النفس دون إظهار القول ومن الآيات الذى ذكر فيها هذا النوع قوله بسورة مريم "إذ نادى ربه نداء خفيا "وقوله بسورة الأنعام"تدعونه تضرعا وخفية ".
2-الدعاء التضرعى وهو الدعاء الجهرى الذى يظهر القول والدليل على وجوده هو قوله بسورة الأنعام "تدعونه تضرعا وخفية "وقد أمرنا الله بالنوعين فى قوله بسورة الأعراف "واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول "فهنا طلب منا ذكره فى النفس تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول والمراد أن ندعوه سرا وعلنا والعلن المراد به عدم تعلية الصوت التعلية المحرمة وإنما هو صوت خافت خفيض والدليل أيضا أن زكريا (ص)دعا الله خفية أى فى نفسه بدليل قوله بسورة مريم "إذا نادى ربه نداء خفيا "والدليل أن الكفار هم الذين يدعون الله تضرعا أى جهرا وخفاء بدليل قوله بسورة الأنعام "قل من ينجيكم كم ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية "إذا فهناك شكلين للدعاء :العلنى الجهرى والسرى الخفى .
الدعاء فى كل وقت:
إن الدعاء ليس له وقت محدد وإنما كل الوقت صالح لكى يدعو الإنسان فيه والدليل هو أن الله طلب من رسوله (ص)الأتى أن يذكره أى يدعوه فى نفسه رهبة منه سواء كان ذلك فى الغدو أى النهارات أو فى الأصال وهى الليالى وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال " .
السحر ودعاء الاستغفار :
لقد خصص المسلمون وقت محدد من اليوم لنوع معين من الدعاء والوقت هو السحر وهو أحد أجزاء الليل وأما النوع فهو الاستغفار أى طلب الغفران من الله والمراد طلب العفو من الله كى يترك عقابنا على ما ارتكبناه من الذنوب والآثام وللاستغفار صيغ كثيرة منها :اغفر لنا ،اعفو عنا وارحمنا ،واسترنا ،تب علينا ،اصفح عنا وهذه الحقيقة أتت فى سورة آل عمران "الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار "وقوله بسورة الذاريات "وبالأسحار هم يستغفرون "والاستغفار نافع فى كل وقت وليس وقت السحر فقط ما دامت النية خالصة لله.
رد الله على الدعاء :
إن الدعاء يرد الله عليه بأحد ردين :
1-أن يقبل الدعاء والقبول معناه تحقيق ما طلبه الداعى كما قال بسورة الأنعام "فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ".
2-أن يرفض الدعاء والرفض معناه عدم تحقيق ما طلبه الداعى أى منع المطلوب عن الطالب وقد بين الله لنا الردين فى قصة واحدة هى قصة ابنى آدم(ص)القتيل والمقتول فكل منهما عندما قرب إلى الله قربانه دعا الله بما يريد فكانت النتيجة هى أن أجاب دعاء أحدهما ورفض دعاء الأخر وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "واتل عليهم نبأ ابنى أدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر ".
أسباب رد الدعاء :
إن أسباب رفض الله لبعض الأدعية هى :
1-السؤال عن الأشياء التى إن ظهرت للناس أساءتهم أى أحزنتهم وغمتهم وقد نهانا الله عن السؤال عن الأشياء الفعالة فى النفس بالضرر والأذى فقال بسورة المائدة "يا أيها الذين أمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "
2-السؤال بجهل أى السؤال عن ما ليس للإنسان به علم أى طلب المحرمات وقد نهى الله نوح(ص)-ونحن أيضا- عن السؤال عن ما ليس له به علم فقال بسورة هود"فلا تسألن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين "وكان نوح(ص)قد دعا الله طالبا منه طلبا محرما هو إدخال ابنه الجنة رغم أنه كافر وفى ذلك قال بسورة هود على لسان نوح(ص)"ونادى نوح ربه فقال رب إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين "ومن أمثلة طلب المحرمات طلب إدخال مسلم النار وطلب اللعنة للمسلمين وطلب الرحمة للكافرين .
3-سؤال المستحيلات والمراد طلب أشياء ممنوعة منعا تاما ومن أمثلة هذه الممنوعات إنقاص العمر وزيادته ومشاهدة الملائكة والرب .
الاستغفار للكفار :
من الأخطاء التى وقع فيها البشر أنبياء (ص)وغيره الخطأ التالى :
استغفارهم للكفار أى طلب المغفرة للكفار خاصة الأقارب وهذا الخطأ يحدث من المسلمين نتيجة الصراع النفسى الشديد حيث لا تتقبل النفس مثلا أن يكون الابن أو الأب أو البنت أو الأم فى النار وكذلك لا تتقبل النفس أن يكون مثلا القريب أو الصديق الكافر فى النار وهذا الرفض النفسى يجعل الإنسان يتصور ويتخيل أن الدعاء قد يفيد الأب أو الابن أو الأخ أو القريب الأخر أو الصديق فيجعله يدخل الجنة بدلا من النار
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس