عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-12-2010, 08:44 PM   #24
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
Question

بسم الله الرحمن الرحيم
من جميل ما يكتبه الواحد منا أن الموضوع يُعاد النظر إليه بعد أكثر من عام على قراءته ، ويجد القارئ فيه إضافات كانت غائبة عنه ، سواء لتعلقها بواقع لا ينفك عنها ، أو لاستبطانها العديد من دخائلنا .
والذي أراه عندما انتهيت من قراءة هذه الأسطر منذ دقائق قليلة هو أننا نرى مصداق العلاقة شبه العكسية بين الكلام والإنصات في هذا الواقع الدولي والسياسي .
.. في أيام المد القومي العربي ، أيام الاشتراكية الزاهية كثر الكلام عن الثوريين ونضالاتهم المسلحة من أجل إحقاق الحقوق إلى أصحابها ..حقوق الطبقة الكادحة والعمال ، والإنتاج الوطني والعديد من الشعارات كانت لا تفارق الآذان ، كذلك الشعار الذي يبول الواحد منا من الضحك عند سماعه إلقاء إسرائيل في البحر وإزالتها من الخريطة ...
بينما الواقع الذي كان معيشًا آنذاك مخالفًا له ، فالثوريون كانوا (ثيرانًا) وليس ( ثوارًا)كانوا هم أبناء الطبقة الكادحة من أجل ترسيخ دعائم الحكم وإصمات وتكميم أفواه (أعداء النظام) الذين كانوا أكثر وطنية منهم . وكانوا في الوقت نفسه أكثر غنى من الإقطاعيين في كثير من الأحايين ليس لهم إلا مسكنًا ينتهبوه عن ذات اليمين وآخر يرتهنوه عن ذات الشمال ليعطوه لموظف عادي ليقال عنهم أعادوا الحقوق إلى أهلها ،بينما سياراتهم الفخمة والطائرات التي تقلهم مصنوعة في دول غربية !
كثر الحديث عن (من الإبرة إلى الصاروخ) في إعلامنا المصري آنذاك وأهل (الثقة ) حتى جاءت نكسة الخامس من يونيو لتفضح كل هذه الادعاءات الزائفة وتمزقها ، بينما لم تكن الدولة الصهيونية لتتبجح بما تحقق من إنجازات ،واكتفت بالنهب في صمت .
ولكن يبدو أن العرب جرب ، فأصابت اليهود عدوى الغرور والثرثرة والحديث عن الجيش الذي لا يقهر والحصون التي لا تدك أبدًا ...و....و.... الوقت الذي استفدنا فيه مما صار لنا ، فأتقنا فن الصمت وأبدينا عكس ما كان فينا من قوات حقيقية ادخرت إلى يوم المعركة الحقيقي
لم نقل سنفعل ونفعل و نحن الأقوى والأشد قوة .. وكان لنا ما كان
***
كذلك الولايات المتحدة حينما ظنت العراق نزهة عكسرية وغرها سرعة استسلام الجيش النظامي بسبب الخيانة ووجدت من بعدها أنها نزهة إلى بساتين الموت ، واتضحت في النهاية حقيقة إفك هذه المزاعم خاصة عندما كانت حركات المقاومة متحدة لم تدخلها شوكة عملاء (صحوات الأنبار) وعلم الناس حينها مدى ضعف الجيش الأميريكي والإعداد الهزيل للمحارب ،وعدم دقة المعلومات ..وبينما التزم المجاهدون الأفغان الصمت حيال ما يجري لهم طيلة 9سنوات وتبجحت الولايات المتحدة بالتفوق اللانهائي لها في أفغانستان إذ اشتعلت قنبلة الجهاد في وجوههم لتفضح كذلك إفك هذه المزاعم عن القوة الموحدة في العالم .والوضع ذاته في الكيان الصهيوني أيام حربي لبنان وغزة الذي يبدو أن عدوى(جرب) التصريحات العربية (أصابته ) ليجر أذيال الهزيمة رغم قلة خسائره بالمقارنة بمن حاربهم ..
والأمثلة كثيرة ،بل إنه لما قال الصديق رضي الله عنه يوم حنين لن نغلب اليوم عن قلة أراهم الله أول المعركة ما كاد أن يُهزموا بسببه .
***
ومرة أخرى نرى مصداق هذا القول في الواقع المحلي الذي تكثر فيه الدعايا الانتخابية والإعلامية الفارغة ودولة المؤسسات ليكشف العالم الخارجي إفك هذه المزاعم وركاكة هذا النظام كله ، والوضع ذاته قس عليه كثيرًا من الجوانب ، كالفضائح المنهالة على الولايات المتحدة بسبب انتهاكاتها الدنيئة لحقوق السجناء في جوانتنامو وباجرام وغيرهما .
***
وفي المقابل وبالصمت الموازي لذلك نرى اقتصاديات آسيا تتحرك بمعدلات نمو أسرع وأكثر أمنًا ، الصين واليابان على اختلافهما الجذري إلا أن الذي يجمعهما هو الاتزان في الخطاب الإعلامي الدولي ، قلة الجعجعة المتعلقة بالطموحات المستقبلية والإنجازات التكنولوجية ، وكانت دورة بيجين وثيقة هذا العمل الدءوب الصامت .
إنها دول لها غايات وأهداف واضحة ، لهذا فهي ليست كالطفل في مرحلة نموه اللغوي المسماة بمركزية الذات أو الأنا والتي يفكر فيها الطفل بالكلام أي يذكر كل ما يدور في ذهنه آنيًا ،فإذا فتشت ما بذهنه وجدته هراء في هراء .
لهذا فعند استرجاع الأساطير(الإعلامية) خاصة أسطورة ألف ليلة وليلة التي كنا نشاهدها صغارًا كان مما يحسب لشهريار-بوركت رجاحة عقله - أنه لما أدركه الصباح سكت عن الكلام المباح وليس كلام الوقاح ..وعجبي !

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس