رأتهــا قـد تخلصـت مـن هـذا (الوبـاء المخيف ) ، ولـم تعـد تحمـل هـمّ ( البوليس السري ) ، ولا ( عناصـر المخابـرات ) ، ولا ( مباحث أمـن الدولة ) !
وأخرجـت من ذاكرتـها تلك الصـور البشعـة لمـن ترميهـم سراديب التعذيـب جثـثاً مشوَّهـة ، كما رُميـت جثـة الشهـيد سيـّد بلال بعد تفجير كنيسة الإسكندرية ، وما نقمـوا منه إلاّ أنـَّه سلفيُّ ملتـح أفرغـوا في جسده الطاهـر المتوضئ ، أحقـاد نفوسهم الساديـّة المريضـة !
عندما رأت تلك الشعـوب تخلّصت من خوفها ، ثـمّ انطـلقت تسبـح في فضـاء الحريـّة العـبق ، وتتنفَّس هـواء الأمـن المبهـج النقـيّ ، فعاشت حياة البشـر الحقيقية ، لاحيـاة الفئـران المحبوسـة في مجاري الصـرف الصحـي ، تأكل من فضــلات صاحـب القصـر وحاشـيته !
علمت أنَّ الأوان قـد آن لتكسـر هـي أيضـا قيـود الخـوف ، وتحطِّـم أغـلال الرَّهـَب ، لتذوق طعـم الحيـاة ، ولتمـلأ صدرهـا مـن عـطر الكرامة الإنسانـية .
نعـم لقـد أيقنـت شعوبنا اليوم أنها تعيش هذه المصائـب الثلاث :
حكـم الطغـاة ، الذي استتبعـه وهو لازم لـه :
تزييف الوعي ، و(وباء الخـوف الشامـل) ، وهمـا اللذان شـلاَّ دور الشعـوب تماما ، وأهدرا حقوقـها ، ومرغـَّا كرامـتها في الرغـام .
ثـم بعدما تراكـم هذا اليقيـن (كمَّـا) فـي عقـول الشعـوب ، ونفوسهـا ، كان لابد أن يتبعـه التغيـير ( كيـفاً ) ، ليس إنطلاقـا من ( الجدلية التاريخية ) ، ولكن إيمـانا بسنن الله تعالى الكونيـّة القرآنيـة .
ففرعون طغــا ، ( إذهب إلى فرعون إنّه طغى ) ، وزيّف الوعي ( استخفَّ قومه ) ، ونشـر الخـوف : ( قال سنقتّل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنـّا فوقهم قاهرون ) .
فكان عاقبـته : ( فأخذناه وجنوده فنبذناهـم فـي اليــم فانظـر كيف كان عاقبة الظالمـين ) .
وكمـا تتشابه نفوس ووسائل الظالمين في كلِّ عصـر ، تتشابه العواقـب .
فيا أحـرار العالـم العربي اتحّـدوا ، لتطلقوهـا ثورة عارمـة ،
إلـى أن يُلقـى فراعـنة النظـام العربـي في اليـم ، ليلقيهـم اليـم في مزبلـة التاريـخ ، حيث يلتـقون هنـاك بفرعـون ، وهامان ، وقارون .
ولنتخلـّص من هذه الطواغيـت الجاثمـة ، وكلابهـا السائمـة ،
اللهـم اجعـل لأمّتنـا الكريمة ، من كلِّ طاغيـة فرجا ، ومن كلّ فتـنـة مخرجـا ، واهدها إلى دينـك القويـم ، شرعـة ومنهـجا آمين
والله المستعان ، وهو حسبنا ، عليه توكّـلنا ، وعليه فليتوكـّل المتوكّـلون
حامد بن عبدالله العلي