مـا إن انتهى التاريخ من تلاوة ما تـلى ، حتـّـى علت التاريـخ نفسـه الرحضـاء ، من قبـح ما رأى ، ومن سـوء ما سمـع ، وأخذتـه الدهشـة ، وتغشّـاه الذهـول !!
ثـمَّ أخـذ يقلـّب في صفحاته في غابـر الدهـور ، وخالي العصـور ، هل فيها مثل إجـرام هذا الفرعـون المتجبـّر ، والطاغية المتكـبّر ، فلـم يجد له نظيـرا في الطغيـان ، ولم يـر له مثيـلا في جرائـم بني الإنسـان !!
فرفع التاريخ رأسه إليه ، وألقـى ببصـره عليه ، متحيـّرا ، متعجبـا : أهذا إبليس أكفـر من كفـر ، أم الشـرّ بعينه تجسَّـد في هيئـة البشـر ؟!!
ولما كان التاريخ لايظلم مثقال ذرة ، ذهـب ليفـتح من كتاب التاريـخ صفحة ما لـه ، بعدما فرغ ممـا عليـه ،
فرفع فرعـون رأسه من قفص الإتهـام ، وأخـذ يتطاول ليرى علّـه يجـد حسنة ، أو يسمـع خيـرا فعلـه للأنام !
وكذلك فعـل الحضـور في قاعة محكمة التاريـخ ، ومرت لحظـات خيـّم عليها سكونٌ عجـيب ،
وحينئـذٍ .. رفع التاريخ ما يُكتـب فيه الحسنـات ، ومـا تُرقـم فيه الخيـرات ،
فإذا فيـه سطـرٌ واحـدٌ فحسـب :
الخير الوحيـد ..!!
الذي كان يمكن أن يفعله هـو أن يمتثـل لـ :
إرحــل
لكنه لم يفعــل !!
ثـمَّ .. رُفعـت الجلسـة للنطق بالحكـم
وبعد المداولة بين التاريخ ، والحقيقة ، والعدالة ، صدر الحكـم التالي على فرعـون :
يُلقـى في الدرك الأسـفل مـن مستنقع حثالة التاريخ ،
وذلك أنَّ مزبلة التاريخ قـد أرسـلت _ مسبقـا _ لهيئـة المحكـمة معتذرة عن إستقباله !!
وتـمَّ تنفيـذ الحكـم .. وفرح الشعب وصاح : يحيا العـدل
وذهبت هيئة محكمة التاريخ ..
ريثـما تُعقد جلسة الحكم للطاغية التالـي
الذي سيكـون بإذن الله تعالى :
طاغيـة ....
والله المستعان وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فلتيوكـّل المتوكّـلون .
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي