عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-03-2011, 11:21 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

خَصائِصُ (كانَ)

تختصُّ (كان) من بينِ سائرِ أخواتها بستَّةِ أشياءَ:


1ـ أنها قد تُزادُ بشرطينِ: أحدهما أن تكونَ بلفظ الماضي، نحو: ((ما (كان) أصحَّ عِلمَ من تقدَّمَ؟)). وشذت زيادتها بلفظ المضارع في قول أُم عَقيل ابن أبي طالب:


أَنتَ (تَكُونُ) ماجِدٌ نَبِيلٌ

إذا تَهبُّ شَمْأَلٌ بَليلُ

والآخر أن تكون بينَ شيئينِ مَتلازمينِ، ليسا جاراً ومجروراً. وشذَّت زيادتُها بينهما في قول الشاعر:


جِيادُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسَامَى

على (كانَ) المُسَوَّمَةِ العِرابِ

وأكثرُ ما تزادُ بينَ (ما) وفعلِ التَّعجُّبِ، نحو
((ما (كان) أعدلَ عُمرَ!)) . وقد تُزادُ بينَ غيرهما ومنه قولُ الشاعر: (وقد زادّها بينَ "نِعْمَ" وفاعلها).

ولَبِسْتُ سِرْبالَ الشبابِ أَزورُها

وَلَنِعْمَ (كانَ) شَبيبَةُ المُحتالِ

وقولُ بعضِ العرَبِ: (وقد زادّها بين الفعل ونائب الفاعل) وَلَدتْ فاطمةُ - بنتُ الخُرْشُبِ الكَمَلةَ من بني عَبْس، لم يُوجَدْ (كانَ) مِثلُهُم، وقول الشاعر: (وقد زادَها بينَ المعطوف عليه والمعطوف):


في لُجَّةٍ غَمَرَتْ أَباكَ بُحُورُها

في الجاهِلِيَّة (كانَ) والإِسلامِ
[فاطمة بنت الخُررشب: هي فاطمة الأنمارية، ولدت لزياد العبسي. والكَمَلَة: (جمع كامل) وهم ربيع الكامل، وقيس الحافظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وقد قيل لها أي بنيكِ أحب إليكِ؟ فقالت: ربيع، بل عمارة، بل قيس، بل أنس، ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، والله إنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟ والخُرشب: الغليظ الجافي، والطويل السمين].

وقول الآخر: (وقد زادَها بينَ الصفة والموصوف):


في غُرَفِ الجَنَّةِ العُلْيا التي وَجَبَتْ

لَهم هُناكَ بِسَعْيٍ (كان) مَشكور
(واعلم أن (كان) الزائدة معناها التأكيد، وهي تدل على الزمان الماضي. وليس المراد من تسميتها بالزائدة أنها لا تدل على معنى ولا زمان، بل المراد أنها لا تعمل شيئاً، ولا تكون حاملة للضمير، بل تكون بلفظ المفرد المذكر في جميع أَحوالها. ويرى سيبويه أنها قد يلحقها الضمير، مستدلاً بقول الفرزدق):

فكيف إذا مررت بدار قوم

وجيران لنا (كانوا) كرام

2ـ أنها تُحذَفُ هي واسمها ويبقى خبرُها، وكثرَ ذلك بعدَ (أنْ ولو) الشرطيَّتينِ. فمثالُ (إنْ) : (سِرْ مُسرعاً، إن راكباً، وإن ماشياً)، وقولهم (لناسُ مَجزِيُّونَ بأعمالهم، إنْ خيراً فخيرٌ، وإن شرّاً فَشرٌّ)، وقولُ الشاعر:


لا تَقْرَبَنَّ الدَّهرَ آلَ مُطَرِّفٍ

إنْ ظالماً أَبداً، وإِنْ مَظْلوما

وقولُ الآخر:


حَدَبَتْ عَلَيَّ بُطونُ ضَبَّةَ كُلُّها

إنْ ظالماً فيهم، وإنْ مَظلوماً
[ والتقدير: إن كنت ظالماً، وإن كنت مظلوماً]

وقول غيرهِ:


قَدْ قيلَ ما قِيلَ، إِنْ صِدْقاً، وإِنْ كَذِباً

فَما اعتِذارُكَ من قَولٍ إذا قيلا؟!


ومثالُ (لو) حديثُ: (التَمِسْ ولو خاتماً من حديد). وقولهم (الإطعامَ ولو تمراً)، وقول الشاعر:


لا يأْمَنِ الدَّهرَ ذو بغْيٍ، وَلَوْ مَلِكاً

جُنُودُهُ ضاقَ عنها السَّهْلُ والجَبَلُ

3ـ أنها قد تُحذفُ وحدَها، ويبقى اسمُها، وخبرُها، ويعوَّضُ منها "ما" الزائدةُ، وذلك بعدَ "أن" المصدريَّةِ، نحو: "أمّا أنتَ ذا مال تَفتخرُ!"، والأصلُ: (لأنْ كنتَ ذا مالٍ تَفتخرُ!).


(فحذفت لام التعليل، ثم حذفت (كان) وعوض منها (ما) الزائدة وبعد حذفها انفصل الضمير بعد اتصاله، فصارت (أن ما أنت)، فقلبت النون ميماً للإدغام، وأدغمت في ميم (ما) فصارت (أما).


ومن ذلك قول الشاعر:


أَبا خُراشةَ، أَمَّا أَنتَ ذا نَفَر!

فإنَّ قَوْمِيَ لَمْ تأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
[والتقدير: لأن كنت ذا نفر افتخرت علي أو هددتني، لا تفتخر علي، فإن قومي لم تأكلهم الضبع. وأراد بالضبع السنة المجدبة مجازاً، أو الضبع حقيقة، فيكون الكلام كناية عن عدم ضعف قومه، لأن القوم إذا ضعفوا عاثت فيهم الضباع]

4ـ أنها قد تُحذَف هي واسمها وخبرُها معاً، ويَعوَّضُ من الجميع (ما) الزائدةُ، وذلك بعد (إن) الشرطيةِ، في مثل قولهم: (افعل هذا إِما لا).

((والأصل (افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره). فحذفت (كان) مع اسمها وخبرها وبقيت (لا) النافية الداخلة على الخبر، ثم زيدت (ما) بعد (أن) لتكون عوضاً، فصارت (إن ما)، فأدغمت النون في الميم، بعد قلبها ميماً، فصارت (إما) )).

5ـ أنها قد تُحذَفُ هي واسمها وخبرُها بلا عِوَضٍ، تقولُ: (لا تعاشر فلاناً، فانه فاسدُ الاخلاقِ)، فيقولُ الجاهلُ: (أني أُعاشرُهُ وإن)، أي: وإن كان فاسدَها، ومنه:


قالَتْ بَناتُ الْعَمِّ: يا سَلْمَى، وإنْ

كان فَقيراً مُعْدِماً؟! قالَتْ: وإنْ

تُريدُ: إني أَتزَوَّجهُ وإن كان فقيراً مُعدِماً.


6ـ أنها يجوزُ حذفُ نونِ المضارع منها بشرط أن يكون مجزوماً بالسكون، وأن لا يكونَ بعده ساكنٌ، ولا ضميرٌ متصلٌ. ومثال ما اجتمعت فيه الشروطُ قولهُ تعالى: {لم أكُ بَغِيّاً}، وقول الشاعر:


ألَمْ أَكُ جارَكُمْ ويَكونَ بَيْني

وبَيْنَكُمُ الْمَودَّةُ والإِخاءُ

والأصلُ: (ألمْ أكنْ). وأما قولُ الشاعر:


فإن لم تَكُ المِرآةُ أبدَت وسَامَةً

فَقَدْ أَبدَت المِرآة جَبْهَةَ ضَيغَم
[ الضيغم: الأسد، وأصله يعض، من ضغمه ضغماً، إذا عضه]

وقول الآخر:
إذا لَمْ تَكُ الحاجاتُ مِنْ هِمَّة الْفَتَى

فَلَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْكَ عقْدُ الرَّتائِم
[الرتائم: جمع رتيمة، وهو خيط رفيع يعقد في الإصبع للتذكير]

فقالوا: انه ضرورة. وقال بعضُ العلماءِ: لا بأسَ بحذفها إن التقت بساكن بعدَها. وما قوله ببعيدٍ من الصواب. وقد قُريءَ شُذوذاً: {لم يَكُ الذينَ كفروا}.



خصوصيَّةُ (كانَ ولَيْسَ).

تختصُّ (ليسَ وكانَ) بجوازِ زيادةِ الباء في خبريهما، ومنهُ قولهُ تعالى: {أليسَ اللهُ بأحكمِ الحاكمين}. أما (كان) فلا تزادُ الباءُ في خبرها إلاّ إذا سبقها نفيٌ أو نهيٌ نحو: (ما كنتُ بحاضرٍ) و (لا تكنْ بغائب)، وكقول الشاعر:


وإن مُدَّتِ الأَيدي إلى الزَّادة، لَمَّ أَكُنُ

بأَعْجَلهمْ، إِذْ أَجْشَعُ الْقَوْمِ أَعجَلُ

على أنَّ زيادةَ الباء في خبرها قليلةٌ، بخلافِ (ليس)، فهي كثيرة شائعة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس