وبصرف النظر عما إذا كان ضم كل من الطرفين إلى الآخر يعبر عن حقيقة نفسية أو فكرية ذات شأن أو لا يعبر ،؛ففي الصورة الأولى مثلاً يبحثب الشاعر لزهرة النرجس النضيرة عن شبيه فلا يجد سوى مداهن الدر المحشوة بالعقيق ، فلا نحسّ أن ثمة رابطًا بين الطرفي نسوى الشكل واللون ، أي أن الصورة ببساطة لا تخاطب أبعد من حواسنا ، وأنها لا تحمل من الرصيد الشعوري والنفسي قدر ما تحمل من التشابه الحسي ، فإذا تركنا الصورة الأولى إلى الثانية وجدنا الخطب فيها أفدح حيث قادت الشاعر نزعته إلى البحث عن التشابه الحسي إلى هذه الصورة التي تنم عن ذوق سقيم ، والتي جمع فيها بين أكثر الأشياء تنافرًا وتباعدًا من ناحية الوقع النفسي لمجرد تشابهها في الشكل أو في اللون والشكل –وليس ثمة ما يجمع السماء المظلمة والثياب السوداء سوى اللون الأسود ، وكذلك ليس ثمة ما يجمع بين الثريا المتلألئة والقدم سوى الشكل واللون الأبيض. والأمر في الصورة الثالثة ليس أقل سقمًا .فالجمع بين التموجات المقوسة التي تحدثها الريح على وجه مياه الغدران من ناحية ، والحواجب التي تمتد وتمط من ناحية أخرى لمجرد تشابههما في الشكل قد أنتج هذه الصورة المضحكة الغريبة.
في هذه الصور الثلاث لا نحس أن وراء التشابه الحسي بين أطرافها أي رصيد شعوري أو نفسي ، وهو ما ينبغي أن يكون غاية كل صورة شعرية.