عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-06-2011, 09:01 AM   #124
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3ـ أحوالُ اسمِها وخَبرِها

وقد يُحذَفُ اسمُ (لا) النافية للجنس، نحو: (لا عليكَ)، أي: لا بأسَ، أو لا جناحَ عليك. وذلك نادرٌ.


والخبرُ إِن جُهِلَ وجبَ ذكرُهُ، كحديث: (لا أحدَ أغيرُ من الله) . وإذا عُلمَ فحذفُه كثيرٌ، نحو: (لا بأسَ)، أي لا بأس عليك، ومنه قوله تعالى: {قالوا لا ضَيرَ، إنّا إلى ربنا مُنقلبون}، أي: لا ضَيرَ علينا، وقوله: {ولو تَرى إِذْ فَزِعوا، فلا فَوْتَ}، أي: فلا فَوتَ لهمْ.

وبَنو تَميمٍ والطائِيونَ من العربِ يَلتزمون حذفَهُ إذا عُلم. والحجازيُّون يُجيزون إثباتَهُ. وحذفُه عندهم أكثرُ. ومن حذفه قوله تعالى: {لا إلهَ إلاّ اللهُ} أي: لا إلهَ موجود.

ويكونُ خبرُ (لا) مُفرداً (أي: ليس جملةً ولا شِبهَها)، كحديث: (لا فقرَ أشدُّ من الجهلِ، ولا مال أعزُّ من العقل، ولا وَحشةَ أشدُّ من العُجبِ) وجملةً فعليةً، نحو: (لا رجلَ سوءٍ يُعاشَرُ)، وجملةً اسميةً نحو: (لا رَضيعَ نَفسٍ خُلقهُ محمودٌ)، وشبهَ جملة (بأن يكون محذوفاً مدلولاً عليه بظرفٍ أو مجرورٍ بحرف جرٍّ يَتعلقانِ به، فيُغنيانِ عنه) كحديث: (لا عقلَ كالتدبير، ولا ورَعَ كالكَفّ، ولا حَسَبَ كحُسنِ الخلُق) وحديث: (لا إيمانَ لِمنْ لا أمانةَ لهُ، ولا دينَ لِمن لا عَهدَ له).


واعلم أنَّ النحاة اعتبروا أنَّ (لا) النافيةَ للجنس واسمَها في محلّ رفع بالابتداء، فأجازوا رفعَ التابعِ لاسمِها، نحو: (لا رجلَ في الدار وامرأةٌ) و (لا رجلَ سفيهٌ عندنا).


(فالمعطوف والنعت رفعا على أنهما تابعان لمحل (لا واسمها)، لأن محلهما الرفع بالابتداء. وقد اضطرهم الى هذا التكلف أنه سمع من العرب رفع التابع بعد اسمها فتأولوا رفعه على ما ذكرنا).


4ـ أحكامُ (لا) إذا تَكَرَّرَت


إذا تكرَّرت (لا) في الكلام، جاز لك أن تُعمِلَ الأولى والثانية معاً كإنَّ، وأن تُعمِلَهما، كليسَ، وأن تُهمِلهما، وأن تُعملَ الأولى كإن أو كليْس وتُهمِلَ الأخرى، وأن تُعمِلَ الثانية كإنَّ أو كليس وتُهملَ الأولى.


ولذا يجوز في نحو: (لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ) خمسةُ أوجهٍ:


أ ـ بناءُ الاسمين، على أنها عاملةٌ عملَ (إنَّ) نحو: (لا حولَ ولا قوةَ إلاّ باللهِ).


ب ـ رفعُهُما، على أنها عاملةَ عملَ (ليس)، أو على أنها مُهملةٌ، فما بعدها مبتدأٌ وخبر، (لا حولٌ ولا قوَّةٌ إلاّ بالله) ومنه قول الشاعر:


وما هَجرْتُكِ، حَتَّى قُلتِ مُعْلِنَةً

لا ناقةٌ لي في هذا ولا جَملُ
ج ـ بناءُ الأوَّلِ على الفتح ورفعُ الثاني، نحو: (لا حولَ ولا قوَّةٌ إلاّ باللهِ)، ومنهُ قولُ الشاعر:

هذا، لَعَمْرُكُم، الصَّغارُ بِعَيْنِهِ

لا أُمَّ لي، إنْ كانَ ذاكَ، ولا أبُ

د ـ رفعُ الأولِ وبناءُ الثاني على الفتح، نحو: (لا حولٌ ولا قوةَ إلا باللهِ)، ومنه قول الشاعر:


فلا لَغْوٌ ولا تَأْثيمَ فيها

وما فاهُوا بهِ أَبداً مُقتمٌ

هـ ـ بناءُ الأولِ على الفتح ونصبُ الثاني، بالعطف على محلّ اسم (لا)، نحو:

(لا حولَ ولا قوةً إلاّ باللهِ) ومنه قولُ الشاعر:

لا نَسَبَ اليَومَ ولا خُلةً

اتسَعَ الخرْقُ على الرَّاقع


5ـ أحكامُ نَعْتِ اسمِ (لا)


إذا نُعتَ اسمُ (لا) النافيةِ للجنس، فإمَّا أن يكون مُعرَباً، وإمّا أن يكون مبنياً.

فإن كان مُعرباً، جاز في نعتهِ وجهانِ: النصب والرفعُ، نحو: (لا طالبَ علمٍ كسولاً، أو كسولٌ، ولا طالباً علماً كسولاً، أو كسولٌ، عندنا). والنصبُ أولى، والرفعُ على أنه نعتٌ لمحلّ (لا واسمها). لأنّ محلها الرفعُ بالابتداء، كما سبقَ.

وإن كان مبنياً فله ثلاثُ أحوالٍ:

أ ـ أن يُنعتَ بمفردٍ مُتَّصلٌ به، فيجوز في النعتِ ثلاثةُ أوجه: النَّصب والبناءُ كمنعوتهِ، والرفعُ، نحو: (لا رجلَ قبيحاً، أو قبيحَ، أو قبيحٌ، عندنا). والنصبُ أولى. وبناؤُهُ لمجاورته منعوتَهُ المبنيَّ.

ب ـ أن يُنعتَ بمفردٍ مفصولٍ بينه وبينهُ بفاصلٍ، فيمتنعُ بناءُ النعت، لِفَقدِ المجاورةِ التي أباحت بناءَه وهو مُتصِل بمنعوتهِ. ويجوز فيه النصبُ والرفع، نحو: (لا تلميذَ في المدرسةِ كسولاً، أو كسولٌ).


ج ـ أن يُنعتَ بمضافٍ أو مُشبَّهٍ به، فيجوزُ في النَّعت النصب والرفع، ويمتنعُ البناءُ، لأن المضافَ والشبيهَ به لا يُبنيانِ مع (لا). فالنعتُ المضاف نحو: (لا رجلَ ذات شرّ، أو ذو شرّ، في المدرسة)، والنعتُ المشبَّهُ به نحو: (لا رجلَ راغباً في الشر، أو راغبٌ فيه، عندنا).

تم الجزء الثاني بحمد الله
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس