(160)
وقد طور بدر شاكر السياب هذه المحاولة للتعبير عن لون جديد من ألوان الصراع بين الأبعاد المختلفة للرؤية الشعرية ، حيث مزج بين الشكل الموسيقي الموروث والشكل الحر للتعبير عن الصرا ع بين حركتين نفسيتين تمثلان البعدين الأساسيين من أبعاد رؤيته الشعرية في قصيدة"بورسعيد"(142)على حين كانت محاولة جبران بوزنيها في إطار الشكل الموروث .
وقد كتب السياب هذه القصيدة عقب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ،والنسيج الشعوري في هذه القصيدة يتركب من الصراع بين حركتين نفسيتين متقابلتين ، تتمثل أولاهما في الاعتزاز بصمود المدينة الباسلة وانتصارها لى قوى ىلعدوان ، بينما تتمثل الثانية في الإحساس الأليم بمدى فداحة التضحيات التي قدمتها المدينة ثمنًا لهذا النصر ، وقد اختار الشاعر للتعبير عن الحركة الأولى وزنًا كلاسيكيًا جهير الإيقاع هو وزن البسيط واختر الشكل الحر ليعبر من خلاله عن الحركة الثانية ،فحين يغلب على رؤيته الإحساس الأول بما يفيض به من شموخ واعتزاز وحماس يهدر إيقاع البسيبط بما فيه من حماس :
من أيما رئة .. من أي قيثار ِ
تنهل أشعاري ؟
من غابة النار ؟
___________________
(142): ديوان "أنشودة المطر".ص 181