عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-08-2011, 11:35 AM   #136
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

8- شَرْح الظُّرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ وبَيانٌ أَحكامِها

1- قَط: ظرفٌ للماضي على سبيل الاستغراق، يَستغرقُ ما مضى من الزَّمان، واشتقاقُهُ من (قَطَطتُهُ) - أي قطعته - فمعنى (ما فعلتُهُ قطُّ): ما فعلتُهُ فيما انقطعَ من عُمري. ويُؤتى به بعدَ النفي أو الاستفهام للدلالة على نفي جميع أجزاءِ الماضي، أو الاستفهامِ عنها. ومن الخطأ أن يقال: (لا أفعلُهُ قَطُّ)، لأنَّ الفعلَ هنا مُستقبَلٌ، و (قطّ) ظرفٌ للماضي.

2- عَوْضٌ: ظرفٌ للمستقبَلِ، على سبيل الاستغراق أيضاً، يستغرقُ جميعَ ما يُستقبلُ من الزمان.


والمشهورُ بناؤهُ على الضمِّ. ويجوزُ فيه البناءُ على الفتح والكسر أيضاً. فإن أُضيفَ فهو مُعرَبٌ، نحو: (لا أفعلهُ عَوضَ العائضين).


وهو منقولٌ عن العَوْضِ بمعنى الدَّهر. والعَوْضُ في الأصل: مصدرُ عاضهُ من الشيءِ يَعوضُهُ عَوْضاً وعِوَضاً وعِياضاً، إذا أعطاهُ عِوَضاً، أي خلفاً. سُميَ الدهرُ بذلك، لأنه كلما مضى منهُ جُزءٌ عُوَّضَ منه آخر، فلا ينقطعُ.


ويُؤتى بعَوْضُ بعد النّفي أو الاستفهام للدلالة على نفي جميع أجزاءِ المستقبَلِ، أو الاستفهام عن جميع أجزائهِ. فإذا قلت: (لا أفعلُهُ عَوْضُ)، كان المعنى: لا أفعلهُ في زمنِ من الأزمنةِ المُستقبلة. وقد يُستَعملُ للزمانِ الماضي.


3- بَيْنا وبَينما: ظرفان للزمانِ الماضي. وأصلهما: (بينَ)، أشبِعت فتحةُ النون، فكان منها (بيْنا). فالألفُ زائدةٌ، كزيادة (ما) في (بَيْنما).
وهما تلزَمانِ الجُملَ الاسمية كثيراً، والفعليّةَ قليلاً. ومن العلماءِ من يَضيفُهما إلى الجملة بعدَهما. ومنهم من يكفُّهُما عن الإضافة بسببِ ما لحقهما من الزيادة. وهو الأقربُ، لبُعدهِ من التكلُّف.


وأصلُ (بَينَ) للمكانِ: وقد تكونُ للزَّمان، نحو: (جئتُ بينَ الظهر والعصر). ومنه حديثُ: (ساعةُ الجُمعةِ بينَ خروجِ الإمامِ وانقضاءِ الصلاة). وإذا لحقتها الألف أو "ما" الزَّائدتانِ، اختصّتْ بالزمان، كما تقدَّم.

4- إذا: ظرفٌ للمستقبَل غالباً، مَتَضمنٌ معنى الشرطِ غالباً. ويختصّ بالدخول على الجملِ الفعليّة. ويكونُ الفعلُ معه ماضيَ اللَّفظِ مُستقبَلَ المعنى كثيراً؛ ومضارعاً دونَ ذلك. وقد اجتمعا في قول الشاعر:

والنَّفْسُ راغبةٌ إِذا رَغَّبْتَها

وَإِذَا تُرَدُّ إِلى قليلٍ تَقْنَعُ

وقد يكونُ للزمان الماضي، كقوله تعالى: {وإذا رأَوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها}.


وقد يتجرَّدُ للظرفية المحض، غيرَ مُتَضمنٍ معنى الشرط، كقوله تعالى: {والليل إذا يَغشَى، والنهارِ إذا تَجلّى}، وقولهِ: {واللَّيلِ إذا سَجى.


5- أَيَّانَ: ظرفٌ للمستقبل. يكونُ اسمَ استفهام، فَيُطلَبُ به تعيينُ الزَّمانِ المستقبل خاصةً. وأكثرُ ما يكونُ في مواضع التَّفخيم، كقوله تعالى: {يَسألُ أَيانَ يومُ الدِّين؟}. ومعناهُ: أَيُّ حينٍ؟ وأصلُهُ: (أيُّ آنٍ) فَخُفِّفَ، وصارَ اللفظانِ واحداً.
وقد يتضمّنُ معنى الشّرط، فيجزمُ الفعلين، نحو: ( أيَّانَ تجتهدْ تَجدْ نجاح).


6- أنّى: ظرفٌ للمكان. يكونُ اسمَ شرطٍ بمعنى (أَينَ)، نحو: (أنّى تَجلسْ أجلسْ)، واسمَ استفهامٍ عن المكان، بمعنى (من أينَ؟)، كقوله تعالى: {يا مريمُ أنّى لكِ هذا؟} أي: (من أينَ)، ويكون بمعنى "كيفَ؟، كقوله سبحانهُ: {أنّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتها؟} أي: (كيفَ يُحييها؟). ويكونُ ظرفَ زمانٍ بمعنى (متى؟)، للاستفهام، نحو: (أنّى جئتَ؟).


7- قَبلُ وبعدُ: ظرفانِ للزمانِ، يُنصبَانِ على الظّرفيّة أو يُجرَّانِ بمن، نحو: (جئتُ قبلَ الظهر، أو بعدَهُ، أو من قبلهِ، أو بعدهِ).


وقد يكونانِ للمكان نحو: (داري قبلَ دارِك، أو بعدَها).

وهما مُعْرَبان بالنّصبِ أو مجروران بمن. ويُبنيانِ في بعض الأحوال وذلك إذا قطعا عن الإضافة لفظاً لا معنًى - بحيثُ يَبقى المضافُ إليه في النية والتّقدير - كقوله تعالى: {للهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ}، أي: من قَبلِ الغلَبةِ ومن بعدها. فإن قُطِعا عن الإضافة لفظاً ومعنًى لقصدِ التّنكير - بحيثُ لا يُنوَى المضافُ إليه ولا يُلاحَظُ في الذهن - كانا مُعرَبين، نحو: (فعلتُ ذلكَ قبلاً، أو بعداً)، تَعني زماناً سابقاً أو لاحقاً، ومنه قول الشاعر:

فَساغَ لِيَ الشَّرابُ، وكُنْتُ قَبْلاً

أكادُ أَغَصُّ بالماءِ الْفُرَاتِ

(واليك توضيح هذا البحث:


إذا أردت قبليّةً أو بعديةً معينتين، عينتَ ذلك بالإضافة، نحو: (جئت قبل الشمس أو بعدها)، أو بحذف المضاف إليه وبناء (قبل وبعد) على الضم، نحو: (جئتك قبلُ أو بعدُ، أو من قبلُ أو من بعدُ)، تعني بذلك: قبل شيء معين أو بعده. فالظرف هنا، وان قُطع عن الإضافة لفظاً، لم يُقطع عنها معنى، لأنه في نية الإضافة.


وان أردت قبليَّة أو بعديه غير معينتين، قلت: (جئتك قبلاً، أو بعداً، أو من قبلٍ أو من بعدِ). بقطعهما عن الإضافة لفظاً ومعنى وتنوينهما، قصداً الى معنى التنكير والإبهام).



8- لَدَى ولَدُنْ: ظرفانِ للمكان والزمان، بمعنى: (عن)، مَبنيّانِ على السكون.
والغالبُ في (لَدُنْ) أن تُجرَّ بمن، نحو: {وعلَّمناهُ من لَدُنّا علماً}. وقد تُنصَبُ مَحلاًّ على الظرفيّة الزمانية، نحو: (سافرتُ لَدُنْ طُلوعِ الشمسِ)، أو المكانيّة، نحو: (جلستُ لَدُنْك).


وإذا أُضيفت إلى ياء المتكلم لَزمتها نونُ الوقاية، نحو: (لَدُنِّي).


وهي تَضافُ إلى المفرد، كما رأيتَ، وإلى الجملة، نحو: "انتظرتُك من لَدُنْ طلعت الشمسُ إلى أن غَربتْ".

وإن وقعت بعدَها (غُدْوَةٌ) نحو: جئتُك لَدُن غُدْوَة) جاز جرها بالإضافة إلى (لَدُنْ). وجاز نصبُها على التَّمييز، أو على أنها خبرٌ لكان المُقدَّرة معَ اسمها. والتقديرُ: (لَدُنْ كان الوقتُ غُدوةً) وجاز رفعُها على أنها فاعلٌ لفعل محذوف. والتقديرُ: (لَدُنْ كانت غدوةٌ) أي: (وُجِدتْ). فكان هنا تامّة.

والغالبُ على (لَدَى) النّصبُ محلاً على الظرفيّة الزمانيّة، نحو: (جئتُ لَدَى طُلوعِ الشمس)، أو المكانيّة، نحو: (جلست لَديكَ). وقد تُجرُّ بمن، نحو: (حَضَرتُ من لَدَى الأستاذ).


ولا تقعُ (لَدُنْ) عمدةً في الكلام، فلا يُقالُ: (لدُنهُ عِلم)، بخلافِ (لَدَى) فتقعُ، نحو: (ولَدَينا مَزيدٌ). وكذلك (عند) تقعُ عُمدة، نحو: (عندَك حُسنُ تدبيرٍ).
ولا تكون (لَدى وَلدُنْ) إلا للحاضر. فلا يُقال: (لديَّ كتابٌ نافعُ)، إلا إذا كان حاضراً. أمّا (عند) فتكون للحاضر والغائب.


ولا تُجرُّ (لَدَى ولَدُنْ وعند) بحرف جرّ غيرِ (من)، فمن الخطأ أن يُقال: (ذهبتُ إلى عندهِ). وكثيرٌ من الناس يُخطئُون في ذلك. والصوابُ أن يقال: (ذهبتُ إليه، أو إلى حضرتهِ).


وإذا اتصلَ الضميرُ بِلَدَى انقلبت ألفها ياءً، نحو: (لَدَيه ولديهم ولدينا).

يتبع في هذا المجال
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس