عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-01-2012, 10:35 PM   #5
اقبـال
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2009
المشاركات: 3,420
إفتراضي

وتعتبر مشاركة الجيش العراقي في حرب تشرين حدثا مجيدا في تاريخ الصراع العربي (الإسرائيلي) فلقد تمت هذه المشاركة دون تخطيط مسبق على صعيد القتال أو الشؤون الإدارية ونفذت بشكل سريع ومفاجيء وبمبادرة عراقية بحتة وكانت أطراف عربية تتوقع المشاركة في مثل هذه الظروف رمزية أو محدودة على الأقل لكن العراق دفع إلى ساحة المعركة التي تبعد عن أراضيه أكثر من 1000 كم ثلاثة أرباع قواته الجوية وبدأ يعمل على إرسال المزيد من القوات من مختلف الصنوف وكان تركيزه على الإسراع بإرسال الطيران والدروع نابعة من رغبة القيادة السورية في الحصول على هذين السلاحين قبل أي شيء آخر وبالإضافة للحجم المادي الكبير للمشاركة العراقية فقد كان هناك عامل ثان يتعلق بجوهر العمل العسكري الذي يتأثر عادة بطبيعة التحالفات وشدتها ومن الواضح أن العراق لم يدخل الحرب كبلد حليف ذي مصالح خاصة متطابقة مع المصالح العامة لمجمل حلفائه ويقاتل لتحقيق المصالح الخاصة من خلال تحقيق المصالح العامة ويوازن بين الجهد والربح ولا يقدم للحلف سوى الجهد الأدنى مقابل الربح الأقصى لكنه دخل الحرب كدولة معنية بالصراع العربي (الإسرائيلي) ومستعدة لتقديم كل شيء لإسناد الجهد العسكري والاقتصادي العربي ولذلك تجاهل كل الاعتبارات وتحديدات العمل وإسقاط الحسابات القطرية من اجل تحقيق الهدف القومي الاستراتيجي العام ولو لم يعتبر العراق نفسه طرفا معنيا لا طرفا حليفا فقط لما تمت حركة قواته بزخم وسرعة ولأختفت الطبيعة التصادمية التي اتسمت بها عملياتها والعامل الثالث المهم الذي يميز المشاركة العراقية هو أن القوات البرية والجوية الكبيرة التي دخلت سورية لم تشكل قيادة ميدانية مستقلة بل وضعت نفسها تحت تصرف القيادة السورية مباشرة بغية تسهيل عمل هذه القيادة وإعطائها قدرة ومناورة على زجها في المعركة بأسرع وقت ممكن ولم يكتف العراق بمشاركته العسكرية فقط بل استخدم أيضا سلاحه الاقتصادي ضد كل من ساعد (إسرائيل) في حربها أو شارك فيها وقدم الشعب العراقي إلى الشعب السوري النفط والمساعدات الاقتصادية والاعتدة ودبابات التعويض والأمر الآخر أن العراق وضع في موقف صعب وحرج لأنه لم يكن على علم مسبق بالحرب الأمر الذي جعل القوات المسلحة العراقية تدخل الحرب وفق معطيات وشروط حدت من فعالياتها العسكرية في بعض المواقف رغم الاندفاع والقدرة القتالية العالية التي أظهرتها وباعتراف (الإسرائيليين) أنفسهم وهناك مبدأ معروف بالحروب هو أن فعاليات القوات المسلحة في ساحة المعركة لاترتبط فقط بقوتها وقدراتها وكفاءتها الذاتية لكنها تتعلق أيضا والى حد كبير بالشروط المفروضة عليها خلال العمل ومن التحديدات التي رافقت اشتراك الجيش العراقي في الحرب والتي تم تجاوز معظمها من خلال التعاون والتنسيق بين الجانبين السوري والعراقي :

1. دخل الجيش العراقي الحرب في الجبهة السورية على ارض لم يستطلعها مسبقا ونفذ واجباته من الحركة في معركة تصادمية تعتبر من أصعب أشكال الحروب وأكثرها تعقيدا والحقيقة للتاريخ أن القيادة السورية قدموا تسهيلات ومعلومات سهلت كثيرا على الجيش العراقي مهماته وكان التعاون والتنسيق بين القوات العراقية والسورية في أروع أشكاله لان المعركة كانت واحدة والمصير كان واحدا

2. دخلت القوات العراقية المعركة بعد تنقل طويل حيث قطع مسافة 1200- 1500 كم وهذا بدوره يؤثر بالطبع على راحة الجندي واستعداده البدني ومع ذلك كانت معنويات الجندي العراقي مرتفعة لأنه كان متلهفا لمساندة أشقائه ولمواجهة الجندي (الإسرائيلي) وجها لوجه بثاني معركة مباشرة وواسعة بينه وبين الجندي (الإسرائيلي) منذ حرب 1948

3. كانت القوات العراقية المقاتلة في الجولان تؤمن شؤونها الإدارية عبر بغداد ودمشق ومعروف أن مثل هذه المسافة لها تأثير على وصول الإمدادات الإدارية ورغم هذه المعضلة إلا أن الإرادة والتصميم للقوات العراقية كانت تتخطى هذه المعضلة وتتجاوزها لأنها كانت تنظر للهدف الأسمى والأنبل وهو دحر العدو وإفشال مخططاته

4. دخلت القوات العراقية بسياق عمل يختلف عن سياق عمل القوات السورية لكن تعاون هيئات الركن بكلا الجانبين ذلل كثيرا من المصاعب وأوجد قواسم عمل مشتركة حققت انسيابية مشهودة خلال المعارك

5. تم زج القوات البرية العراقية على الجبهة السورية الضيقة ولم يسمح لها باستخدام مجال عملها الأوسع على الجبهة الأردنية العريضة الأمر الذي حرمها من حرية العمل واختيار مكان الهجمات المقابلة وبالطبع كان هذا التحديد خاضعا لظروف خاصة لا دخل لها فيها

6. كما أثرت ظروف دخول الجيش العراقي لسوريا على حركة القوات المدرعة العراقية وجعلتها تصل الجبهة تباعا وفرضت ظروف المعركة زجها بالتجزئة (بالألوية) بدل زجها بكتلة ضاربة (فرقة أو فيلق) وفق ابسط مباديء قتال الدبابات بالحرب الحديثة وقد أدى هذا لفقدان قوة الصدمة عامي 1974 و 1975 شن الجيش العراقي وقوته الجوية هجوما كبيرا على القوات المتمردة في شمالي العراق بعد رفض الزعامة الكردية آليات تنفيذ قانون الحكم الذاتي للمنطقة الكردية والتي خضعت لتحريض من شاه إيران وإسرائيل حيث أنهت ذلك التمرد المسلح بالقوة والانتقال إلى نوع من العلاقة الإستراتيجية مع إيران على ضوء معاهدة الجزائر عام 1975 (6آذار) وسبق ذلك تشكيل الفرقة الثامنة وعدد من تشكيلات الاحتياط .

شهد الجيش العراقي بعد 1976 تطوراً وتوسعاً في قدراته التنظيمية والتسليحية تماشياً مع الأهداف القومية والوطنية التي أعلنت في تلك المرحلة وجرى التركيز على تنمية قابلية الحركة والمناورة والقوة النارية من خلال الاهتمام بالقطعات المدرعة والآلية في القوات البرية وشكلت الفرقة السابعة وقد طورت ووسعت قوات الحدود كثيرا وعموماً فقد أدخلت أسلحة ومنظومات دفاع جوي وتجهيزات حديثة للخدمة في القوات البرية والبحرية والجوية وتطورت القاعدة التدريبية لصنوف وخدمات الجيش كثيرا .







وكان حجم الجيش عشية دخوله الحرب مع إيران عام 1980 يتألف من اثنا عشر فرقة منها ثلاث مدرعة بعد تشكيل الفرقة المدرعة العاشرة عام 1976 وقوات جوية كبيرة أحتوت على طائرات قاصفة متوسطة المدى نوع ت يو 22 ومقاتلات نوع ميغ 23 وسيخوي نوع 22 روسية ومقاتلات فرنسية نوع ميراج أف 1 وطائرات هليكوبتر روسية نقل ومسلحة نوع مي8 و 17 و 25 وغزال فرنسية ومنظومات دفاع جوي متطورة نوع فولكا وبيجورا والكفدرات وسترلا بمنظومة قيادة وسيطرة نوع فرنسي أما القوات البحرية فقد ضمت زوارق صواريخ وسفن إنزال وسفن حراسة وطائرات هليكوبتر مسلحة فرنسية الصنع .






الحرب العراقية الإيرانية من 1980 –1988



تعتبر من أهم واخطر المراحل في تاريخ القوات المسلحة العراقية حيث شهدت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 سنوات وكانت تجري على ساحة عمليات تمتد من شمال العراق حتى الخليج العربي وعلى حدود بطول 1258 كم وقد امتدت نحو عمق الخليج العربي مسافة 1200 كم أخرى من خلال بعض طائرات القوة الجوية العراقية كطائرات الميراج المتطورة وطائرات الميغ 25 التي دخلت الخدمة خلال الحرب .




علاوة على العمق الإيراني بمسافات تزيد عن 800 كم هذه الحرب الطويلة شهدت اعنف واكبر المعارك في التاريخ الحديث شاركت فيها القوات المسلحة العراقية بمختلف قواتها وصنوفها وخلالها أيضا تطورت قوات الحرس الجمهوري حتى وصلت إلى مستوى جيش أستقر بثماني فرق منها 4 مشاة و 3 مدرعة و1 قوات خاصة كذلك تطور سلاح الصواريخ أرض/أرض إلى مديات بعيدة تجاوزت 650 كم بتطوير ذاتي لمؤسسات التصنيع العسكري الذي توسعت كثيرا خلال وبعد الحرب .






ولمتطلبات ساحة الحرب الواسعة ولمجابهة التهديد الإيراني تم تشكيل العديد من فرق الجيش على مستوى القوات البرية حتى وصل الحجم في نهاية الحرب عام 1988 إلى 57 فرقة معظمها بملاك خاص اغلبها فرق وقتية تضم عناصر احتياط ومجندين مقارنة بسبع وثلاثين لواء قتالي فقط بداية الحرب .



تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 710 * 427 و حجم 116KB.




لقد أكتسب الجيش العراقي خبرات عظيمة خلال هذه الحرب على جميع المستويات الفنية والتنظيمية والقيادية والخبرات القتالية في مجال المعارك التعبوية والعملياتية والإستراتيجية .





بعد انتهاء الحرب في 8 آب 1988 شرعت القيادة العامة للقوات المسلحة بوضع خطة لهيكلية الفرق الوقتية ووضع الخطط لإعادة تنظيم وتسليح وتدريب الجيش بالاستفادة من خبرات الحرب ووضعت بهذه الفترة أسس للعقيدة العسكرية العراقية الجديدة التي تستند على الإستراتيجية الدفاعية التعرضية حيث تدافع القوات المسلحة عن الأراضي الوطنية اتجاه التهديدات المعادية ويمكن أن تتحول إلى العمليات التعرضية لإجهاض نوايا العدو خارج الأراضي الوطنية .
اقبـال غير متصل   الرد مع إقتباس