عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-02-2012, 11:22 AM   #164
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( حروف الجر )


حروفُ الجرِّ عشرون حرفاً، وهي: (الباء ومِن وإلى وعن وعلى وفي والكافُ واللاَّمُ وواوُ القَسَمِ وتاؤهُ ومُذْ ومُنذُ ورُبَّ وحتى وخَلا وَعدَا وحاشا وكي ومتى - في لُغَةِ هُذَيل - ولَعَلَّ في لغة عُقَيل).


وهذهِ الحروف منها ما يختصّ بالدخولِ على الاسمِ الظاهر، وهي (رُبَّ ومُذْ ومُنذُ وحتى والكافُ وواوُ القسمِ وتاؤهُ ومتى). ومنها ما يدخلُ على الظاهر والمَضمَر، وهي البواقي.


واعلم أنَّ من حروفِ الجرِّ ما لفظُهُ مُشترَكٌ بينَ الحرفيّةِ والاسميّة، وهي خمسةٌ: (الكافُ وعن وعلى ومُذْ ومُنذُ). ومنها ما لفظُهُ مُشتركٌ بينَ الحرفيّة والفعليّةِ، وهو: (خلا وعدا وحاشا). ومنها ما هو ملازم للحرفيّة، وهو ما بقي. وسيأتي بَيانُ ذلك في مواضعهِ.

وسُمّيت حروف الجرّ، لأنها تَجرُّ معنى الفعل قبلَها إلى الاسم بعدَها، أو لأنها تجرُّ ما بعدَها من الأسماءِ، أي: تَخفِضُه. وتسمّى (حروفَ الخفض) أيضاً، لذلك. وتُسمّى أيضاً "حروف الإضافة"، لأنها تُضيفُ معانيَ الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها. وذلك أنَّ من الأفعال ما لا يَقوَى علىالوصول إلى المفعول به، فَقوَّوه بهذه الحروف، نحو: (عجبتُ من خالدٍ، ومررتُ بسعيدٍ). ولو قلتَ: (عجبتُ خالداً. ومررتُ سعيداً)، لم يُجُز، لضعف الفعل اللازم وقُصورهِ عن الوصول إلى المفعول به، إلا أن يَستعينَ بحروف الإضافة

وفي هذا المبحث تسعةُ مَباحث.


أ- شرْحُ حُرُوفِ الجَرِّ


1- الباءُ

الباءُ: لها ثلاثةَ عشرَ معنًى:


1- الإلصاقُ: وهو المعنى الأصليُّ لها. وهذا المعنى لا يُفارقُها في جميع معانيها. ولهذا اقتصرَ عليه سِيبويهِ.


والإلصاقُ إمّا حقيقيّ، نحو: (أمسكتُ بيدِكَ. ومسحتُ رأسي بيدي)، وإمّا مجازيٌّ، نحو: (مررتُ بدارِكَ، أو بكَ)، أي: بمكانٍ يَقرُبُ منها أو منكَ.


2- الاستعانةُ، وهي الداخلةُ على المستعانِ به - أي الواسطة التي بها حصلَ الفعلُ - نحو: (كتبتُ بالقلم. وبَرَيتُ القلمَ بالسكينِ). ونحو: (بدأتُ عملي باسمِ الله، فنجحتُ بتوفيقهِ).


3- السّببيةُ والتَّعليلُ، وهي الداخلةُ على سبب الفعل وعِلَّتهِ التي من أجلها حصلَ، نحو: (ماتَ بالجوعِ)، ونحو: (عُرِفنا بفلانِ). ومنه قولهُ تعالى: {فَكُلاُّ أخَذْنا بذنبه}، وقولهُ: {فبِما نقضِهم ميثاقَهمْ لَعنّاهم}.

4ـ التعدية، وتسمى باء النقل، فهي كالهمزة في تصييرها الفعل اللازم متعدياً، فيصير بذلك الفاعل مفعولاً، كقوله تعالى { ذهب الله بنورهم}، أي أذهبه، وقوله: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة}، أي لتنيء العصبة وتثقلها. وهذا كما تقول: (ناء به الحمل، بمعنى أثقله). ومن باء التعددية قوله تعالى { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى} أي سيره ليلاً.

5ـ القسم، وهي أصل أحرفه، ويجوز ذكر فعل القسم معها؛ نحو (أقسم بالله). ويجوز حذفه، نحو (بالله لاجتهدن). وتدخل على الظاهر، كما رأيت، وعلى المضمر، نحو (بك لأفعلن)

6ـ العِوض، وتسمى باء المقابلة أيضاً، وهي التي تدل على تعويض شيء من شيء في مقابلة شيءٍ آخر، نحو ( بعتك هذا بهذا. وخذ الدار بالفرس).

7ـ البدَلُ، وهي التي تدلَّ على اختيار أحدِ الشيئينِ على الآخرِ، بلا عِوَضٍ ولا مقابلةٍ، كحديث: (ما يَسُرُّني بها حُمْرُ النّعَم)، وقولِ بعضهم: (ما يَسُرُّني أني شَهِدتُ بَدْراً بالعقبة) أي: بَدَلها، وقول الشاعر:

فَلَيْتَ لِي بِهِمِ قَوْماً إذا رَكِبُوا

شَنُّوا الإِغارةَ فُرْساناً ورُكْبانا
8- الظرفيّةُ - أي: معنى (في) - كقوله تعالى: {لَقَد نَصرَكمُ اللهُ بِبَدْرٍ. وما كنتَ بجانبِ الغربي. نجّيناهم بِسَحر. وإنَّكم لَتَمُرون عليهم مصبِحينَ وباللّيلِ}.

9- المصاحبةُ، أي: معنى (معَ)، نحو: (بعتُكَ الفَرَسَ بسرجهِ، والدارَ بأثاثها)، ومنه قولهُ تعالى: (اهبط بسلام).


10- معنى (مِن) التَّبعيضيّةِ، كقولهِ تعالى: {عَيناً يشربُ بها عبادُ اللهِ}، أي: منها.


11- معنى (عن)، كقولهِ تعالى: {فاسأل به خبيراً}، أي: عنهُ، وقولهِ: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}، وقوله: {يَسعى نورُهم بينَ أيديهم وبأيمانِهم}.


12- الاستعلاءُ، أي معنى (على) كقوله تعالى: (ومن أهلِ الكتابِ مَن إن تَأمَنهُ بِقِنطارٍ يُؤدَّهِ إليكَ)، إي: على قنطار، وقولِ الشاعر:

أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعلُبانُ بِرَأْسِهِ

لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بالتْ عَلَيْهِ الثَّعالِبُ

13- التأكيدُ، وهي الزائدةُ لفظاً، أي: في الإعراب، نحو: (بِحَسبِكَ ما فعلتَ)، أي: حَسبُك ما فعلتَ. ومنهُ قوله تعالى: {وكفى باللهِ شهيداً}، وقولهُ: {أَلم يعلم بأنَّ اللهَ يرى}، وقولهُ: {ولا تُلقوا بأيديكم إلى التّهلُكة}، وقولهُ: {أَليس الله بأحكمِ الحاكمين؟} وسيأتي لهذه الباء فضلُ شرح.


2- مِنْ

مِنْ: لها ثمانيةُ مَعانٍ:


1- الابتداءُ، أَي: ابتداءُ الغايةِ المكانيّةِ أو الزمانيّةِ. فالأول كقولهِ تعالى:

{سبحانَ الذي أسرى بعبدهِ ليلاً من المسجد الحرامِ إلى المسجد الأقصى}. والثاني كقوله: {لَمَسجدٌ أُسسَ على التّقوى من أوَّلِ يوم أَحَقُّ أَن تقومَ فيهِ}. وتَرِدُ أَيضاً لابتداء الغاية في الأحداث والأشخاص. فالأول كقولك: (عَجبتُ من إقدامك على هذا العمل)، والثاني كقولك: (رأيتُ من زهير ما أُحبُّ).

2- التّبعيضُ، أي: معنى (بعض)، كقولهِ تعالى: {لن تنالوا البرَّ حتى تُنفقوا ممّا تُحبُّونَ} أي: بعضَهُ، وقولهِ: {منهم من كلّمَ اللهَ}، أَي بعضُهم. وعلامتُها أَن يَخلُفَها لَفظُ (بعضٍ).


3- البيانُ، أي: بيانُ الجنس، كقوله تعالى: {واجتنبوا الرجسَ من الأوثانِ}. قولهِ: {يُحَلَّونَ فيها من أَساورَ من ذهبٍ}. وعلامتُها أَن يصحَّ الإخبارُ بما بعدَها عمّا قبلها، فتقول: الرجس هي الأوثانُ، والأساورُ هي ذهب.

واعلم أَن (من) البيانيّةَ ومجرورَها في موضعِ الحال مما قبلَها، إن كان معرفةً، كالآية الأولى، وفي موضع النّعتِ له إن كان نكرة، كالآية الثانية. وكثيراً ما تَقَعُ (من البيانيّةُ) هذهِ بعد (ما ومهما)، كقوله تعالى: {ما يَفتَحِ اللهُ للناسِ من رحمةٍ فلا مُمسِكَ لها}، وقولهِ: {ما ننْسَخْ من آيةٍ}، وقولهِ: {مهما تأتِنا به من آية}.

4- التأكيدُ، وهي الزائدة لفظاً، أي: في الإعراب، كقوله تعالى: {ما جاءنا من بشيرٍ}، وقولهِ: {لجعَلَ منكم ملائكةً في الأرضِ يَخلُفون}أي: (بَدَلكم)، وقولهِ: {لن تُغنيَ عنهم أموالُهم ولا أولادُهم من الله شيئاً}، أي: بَدَلَ الله، والمعنى: بَدَلَ طاعتهِ أو رحمتهِ. وقد تقدَّم معنى البدل في الكلام على الباءِ.


6- الظَّرفيّة، أَي: معنى (في)، كقوله سبحانهُ: {ماذا خَلقوا من الأرض}، أي:فيها، وقولهِ: {إذا نُوديَ للصّلاة من يومِ الجمعة}، أي: في يومها..


7- السّببيّةُ والتّعليلُ، كقوله تعالى: {مِمّن خطيئاتِهم أُغرِقوا}، قال الشاعر:


يُغْضِي حَياءً، وَيغْضَى مِنْ مَهابَتهِ

فَما يُكَلَّمَ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِم

8- معنى (عن)، كقولهِ تعالى: {فَوَيلٌ للقاسيةِ قُلوبُهم من ذِكر الله!}، وقولهِ: {يا وَيلَنا! لَقَد كُنّا في غفلة من هذا}.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس