عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-12-2012, 08:44 PM   #2
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

ثوابت الشعب الثائـر:

1ـ رفض التدخل الخارجي في إرادة الشعب السوري ، وإعتبار كلّ أشكاله السياسية مرفوضة ، وكلّ صوره العسكرية تحت أي ذريعة ، هـو احتلال يُقاتـل لطرده ، ولتطهير أرض الشام منه .

2ـ حماية كلّ فصائل الثورة المباركة ، ومنع إدراج أيّ منها على لائحة ما يُسمـّى الإرهاب ، واعتبار كـلّ فصيل منها جـزءاً لايتجـزّأ من الثورة ، فالعدوان عليه عدوان على الثورة .

3ـ سوريا الجديدة لكلّ السوريين ، وما ينتج من الاختيار الحرّ للشعب قـرار الشعب الذي لايُعلـى عليه ، وكلّ من شارك بالثورة من أيّ الطوائف ، مشكورٌ جهدُهُ ، محفوظةٌ مكانته ، سوريا هي أرضه ، ووطنه ، حقّـهُ فيها غير منقوص ، ولاعدوان عليه ، قال تعالى : (فلا عدوان إلاّ على الظالمين).

وأما ثوابت الفصائل المجاهدة فهـي ثلاثة أيضا :

1ـ عدم الإفتئات على الخيار الحـرّ للشعب السوري _ الذي سينتج عنه الإسلام قطعا في سياق التدرج المتساوق مع سنن الله في التغييرات الإجتماعية _ بأيّ مشروع يثمر خلافا بيـن مكوّنات الثورة ، فاقتتالا داخليـّا ، عائذين بالله من ذلك .

2ـ تحريم توجيه السلاح داخل الشعب السوري الثائر ، واعتبار ذلك تنفيذا للمخطط الصهيوغربي الذي يتمنّى أن تتقاتل مكونات الثورة فيما بينها ، تحت أيّ ذريعة ، لتحوّلَ حلم سوريا الجديدة إلى حرب أهلية تخلـّف حطاماً يستجلب احتلالاً صهيوغربيا جديدا تحت غطـاء دولي .

3ـ اعتبار الثورة السوريـّة امتداداً للربيع العربي ، وهذا يعني أنه بعد سقوط النظام ، فالثورة ترجع إلى انطلاقتها الأولى عندما بدأت بالتظاهر المطالب بإسقاط النظام ، وترك الشعب يختار نظامه .

وهذا يعني أيضا ، أنه إذا سقط النظام ، فيجب أن تعود الحشود الثائرة التي قدمت دمائها ، وضحـّت ، وخاضت المواجهة مع النظام ، تعـود للميادين ، ثـم منها فقط ، تتشكـّل الهيئات التي تقود البلاد إلى وضع أسس اختيار حرّ يشكـّل سوريا الجديدة.

وإنه لأحمق مـا قـد يُرتكب في سوريا بعد سقوط النظام ، ترك هيئات أسّست بالخارج تتحكّم في مستقبل سوريا !! ، وكذلك _ وقد يقع ذلك من مندسّين أو بتوجيه منهـم ! بعد سقوط النظام _ أن تغتـرّ مجموعة مقاتلـة ، بما بيدهـا من سلاح ، فتجتزئ لها أرضا بالشـام ، و تظـنّ أنها ستنطلق منها ، لتهزم أخـبث أنظمة المكـر ، تلك الأنظمة التي تنتظر هذه الحماقة لتقيم عليها مشروع سرقة الثورة ! بعد أن تغري بقية الشعب السوري بقتال تلك المجموعـة ، ثـم تمدُّ لهذه الفتنـة مـدّا !

تظـنّ أنها ستنطلـق منها لتهزم أعداء الإسلام كلّهم ، فتقيم على تلك البقعـة راية الخلافة ! وتحرّر فلسطين ! منعزلـة عن التعاون مع باقي الأمـّة ، وسائر جماعاتها المخلصة ، وخارج سياق نهضة الأمّـة الشامـلة ، الجامعة بين فهمٍ صحيح للإسلام ، وإدراك واعٍ لسنن الله في التغييـر .

وهنا ينبغي أن نذكـّر إخواننا من الفصائل الجهادية المتعطّشة للجهاد بكلمة نافعة جداً لليث الجهاد الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله ، عندما قال :

( حبّذا أن نذكر إخواننا بأهميّة التحلّي بالمكث ، والأناة ، ونحذّرهم من الدخول في أيّ مصادمات مع الأحزاب الإسلامية ، ويغلب على الظن أنّ أغلب المناطق ستقوم فيها حكومات على أنقاض الحكومات السابقة ، ويترجّح أن تلك الحكومات ستكون للأحزاب ، والجماعات الإسلامية ، كالإخوان ومن شابههم ، وواجبنا في هذه الفترة أن نهتم بالدعوة بين المسلمين ، وكسب الأنصار ، ونشر الفهم الصحيح )أسامة بن لادن مرحـّبا بالربيع العربي ، قبل هذه الفقرة ، وذلك في إحدى رسائله للقائد عطية الله .

نقول هذا ، مع أننا بحمد الله على علمٍ ، وتفاؤلٍ كبيرين ، بأنه _ كما قد كان دائما _ لم يزل التيار الجهادي المسترشد بالحكمة ، يرى أنّ بقاء الحدّ الفاصل بين نهج التعامل مع الإحتلال الخارجي ( كما في أفغانستان ، والعراق ،وفلسطين على سبيل المثال) هذا التعامل الذي يقوم على التعبئة الجهادية بالسلاح ، والاستفادة من كلّ مكونات الشعب المقاوِمة ضدّ المحتل لتطهير البلاد من دنسِهِ .

وبين التعامل مع التغييـر الداخلي في بلادنا الذي يقوم على النهج السياسي السلمي _ حتى لو كان في صورة ثورة سلمية _ بقاء هذا الحدّ الفاصل ، واضح المعالم ، هو صمام الأمان للمشروع الإسلامي التغييري .

وأنّ الخلط بينهما هو سبب كلّ التجارب الفاشلة في تاريخ المشروع الإسلامي ، ولهذا تراجعت التيارات التي وقعت في هذا الفـخّ ، وتبيّن لها _ ربما بعد فوات الأوان _ أن السلطة المتآمرة لم تكن تكره سلوك تلك التيارات سبيلَ العنف ، بل كانت ترحّب به بالخفاء ، بقدر ما تندّد به في العلن !

إذ كانت تلك الأنظمـة ترى هذا السلوك العنفي ترياقَ بقائها ، ووسيلة إضفاء الشرعية لها ، ولسانُ حالِ مكرِها يقول : ( فلولا السلطة الحريصة على أمن الوطن ، والساهرة على سلامة المواطن لقـاد هؤلاء المخرّبون ، والمفسدون بالأرض ، وطننا الحبيب إلى المجهول ، و الدمار ) !!

وفي توجيهات الشيخ عبدالله عزام كثيراً من التنبيه على وجوب أن يتحلّى التيار الجهادي بالفهم المفرّق بين النهجين ، المتقـيّد بالحدّ الفاصل بين التعاملين .

كما ننوّه إلى أنّ الصراع مع الكيان الصهيوني ، لن يحسمه فقط الإستعداد المشرف للتضحية الذي تمتلىء به صدور الصادقين من الشباب السوري الذي أسقط النظام بسلاحـه المحدود _ بالمقارنة مع سلاحٍ غربـيّ هائـل مسخّـر للكيان الصهيوني _ ولكنهم نواة يجب المحافظة عليها ، وتنميتها في ظلّ مشروع نهضوي أكبـر للأمة ، يرتفع بها إلى مستوى قدرات ، وحجم العدوّ.

بل يجـب أن ندرك جيـّداً ، أنّ هذا الصـراع مع الصهاينة ، صراع عالمي ، وليس محليّا محـدوداً ، ولا إقليميا حتـّى ،

وأنّ هذا الكيان الخبيـث يستفيد من مشاريع (العجلة الحماسية) ، كما يُعجبـُهُ فينا التهاون في تقدير حجم العدوّ الصهيوني ، وقياس حقيقة المكر الغربي الذي يقف وراءه.

والحكمة تقتضي أن نحافـظ أولا على مسار انطلاقة الربيع العـربي ، لنطلـق شعوبنا من عبودية الطغاة _ إذ لانهضـة في رقّ ! _ متساوقين مع دعم القضية الفلسطينية ، لاسيما صمود غزة ، والمقاومة الفلسطينيـة ، بكلّ وسائل الدعم ، وإعداد الشعب الفلسطيني ، مع سائـر الشعوب العربية لنهضة أمة تستعد روحيـّاً ، و ثقافيـّاً ، وسياسيـّاً ، وعسكريّـاً ، لمواجهة معركتين ، تاريخيتين ، فاصلتين ، فُرضتـا على أمّتنا ، مع المجوس من جهة ، ومع الغرب المتصهين من جهة.

هذا ولاريب أن مستقبل أمتنا لايحمل إلاّ إشراقات النصر ، وإضاءات المجد ، وأنوار نهضـة عظمـى ،

سترتفع فيها أعـلام عزتها ، وتخـفق رايـات تفوقها العالمي بإذن الله تعالى.

( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)
.
والله أعلم ، وهو حسبنا ، عليه توكّلنا ، وعليه فليتوكّل المتوكـّلون .
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس