تعرض جايمس غليك فى كتابه لتاريخ ما يسمى نظرية الفوضى المشهورة بالكايوس فى الغرب ومعه روسيا ولم يذكر فى تاريخ النظرية أى جهد لواحد من بلادنا المنكوبة فى تلك النظرية وحتى الوحيد الذى يتباهى بها البعض وهو مصطفى مشرفة لا ذكر له فى الكتاب كواحد ممن فهموا النسبية لآينشتاين وهو أمر ليس بالغريب فالكتاب لا ذكر فيه لعلماء الصين والهند واليابان وغيرهم فى الشرق إلا كنكرات فقد تحدث مرة عن يابانى ولم يذكر له اسم
تعرض جايمس غليك للكثير من الأمور منها :
جاذب لورنز
وهى نظرية تنص على أنه لا يمكن توقع الطقس لمدة طويلة
وهذه النظرية خاطئة فلا يمكن توقع شىء فى الطقس فالناس قد يروا بأم أعينهم السحب أمامهم ويتوقعون كونها حسنة سوف تمطرهم بالخير فتمطرهم بالشر وهو ما حدث مع قوم عاد حيث وجدوا الأحقاف وهى السحب فى سماء بلادهم متوقفة فقالوا هذا عارض ممطرنا أى سحاب غيث نافع فكانت الصدمة أن السحب جاءت بريح صرصر عاتية لمدة سبع ليال وثمانية نهارات قضت عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأحقاف :
"فلما رأوه مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شىء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزى القوم المجرمين "
ومن ثم فتوقع الطقس هو ضرب من الظن قد يصدق وقد لا يصدق لأن الله جعل تصريف الرياح وسقوط المطر بأمره فقال بسورة السجدة :
"الله الذى يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه فى السماء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل لمبلسين ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون"
تعرض جايمس غليك لنقطة كررها عدة مرات وهى اعتماد علماء الغرب فى إخراج نظراتهم عن الفوضى من خلال الحاسوب العادى الذى يعمل بطريقة مقاومات النقل المعرفة بالترانزستور والحاسوب الرقمى العامل بالواحد والصفر من خلال إخراج التشوشات أو التقلبات أو المتغيرات فى صورة رسوم وقد امتلأ الكتاب بالكثير من الصور التى يظن القارىء العادى أنها حقائق مع أنها ليست سوى مجرد تخيلات فهذه التخيلات هى ما زود به المبرمجون أو العلماء الحواسب ومن ثم لو وجدت برامج مختلفة برسوم مختلفة لخرجت تلك الأمور بطريقة مختلفة
ومن تعود استخدام الخطوط المختلفة فى كتابة الكلمات على الحاسب سيعرف تلك الحقيقة فنحن نختار شكل الكلمة من خلال اختيارنا لنوع الخط فهذه ستكون بخط النسخ وتلك بخط الرقعة وتلك بخط الأندلس ولنختر كلمة ولننظر لأشكالها من خلال عدة خطوط فسنجد اختلافا فى الشكل مع كون الكلمة واحدة
الكلمة الكلمة الكلمة
ومن ثم فنحن من نزود الحواسب فتخرج النتائج كما برمجها المبرمجون وليس حسب ما هى فى الحقيقة
وتناول جايمس غليك ما أسماه بمعادلة الفارق اللوجستى وهى معادلة تتناول المتغيرات فى موضوع ما وقد تناولها جايمس لبيان العلاقة بين السكان والموارد من خلال ذكره لنظرية مالتوس ونقدها من خلال علم البيئة
معادلة الفارق فى الموارد أظهرت البحوث وجود متغيرات عديدة لا يمكن التحكم فيها لمعرفة الأمر ومن ثم لم يصل علماء البيئة لنتيجة حاسمة سوى أن نظرية مالتوس وهمية حيث تزعم النظرية تزايد السكان بطريقة وهمية وهى ما سموه التزايد السكانى اللانهائى وقد طبق علماء البيئة وغيرهم هذه المعادلة على حوض سمك ودرسها رياضيا روبرت ماى وغيره
معادلة الفارق فى الموارد تبين أن العلماء مهما بذلوا من جهد فلن يصلوا لشىء بتلك الدراسات لأن عامل واحد أو أكثر مجهول لهم قد يحطم كل ما درسوه وقد بين القرآن القانون العام وهو :
تحكم الله فى الموارد أى المخلوقات كلها وأنه يخلقها فى كل عصر بكم معروف له وحده وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر :
"وإن من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم"
وتناول غليك بحوث بنواه ماندلبروت فى الاقتصاد من خلال تتبع أسعار القطن لمدة قرن أو أقل من خلال سجلات بورصة أو اثنين كما تناول تعريفه للشاطىء واختلاف النظرات فى التعريف طبقا لكم الأبعاد فالشاطىء المرسوم على الورق ذو بعدين ليس هو الشاطىء الثلاثى الأبعاد طول وعرض وعمق ليس هو لو كان هناك بعد رابع وخامس وهكذا
وتلك البحوث لم تثمر شيئا نافعا فلم ينتج عنها قانون ثابت أو حتى عدة قوانين وأثمرت جنونا هو هندسة التكرار المتغير أو الفراكتال حيث يتكرر شكل معين إلى ما لا نهاية كمثلث مثلا فمن أضلاع مثلث تتكون مثلثات ومن أضلاع تلك المثلثات الخارجية تتكون أخرى وهكذا وهذه الهندسة هى بصورة أخرى نوع مشابه للبرامج الحاسوبية التى تخرج النتيجة بأشكال مختلفة حيث يتخيل هذا مثلثا وذاك مربعا وذاك لفة ....
وتناول غليك جهود فاينبوم والتى أدت لما يسمى النظرية الشاملة وهى نظرية تقوم على أساس أن النظم المختلفة تؤدى فى النهاية لنتائج متشابهة رغم اختلافات النظم ما بين مخلوقاتية ومناخية واقتصادية وغير ذلك ومشكلة فاينبوم هى كونه رياضيا مارس الفيزياء فكان همه هو الأرقام
وتناول غليك الكثير من الأمور التى تصب فى خانة النظريات ومشكلة أولئك القوم أنهم يتناولون مالا يمكن رؤيته ومالا يمكن الاحاطة به عن طريق الحواس والدراسة حتى عن طريق الآلات
الكون يعمل على أساس التآلف فالمخلوقات كبرى أو صغرى إما تتلاصق كالبنيان المرصوص شىء بجوار شىء دون أن يتداخلا وإما عن طريق التداخل حيث يدخل جزء من مخلوق فى المخلوق الأخر وفى هذا قال تعالى فى النوع الأول وهو التلاصق دون تداخل بسورة ألأنفال :
" هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم"
فالمؤمنون كل منهم أو قلبه لا يدخل فى قلب الأخر وإنما يتلاصق
وفى النوع الثانى وهو التداخل قال تعالى فى تأليف السحاب حيث تتجمع ذرات بخار الماء بطريقة العاشق والمعشوق بسورة النور :
"ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار "
والمثير طبقا للآية أن كل متداخل ينفصل فيما بعد فما تجمع لابد من أن يفترق
والمثال الحى المرئى لنا والذى يجمع بين الأمرين هو الزوجين فكلاهما فى غالب الأحيان متلاصقان غير متداخلان ولكن فى الجماع يتداخلان بطريقة العاشق والمعشوق حيث يدخل جزء من الزوج فى جزء من الزوجة ثم ينفصلان
والملاحظ أن التداخل فى كل الكائنات يتشابه ولا يتشابه على حسب الظروف والأحوال وهو ما عبر الله عنه عدة مرات بنفس التعبير متشابه وغير متشابه فى العديدة من الآيات كقوله تعالى بسورة آل عمران
"هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"
وقوله تعالى بسورة الأنعام
"وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه"
وقوله تعالى ايضا بسورة الأنعام
"وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه"
هذه هى الطبيعة الكونية التى هى واضحة ولكن معظم الناس يتحاشون التفكير فيها مع ظهورها ظهور الشمس ومع هذا يلجأون إلى دراسة الطبيعة النظرية ودراسة الرياضيات وغيرها
|