عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-12-2020, 08:51 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,027
إفتراضي

فلولا أن النبي (ص) أراد بما ذكره في ذلك المقام النص على إمامة أمير المؤمنين على حسب ما صرح به حسان في هذا المقال لما دعا له النبي ص بالتأييد و مدحة من أجله واثنى عليه و لو كان عليه واله السلام عنى غيره من أقسام المولى لأنكر على حسان و لم يقره على ما اعتقده فيه و بين له غلطه فيما حكاه لأنه محال مع نصب الله تعالى نبيه للبيان أن يشهد بصحة الباطل و هو على الضلال أن يمدح على الغلط من الاعتقاد و في شهادته (ص) بصدق حسان فيما حكاه و نظمه الكلام بمدحه عليه و دعائه له بالتأييد من أجله على ما بيناه دليل على صحة ما ذكرناه و شاهد على أن المولى عبارة في اللغة عن الإمام لفهم حسان والجماعة ذلك منها بما شرحناه "
رواية حسان فيها ما فيها ولكن كيف علم النبى(ص) أنه يموت أولا ثم عليا بعده وكيف علم الكسب فى الغد وهو إمامة على والموت من الغيب الذى لا يعلمه إلا الله كما قال تعالى:
"إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
النبى (ص) لا يعلم الغيب كما قال " ولا أعلم الغيب" وكما قال " لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الهير وما مسنى السوء"
إذا رواية حسان موضوعة منحولة ثم قال المفيد:
"ومن ذلك ما تطابقت به الأخبار و نقله رواة السير والآثار و دونه حملة العربية والأشعار من قول قيس بن سعد بن عبادة سيد نقباء رسول الله (ص) من الأنصار و معه راية أمير المؤمنين و هو بين يديه بصفين في قصيدته اللامية التي أولها
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا و نعم الوكيل
حسبنا ربنا الذي فتح البصرة بالأمس والحديث طويل
حتى انتهى إلى قوله:
وعلي إمامنا وامام لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل
إن ما قاله النبي على الأمة حتم ما فيه قال و قيل
وفي هذا الشعر دليلان على ما ذكرناه أحدهما أن المولى يتضمن الإمامة عند أهل اللسان للاتفاق على فصاحة قيس وانه لا يجوز عليه أن يعبر عن معنى ما لا يقع عليه من اللفظ عند أهل الفصاحة لا سيما في النظم الذي يعتمد صاحبه فيه الفصاحة والبيان والثاني إقرار أمير المؤمنين قيسا و ترك نكيره وهو ينشد بحضرته ويشهد بالإمامة له و يحتج به على الأعداء وامير المؤمنين ممن لا يقر على باطل ولا يمسك عن الإنكار لا سيما مع ارتفاع التقية عنه و تمكنه من الإنكار"
نغس ما قيل فى رواية حسان يقال فى رواية قيس فهى موضوعة لعدم علم النبى(ص) بالغيب خاصة غيب الموت
ومن ذلك احتجاج أمير المؤمنين لنفسه بذلك في جوابه لمعاوية عن كتابه إليه من الشام و قد رام الافتخار فقال :
أعلي يفتخر ابن آكلة الأكباد ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب
محمد النبي أخي وصنوي وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي و بنت محمد سكني وعرسي فخالط لحمها بدمي و لحمي وسبطا أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي سبقتكم إلى الإسلام طرا صغيرا ما بلغت أوان حلمي
واوجب لي ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خم
فأوجب الحجة على خصمه بالإمامة على الجماعة فقال النبي (ص) فيه يوم الغدير ما قال و هذا الشعر منقول عنه على الظاهر والانتشار "
الكلام هنا متناقص فلو كان على أخو محمد(ص) ما زوجه ابنته لأنه فى تلك الحالة محرم عليها لكونه عمها والرواية كمعظم الروايات موضوعة ثم ذكر الرواية التالية:
"ومما يدل على ما ذكرناه أيضا في هذا الباب قول الأخطل و هو رجل نصراني لا يتحيز إلى فرقة من فرق الإسلام و لا يتهم بالعصبية للشعر للشيعة و لا يطعن عليه في العلم باللسان في قصيدته التي يمدح فيها عبد الملك بن مروان فقد علمت الكافة عداوته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب
فما وجدت فيها قريش لأمرها أعف واوفى من أبيك وامجدا
فأورى بزنديه و لو كان غيره غداة اختلاف الناس يوري لأصلدا
فأصبحت مولاها من الناس كلهم واحرى قريش أن تهاب و تحمدا
فمدحه بالإمامة و رئاسة الجماعة واقتصر في العبارة على ذلك وانه أولى به من الناس كافة على لفظة مولى لإفادتها في اللغة و معرفة أهلها بأنها عبارة عنه و دالة على معناه و هذا بين لا خفاء فيه على منصف و لا ارتياب فيه "
والاستدلال بكلام نصرانى على حكم إسلامى لا يجوز لأن كلام المسلم نفسه ليس دليلا على حكم وإنما الحكم لله وحده
ثم قال المفيد:
"وهذا الكميت بن زيد الأسدي وان لم يكن الحجة به في اللغة كحسان وقيس بن سعد فإنه لا حجة فيها على حال و قد أجمع أهل العلم بالعربية على فضله و ثقته في روايته لها واستشهدوا بشعره على صحة بعض ما اختلف منها و قال الأعرابي كان الكميت بن زيد أعرف الناس بلغات العرب واشعارها و كان أوكد ما دعاه إلى التشيع والقول بالنص على إمامة أمير المؤمنين قول النبي ص يوم الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه
وذلك قوله في قصيدته العينية
ويوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية ل واطيعا
ولكن الرجال تبايعوها فلم أر مثلها خطرا مبيعا
فلولا أن لفظة مولى تفيد الإمامة لما جاز من الكميت وهو من أهل المعرفة باللغة بحيث ما وصفناه أن يحكم لأمير المؤمنين بالإمامة بها و لا أن يحتج بذلك في شعره والطريق إلى العلم بمقداره في المعرفة باللسان و يجعله في نظمه الذي تسير عنه الركبان عند الناصبة في الاعتقاد والشبهة به داخلة عليه في باب الاستدلال كيف يجوز أن تلحقه التهمة في الجهل بالعربية عند الخاصة والعامة من الناس و كيف يجوز أن يعرف بالعصبية في هذا الباب فإنه حمل لفظا عربيا غير محتمل عند أهله على الوجوه كلها والأسباب ولم يوجد أحد من نظرائه فعل مثل ذلك لعصبية ولا عناد ولئن جاز هذا عليه مع ما وصفناه ليجوزن على جرير والفرزدق والأخطل بل على لبيد و زهير وامرئ القيس حتى لا يصح الاستشهاد بشي ء من أشعارهم على غريب القرآن و لا على لغة و لا على إعراب و هذا قول من صار إليه ظهر جهله عند العقلاء فصح مما أثبتناه من هذه الأشعار و دلائلها ما ذكرناه من برهان قول رسول الله (ص) على إمامة أمير المؤمنين "
وما ذكره المفيد من جواز الاستشهاد على معانى القرآن يأقوال الشهراء والفصحاء هو ضرب من الخبل اشتركت فيه الشيعة والسنة وغيرهم فقد تركوا كتاب الله الذى يفسر بعضه بعضا إلى كلام المخاوقين الذين يكذبون خاصة الشعراء
اللفظ مولاكم فى القرآن لا يدل على الإمامة وإنما معناه النصرة ولو كانت النار مولى الكفار بمعنى إمامهم فهذا كلام جنونى فالنار ليست رئيسة لهم لأن مهمة الرئيس هى نصرة أصحابه والكفار وهم أصحابه يذلون ولا ينصرون
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس