عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-07-2021, 07:52 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,025
إفتراضي نقد رسالة في كيفية توجه المصلي حين يقول إياك نعبد

نقد رسالة في كيفية توجه المصلي حين يقول إياك نعبد
المؤلف أحمد بن زين الدين الأحسائي مؤسس مذهب الأوحدية وهو مذهب ينسب لمذاهب الشيعة وإن كان هو مذهب صوفى عرفانى بالأساس والكتاب هو إجابة على سؤالين سألهما أحد أخوان الإحسائى له وفى هذا قال :
"أما بعد فيقول العبد المسكين أحمد بن زين الدين أنه قد أرسل الي بعض الاخوان المخلصين من العلماء العارفين الطالبين للحق واليقين بمسئلتين يطلب جوابهما علي سبيل الاستعجال مع كلال البال وتغير الاحوال فكتبت ما خطر من الجواب لذلك السؤال اذ لا يسقط الميسور بالمعسور والي الله ترجع الامور."
السؤال الأول هو :
"قال سلمه الله تعالي: ان المصلي حين يقول إياك نعبد وإياك نستعين كيف يقصد المخاطب بخطابه وأي معني يعقد قلبه عليه هل يقصد الذات الغير المدركة بصفة من صفاته الجمالية ولا الجلالية أم يقصد شيئا آخر، وعلي التقديرين ربما يصلي الرجل وحين التكلم بتلك الكلمتين لا يقصد شيئا وهو غافل ذاهل غير شاعر بقصد شيء فهل تصح صلاته أم لا"
هذا السؤال لا يمر ببال مسلم لأن المسلم يقصد من الخطاب الله وهو أمر لا يحتاج لسؤال أو لتفسير ولكن الأخ جعله مجالا للسؤال والإحسائى من جانبه هول المسألة وتكلم كلاما كثيرا كلاما لا طائل من خلفه لأنه مجرد كلام إنشاء فقال :
"أقول اعلم أن الله سبحانه لا يدرك من نحو ذاته بكل اعتبار وانما يدرك بما تعرف به لعبده فكل شيء يعرفه بما تعرف به له فتشير العبارات اليه بما أوجدها عليه وتشير القلوب اليه بما ظهر لها به ولا سبيل اليه الا بما جعل من السبيل اليه وهو جل شانه يظهر لكل شيء بنفس ذلك الشيء كما انه يحتجب عنه به والي ذلك الاشارة بقول علي لا تحيط به الأوهام بل تجلي لها بها وبها امتنع منها واليها حاكمها وكل مظهر لك به فهو مقام من مقامات ذاته فيك وحرف من حروف ذاتك به فمن وصل الي رتبة قد ظهر سبحانه له فيها تبين له ان المطلوب وراء ذلك وان هذا الذي حسبه اياه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب وهكذا واليه الاشارة بقول الحجة في دعاء رجب ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فهذه المقامات هي التي دعاك اليها فيتوجه اليها قلبك فيجده عندها كما يتوجه وجه جسدك الي بيته الكعبة فيجده عندها وتعبدك بان تدعوه بها وتعبده فيها بلا كيف ولا وجدان الا لما أوجدك من ظهوره لك وانه في كل مقام أقرب إليك من نفسك وليس ما وجدته ذاتا بحتا ولو كان ذاتا بحتا لجاز أن تدرك الذات البحت والذات البحت في الأزل وأنت في الامكان فيكون ما في الامكان بادراك الأزل في الأزل أو ما في الأزل بكونه مدركا للممكن في الامكان تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا وإلي ذلك أشار أمير المؤمنين انما تحد الأدوات أنفسها وتشير الآلات الي نظائرها وقول الرضا وأسماؤه تعبير وصفاته تفهيم وقول الصادق كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مثلكم مخلوق مردود عليكم وذلك لأنه سبحانه هو المجهول المطلق والمعبود الحق فاذا قلت اياك نعبد كنت قد قصدت شيئا مخاطبا وقيد الخطاب دلك علي مخاطب والمخاطب لا يدرك منه الا جهة الخطاب كقولك يا قاعد لا تدرك من ذلك المدعو الا جهة القعود وان كنت تعني الموصوف بالقعود لان الموصوف غيب الصفة عند الواصف حتي انه عنده اقرب اليه من الصفة وأظهر منها له لكن الواصف لا يدرك الا جهة الصفة من الموصوف كما قال الرضا واسماؤه تعبير وصفاته تفهيم وبالجملة كل شيء لا يدرك اعلي من مبدئه وانت خلقت بعد أشياء كثيرة فلا تدرك ما وراء مبدئك ومع هذا تدرك انك مخلوق وتدرك أن للمخلوق خالقا وتدرك أن الخالق أوجدك بفعله الذي وصفته به وقلت خالق وتدرك ان الخلق ايجاد وحركة وتدرك انها حدثت من الفاعل وتدرك أن الفاعل هو المحدث للفعل وتدرك أن تلك الحركة الايجادية لم تكن قديمة ولم تنفصل من الذات بل انما أحدثت بنفسها فتكون جهة الصفة صفة الجهة ولا شيء مما ذكر قديم فلا تدرك الا نظائرك في المخلوقية وهي الآثار ومع هذا فهي لا شيء إلا به فهو أظهر منها أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك فهو أقرب اليك من نفسك فاذا قلت يا زيد كنت قد خاطبت شخصا ودعوته باسمه وهو غيره وأشرت اليه والاشارة وجهتها غير ذاته لأن ذاته ليست حيوانا ناطقا واشارة واسما ودعاء بل هذه غيره وهو غيرها مع أنك تخاطبه والخطاب وجهته غيره فافهم ما كررت ورددت قال الرضا كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيره تحديد لما سواه فانظر في زيد فانه حيوان ناطق لا غير ذلك ولا تدركه بنفس الحيوانية ونفس النطق وانما تدركه بمظاهره من الخطاب والنداء والاشارة وغير ذلك وكلها غيره ومع هذا فلا تلتفت الي شيء منها وانما يتعلق قلبك بذات زيد ولكن تلك الأشياء التي قلنا أنها غيره هي جهة تعلق قلبك به وجهة ظهوره لك فاذا عرفت هذا عرفت مطلوبك من عرف نفسه فقد عرف ربه سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق، فاذا قلت اياك نعبد فأنت تعبد الله وتقصده بعبادتك لا غير علي نحو ما قلنا لك وهو قوله تعالي ولله الأسماء الحسني فادعوه بها، هذا اذا توجهت واما اذا غفلت وذهلت فانه سبحانه لم يغفل ولم يذهل قال تعالي وما كنا عن الخلق غافلين وذلك اذا غفلت وذهلت فانك حينئذ قد توجهت الي شيء من أحوال الدنيا أو الأخرة وهي كلها بالحقيقة ليست شيئا الا بظهوره فيها فاذا غفلت عنه لم تغب عنه ولم يغب عنك قال الصادق في قوله تعالي أو لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد قال يعني موجود في غيبتك وفي حضرتك فصلاتك صحيحة بمعني انها مجزية وقد تكون غير مقبولة بمعني انها غير موجبة للجنة وحدها بدون غيرها من الأعمال ووجه صحتها واجزائها انك قد دخلت في الصلوة وانت مقبل عليه بنيتك عند أول التكبير وإلا لم تصح أصلا فان قلت قد أتوجه الي النية المعتبرة عند الفقهاء غير ملتفت الي ما يقصده العارفون قلت إن فعلك لما أمرك به يلزمك منه امتثال أمره ولو اجمالا كما يلزمك منه القرب اليه بذلك العمل ولو اجمالا كل ذلك توجه اليه من حيث أمر الا ان مقام العابدين تحت مقام الموحدين وكلها مقامات المعبود سبحانه فهذا القصد في الحقيقة لا غفلة فيه ثم في باقي الصلوة يستمر القصد حكما واختلف الفقهاء في معناه فقال بعضهم هو ألا يحدث نية تنافي نية الصلوة و قال آخرون هو العزم وتجديده كلما ذكرت والخلاف مبني علي الخلاف في أن الموجود الحادث الباقي هل يحتاج في بقائه إلي المؤثر أم لا والحق الأول في المسئلة الكلامية فالأصح الثاني في المسئلة الفقهية ووجه عدم مقبوليتها ان النية التي هي روح العمل كانت في الابتداء فعلية فان أقبل علي كل صلاته كانت بمنزلة توجه الروح الي الجسد في تدبيره فهو حي مشعر مدبر لأموره كما هو حالة اليقظة وإذا كانت في باقي الافعال حكمية كانت بمنزلة روح النائم في جسده هي مجتمعة في القلب فبشعاعها السفلي الذي هو وراءها وخلفها كانت متعلقة بالبدن واما وجهها فهو متوجه الي جابلسا و جابلقا وهورقليا فمن جهة انها في القلب كالنية الفعلية في التكبير وشعاعها السفلي في سائر البدن حالة النوم كالنية الحكمية قلنا إن الصلوة صحيحة مجزية كما أن الانسان حالة النوم يصدق عليه انه حي ومن جهة غفلته عن النية فعلا في سائر الصلوة وإنما في الباقي القصد الأول كالنائم قلنا انها لم يستقل بالمقبولية الموجبة للجنة بل لابد من انضمامها الي ما يكملها كما أن النائم انما نحكم له بالحيوة التي ينتفع بها بانضمامها الي حيوة اليقظة فافهم."
الأخطاء فى الفقرة الطويلة السابقة عديدة وهى :
الأول أن الإنسان يدرك الله بما تعرف به لعبده وهو قوله "اعلم أن الله سبحانه لا يدرك من نحو ذاته بكل اعتبار وانما يدرك بما تعرف به لعبده" وكرر نفس المعنى فى قوله " فمن وصل الي رتبة قد ظهر سبحانه له فيها تبين له ان المطلوب وراء ذلك" وكرره بقوله" وقيد الخطاب دلك علي مخاطب والمخاطب لا يدرك منه الا جهة الخطاب كقولك يا قاعد لا تدرك من ذلك المدعو الا جهة القعود وان كنت تعني الموصوف بالقعود"
ومعنى هذا أن الإنسان يعرف الله بأنه المطعم إذا أكل الطعام وهو المشرب إذا شرب وهو إذا مرض فشفاه الله يعرف أنه الشافى وإن أعطاه مال فهو الرازق ..وهكذا ومعنى هذا أن المطلوب من الإنسان عند قول إياك نعبد أن يتذكر مع كل نعمة من نعم الله الاسم المقابل لها ولو فعل هذا فلن تنتهى صلاته إلا بموته جائعا عطشانا لأن نعم الله لا تحصى ومن ثم لو جلس يتذكرها فسيموت قبل أن يحصى تلك النعم والاسم مقابلها وفى هذا قال سبحانه" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
ونجد الخبل فى القول أن الله يتجلى بالأوهام فى القول:
"لا تحيط به الأوهام بل تجلي لها بها وبها امتنع منها واليها حاكمها وكل مظهر لك به فهو مقام من مقامات ذاته فيك وحرف من حروف ذاتك به"
وهو كلام غامض والله يظهر نفسه لنا بكلامه وهو الوحى والوحى ليس وهما أى ظنا أى كذبا وإنما هو الصدق
وحدثنا عن عدم وجود فرق بين الله ومقاماته التى فى كل مكان فقال :
" ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك "
وهو ما يعنى أن الله يجل فى الأماكن لأنه لا فرق بينه وبين مقاماته التى تظهر فى المكان
والخطأ التالى هو أن الله عند الكعبة وهو نفسي خطأ الحلول والاتجاد الإلهى بالمكان فى قوله:
"كما يتوجه وجه جسدك الي بيته الكعبة فيجده عندها "
ومن المعروف أن الله كان قبل المكان فكيف يتواجد فى المكان؟
فاذا قلت اياك نعبد فأنت تعبد الله وتقصده بعبادتك لا غير
والخطأ الخامس أن الصلاة يجزى الله عليها ومع هذا تكون غير مقبولة فى قوله:
"علي نحو ما قلنا لك فصلاتك صحيحة بمعني انها مجزية وقد تكون غير مقبولة بمعني انها غير موجبة للجنة وحدها بدون غيرها من الأعمال ووجه صحتها واجزائها انك قد دخلت في الصلوة وانت مقبل عليه بنيتك عند أول التكبير وإلا لم تصح أصلا"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس