3) معاذ بن جبل لما بلغه أن بعض أهل الشام استعجز أبا عبيدة أيام حصار دمشق ورجح خالد بن الوليد، غضب وقال: " فإلى أبي عبيدة تضطر المعجزة لا أبا لك! والله إنه لمن خير من على الأرض"
وعندما مات أبو عبيدة خطب معاذ في الناس فقال: " إنكم أيها الناس قد فجعتم برجل والله ما أزعم أني رأيت من عباد الله عبدا قط أقل غمزا، و لا أبر صدرا، و لا أبعد غائلة، و لا أشد حبا للعاقبة، ولا أنصح للعامة منه، فترحموا عليه رحمه الله، ثم أصحروا للصلاة عليه، فوالله لا يلي عليكم مثله أبدا "
4) عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "ثلاثة من قريش؛ أصبح الناس وجوها، وأحسنها أخلاقا وأشدها حياء، إن حدثوك لم يكذبوك، وإن حدثتهم لم يكذبوك: أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وأبوعبيدة بن الجراح"
5) عبد الله بن مسعود: قال: "أخلائي من أصحاب محمد (ص) ثلاثة: أبو بكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح"
أقوال تزكية البعض للبعض تتنافى مع قوله تعالى :
"فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى "
وبعض الأقوال هنا تشعرك بأن المؤمنين الذين نعرفهم بالصحابة كانوا من الكاذبين عدا ثلاثة وهو كلامه لا يقوله مسلم
ثم ذكر الدمشقى أقوال نسبت إليه فقال :
"ذكر بعض أقواله:
عن ثابت قال: كان أبو عبيدة أميرا على الشام، فخطب الناس فقال: "يا أيها الناس، إني امرؤ من قريش، ووالله ما منكم أحمر ولا أسود يفضلني بتقى إلا وددت أني في مسلاخه"
وعن عمران بن نمران عن أبي عبيدة بن الجراح: أنه كان يسير في العسكر فيقول:"ألا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه، ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ادرؤا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء ثم عمل حسنة؛ لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهن"
وعن قتادة قال: قال أبو عبيدة بن الجراح: "وددت أني كنت كبشا فيذبحني أهلي فيأكلون مرقي"
وعن خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح قال: "مثل قلب المؤمن مثل العصفور يتقلب كل يوم كذا وكذا مرة" "
ثم تناول الدمشقى خبر طاعون عمواس فقال :
"ذكر خبر طاعون عمواس ووفاة أبي عبيدة
عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد: أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام
قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا: فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس، وأصحاب رسول الله (ص)، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال: ارتفعوا عني
ثم قال: ادع لي الأنصار فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني
ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش؛ من مهاجرة الفتح فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء
فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه، قال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟! فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان: إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف -وكان متغيبا في بعض حاجته- فقال: إن عندي في هذا علما؛ سمعت رسول الله (ص) يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"قال: فحمد الله عمر، ثم انصرف وقد حاول عمر بن الخطاب أن يثني أبا عبيدة عن رأيه، ولكنه أصر على البقاء مع جنده، فعن طارق بن شهاب قال: أتانا كتاب عمر لما وقع الوباء بالشام، فكتب عمر إلى أبي عبيدة:"أنه قد عرضت لي إليك حاجة لا غنى لي بك عنها فإذا أتاك كتابي هذا فإني أعزم عليك إن أتاك ليلا أن لا تصبح حتى تركب، وإذا أتاك نهارا أن لا تمسي حتى تركب إلي"، فلما قرأ الكتاب قال: "يرحم الله أمير المؤمنين! يريد بقاء قوم ليسوا بباقين! "قال: ثم كتب إليه أبو عبيدة: "إني في جيش من جيوش المسلمين، لست أرغب بنفسي عن الذي أصابهم" فلما قرأ الكتاب استرجع- وفي رواية: بكى- فقال الناس: مات أبو عبيدة؟ قال: "لا، وكأن قد! "
ثم كان كتب إليه بالعزيمة:"فاظهر من أرض الأردن فإنها عميقة وبيئة، إلى أرض الجابية فإنها نزهة ندية"، فلما أتاه الكتاب بالعزيمة، أمر مناديه فأذن في الناس بالرحيل، فلما قدم إليه- أي: إلى رحله- ليركبه؛ وضع رجله في الغرز ثنى رجله فقال: "ما أرى داءكم إلا قد أصابني"
قال طارق بن شهاب: ومات أبو عبيدة ورجع الوباء عن الناس
وكانت وفاته في آخر السنة الثامنة عشرة للهجرة، وعاش ثمانيا وخمسين سنة
وقبره اليوم في غور البلاونة على الطريق العام الذي يقطع الغور من الشمال إلى الجنوب، وعلى بعد أربعين كيلا من مدينة السلط، شرق نهر الأردن وكان الظاهر بيبرس (المتوفى سنة 676هـ) قد بنى عليه مشهدا ووقف عليه أشياء للواردين إليه ، قال الإمام أبو زكريا النووي : "وعلى قبره من الجلالة ما هو لائق به، وقد زرته فرأيت عنده عجبا"
خبر طاعون عمواس خبر خاطىء فلا يمكن أن يكون حديث الطاعون لم يسمعه من المهاجرين والأنصار ولا حتى من بعدهم ولا واحد سوى عبد الرحمن بن عوف ومن المعلوم أن الرسول(ص) بلغ الشرع للكل أو بلغه لكثير من الناس خاصة أنه كان يعلم فى مدرسة الفقهاء حتى ينذروا قومهم وعددهم كان يتجاوز الآلاف لأنه من كل قوم واحد او اثنين وفى هذا قال تعالى :
"وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"
|