ثم حكى لنا حكاية أخرى فقال :
"وهذه قصة حصلت في إحدى دول الخليج وقد تناقلتها الأخبار، قال راوي القصة: خرجت لنزهة مع أهلي على شاطئ البحر، ومنذ أن جئنا هناك، وامرأة عجوز جالسة على بساط صغير كأنها تنتظر أحدا، قال: فمكثنا طويلا، حتى إذا أردنا الرجوع إلى دارنا وفي ساعة متأخرة من الليل سألت العجوز، فقلت لها: ما أجلسك هنا يا خالة؟ فقالت: إن ولدي تركني هنا وسوف ينهي عملا له، وسوف يأتي، فقلت لها: لكن يا خالة الساعة متأخرة، ولن يأتي ولدك بعد هذه الساعة، قالت: دعني وشأني، وسأنتظر ولدي إلى أن يأتي، وبينما هي ترفض الذهاب إذا بها تحرك ورقة في يدها، فقال لها: يا خالة هل تسمحين لي بهذه الورقة؟ يقول في نفسه: علني أجد رقم الهاتف أو عنوان المنزل، اسمعوا يا إخوان ما وجد فيها، إذا هو مكتوب: إلى من يعثر على هذه العجوز نرجو تسليمها لدار العجزة عاجلا.
نعم أيها الإخوة، هكذا فليكن العقوق، الأم التي سهرت وتعبت وتألمت وأرضعت هذا جزاؤها؟!! من يعثر على هذه العجوز فليسلمها إلى دار العجزة عاجلا.
هذا جزاء الأم التي تحمل في جنباتها قلبا يشع بالرحمة والشفقة على أبنائها"
ثم نقل قصيدة عن حنان الأم فقال :
"وقد صدق الشاعر حين وصف حنان قلب الأم بمقطوعة شعرية فقال:
أغرى أمرؤ يوما غلاما جاهلا ... بنقوده كي ما يحيق به الضرر
قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى ... ولك الجواهر والدراهم والدرر
فأتى فأغرز خنجرا في قلبها ... والقلب أخرجه وعاد على الأثر
ولكنه من فرط سرعة هوى ... فتدحرج القلب المعفر بالأثر
ناداه قلب الأم وهو معفر ... ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر"
ثم نصح الشارخ الحاضرين بعقد النية على بر الوالدين فقال :
"إني أدعوكم جميعا أيها الإخوان ألا تخرجوا من هذا المسجد المبارك إلا وقد عاهدتم الله أنه من كان بينه وبين والديه شنآن أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصرا في بر والديه، فعاهدوا الله من هذا المكان أن تبذلوا وسعكم في بر والديكم.
ومن كان برا بهما فليحافظ على ذلك، وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما."
وبعد ذلك حدثنا عن كون العاق لوالديه تعجل له العقوبة فى الدنيا فقال :
"وأما أنت أيها العاق فاعلم أنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة يقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان.
ذكر العلماء أن رجلا حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة فقال الأب: إلى أين تذهب بي يا ولدي، فقال: لأذبحك فقال: لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحن أباه، فقال الأب: فإن كنت ولا بد فاعلا فاذبحني هنا عند هذه الحجرة فإني قد ذبحت أبي هنا، وكما تدين تدان."
وقطعا حكاية كما تدين تدان فى الدنيا فكم من عاق رزقه الله بمن يبره كإبراهيم(ص) وآباه وكم من بار رزقه الله بمن عقه كابن نوح (ص) فالعاق ليس من الضرورى عقابه بالعقوق وإنما هو ما قدر الله وكتب عنده فى لوح القدر
وأنهى الرجل الكتاب بالدعاء للوالدين فقال :
"اللهم أعنا على بر والدينا، اللهم وفق الأحياء منهما، واعمر قلوبهما بطاعتك، ولسانهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا، اللهم من أفضى منهم إلى ما قدم، فنور قبره، واغفر خطأه ومعصيته، اللهم اجزهما عنا خيرا، اللهم اجزهما عنا خيرا، اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك ودار كرامتك، اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق مختوم ختامه مسك.
اللهم أصلحنا وأصلح شبابنا وبناتنا، اللهم أعل همتهم، وارزقهم العمل لما خلقوا من أجله، واحمهم من الاشتغال بتوافه الأمور، وأيقظهم من سباتهم ونومهم العميق وغفلتهم الهوجاء والسعي وراء السراب."
|