عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-06-2022, 08:00 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,067
إفتراضي نقد كتاب إثبات الشفاعة لصاحب المقام المحمود

نقد كتاب إثبات الشفاعة لصاحب المقام المحمود والرد على مصطفى محمود
المؤلف محمود عبده عبد الرازق وهذا الكتاب مر على تأليفه عدة عقود وفى مقدمته تحدث المؤلف عن حزنه بسبب موقف مصطفى محمود من المسألة لأن للرجل مكانة عند أهل مصر بسبب برنامجه العلم والإيمان خاصة أنه جاء بعد إنكاره لله وعودته للإسلام وفى كتابه ينكر مصطفى الشفاعة في عصاة المسلمين فقط ولكنه يثبتها في غيرهم كما يزعم ويزعمون كما يقول المؤلف في مقدمته :
"أما بعد
فقد أحزننا والله ما قرأناه وعلى غير ما عهدناه من مصطفى محمود أن ينكر لصاحب المقام المحمود شفاعته فى العصاة من المسلمين ويردد بذلك مذهب الخوارج المنحرفين والمعتزلة ...ونحن وإن كنا لا نشكك فى نواياه إلا أنه أصبح فتنة لكثير من الجاهلين المثقفين الأميين فى أصول الدين "
وقد استهل الرجل رده على مصطفى محمود فقال:
"فكان لا بد من إظهار هذه الأمور فى الرد على مصطفى محمود :
أولا : أن سيادته سلك منهج المعطلين المشبهين من المعتزلة والمتكلمين عندما عطلوا الأدلة بحجة نفى التشبيه عن الله فجمعوا بين جريمتي التمثيل والتعطيل ولما حوصروا اضطروا للتأويل بغير دليل وطعنوا فى السنة وتدوينها والتشكيك فى أخبارها وهذا ما حدث من فضيلته عندما خلط الأمور فى مقالته حيث سوى بين الشفاعة عند الله وما يتعلق بأحكامها وبين الشفاعة التى تحدث من الرعية لحكامها وقاس بينهما بقياس المماثلة الذى استخدمه أصحاب الملل الباطلة فى قياس الغائب على الشاهد ولم يوحدالله ويفرده عمن سواه فى مسألة الشفاعة فالشفاعة عند المخلوق ليست كالشفاعة عند الله فالمخلوق أحيانا يقبل الشفاعة إلزاما إما لوجود مصلحة تسعى إليها قرابته أو إلزاما من حزبه لتبقى عليه سيادته أو لفضل من المملوك على المالك أو قدرته علي زوال أوصاف أذن بزوالها الخالق أو التحكم فى نقاط ضعفه بإذاعة أخباره وكشف ما هو مستور من سوء أسراره فيضطر الحاكم أو المالك إلى قبول الشفاعة من المحكوم والتغاضى عن العدل أو إنصافه المظلوم راغما بغير إذنه مجبرا شافعا مكرها لا مخيرا وهذه هى الفوضى والمحسوبية التى أشار إليها مصطفى محمود لما قاس الخالق على المخلوق وعقد الأمور
أما رب العزة والجلال فمن هو صاحب الفضل عليه ؟ ومن الذى ساعده فى إنشاء الخلق وافتقر إليه ؟ سبحانه لا شريك له فى ملكه ولا ظهير له فى تدبير خلقه إن العقلاء يقبحون الشرك ويعلمون أن الله على كل شئ قدير وكل شئ إليه فقير وكل أمر عليه يسير لا يحتاج إلى شئ : { ليس كمثله شيء }"
وهذا الكلام عن القياس الخاطىء صحيح والمؤكد هو ان مفهوم الشفاعة عند الكل هو مفهوم مخالف لكتاب الله فالشفاعة ليست سوى شهادة حق لا تقدم ولا تؤخر في حكم الله فليست مناصرة لأحد أيا كان ولذا قال تعالى :
"ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم لا يعلمون"
الله هو من يحكم ومن ثم فالشفاعة ليست سوى تحصيل حاصل بمعنى أنها تؤكد حكم الله باستحقاق فلان الجنة وفلان النار وحكم الله يتم اثباته فى القيامة بأمور متعددة كنطق الأعضاء بما عملت من ذنوب وتسجيل الكتاب لأعمال الإنسان صوتا وصورة وبإقرار الكفار بكفرهم
والله ليس فى حاجة لاثبات عدله لأنه يعلم كل شىء وليس هو بحاجة لشفاعة أو غيرها ولكنه يثبت للكفار عدله فى حكمه عليهم
وتحدث المؤلف عن قبول الشفاعة فى الموحدين فقال :
"فإذا أخبرنا الله عنه نفسه أنه سيقبل الشفاعة فى الموحدين من المسلمين ولو اقترفوا بعض أنواع العصيان علمنا أنها لا تماثل شفاعة الإنسان للإنسان ولذا قال الله فى أعظم آية فى القرآن : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } فلن يقبل الشفاعة من أحد ولا فى أحد إلا إذا جاء إلى الله عبدا موحدا مشابها فى سلوكه عبده ونبيه محمدا خالصا من شوائب التشبيه والشرك مقرا لله بالخلق والأمر والملك وهذا شرط الشفاعة الذى حدده سيد الخلق لما قال فيما ثبت عنه من حديث أبى هريرة عند البخارى برقم (99) : ( أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ) "
لو عاد المؤلف وكل من يسمى عالما أو فقيها للقرآن ما وجدوا آية واحدة تقول أن الشفاعة تكون في المسلمين أيا كانوا والعبارة التى استشهد بها عبد الرازق تتحدث عمن يشفع لغيره وليس عمن يشفع فيهم وهى "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه"
وتحدث المؤلف مادحا خاتم النبيين(ص) بما لم يقله الله في كتابه فقال :
"ولما كان أعبد الخلق وإمام الموحدين وسيد الأنبياء والمرسلين هو سيدنا رسول الله فقد فضله الله على من سبق من الأنبياء بالمقام المحمود وجعله أملا للموحدين فى اليوم الموعود ونسأل الله جميعا أن يكون شفيعا لنا ولمصطفى محمود إذا رجع عن دعواه وتاب إلى الله قبل أن يلقاه "
بالقطع لم يقل الله أن محمد أعبد خلقه وسيد المرسلين بل قال أن عقيدة المسلمين التى قصها هى :
" لا نفرق بين أحد من رسله"
وقال أن المسلمين جميعا بما فيهم الرسل اخوة فقال :
" إنما المؤمنون اخوة "
وقال :
"أخوانا على سرر متقابلين"
ثانيا : لا مانع أن يجتهد سيادته فى إعمال فكره لخدمة الدين والأخذ بأيدى المسلمين إلى عليين وترك سبيل المتواكلين المعتمدين على شفاعة النبى(ص) مع تماديهم فى العصيان لكن إعمال الفكر والنظر بالمعقول يكون ممدوحا إذا أدى إلى إظهار الدين والعمل بالمنقول أعنى الكتاب والسنة وليس من شيمة المسلم أن يجعل المنقول مطية للمعقول ويضرب أدلة الكتاب والسنة ويخالف إجماع الأمة فطريقة الموحدين من أهل السنة تقوم على إظهار ما جاء فى النقل من أوجه الكمال ... فالذى خلق العقل هو الذى أرسل إليه النقل ومن المحال أن يرسل إليه ما يفسده فهو سبحانه أعلم بصناعته لعقل الإنسان وأعلم بما يصلحه على طول الزمان ...} ولو فرضنا أنه ظهر خلل أو تعارض بين العقل والنقل فذلك لسببين لا ثالث لهما : إما أن النقل لم يثبت فينسب الإنسان إلى دين الله ما لم يؤثر أنه مسموع من أنواع الضعيف والموضوع وإما أن العقل لم يفهم النقل ولم يدرك خطاب الله على النحو الصحيح وهذا ما حدث من مصطفى محمود عندما خلط الأدلة وعقد الأمور "
وكلام المؤلف عن الشفاعة يدل على أن الناس لا يفكرون فيما في القرآن حقا وإنما واحد وهو ليس النبى(ص) قطعا ولا من آمنوا به وإنما قالها كافر أراد إضلال الناس
لو عادوا للقرآن لوجدوا أن كل رسول شهيد على قومه كما قال تعالى :
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
وهو شهيد أى شفيع والشفاعة كما سبق القول شهادة حق على كل المسلمين بلا استثناء كما قال الله برسوله(ص):
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
وقال :
"ثالثا : ادعى سيادة أن الشفاعة التى وردت فى الآيات تخالف ما جاء فى الأحاديث من كلمات فقال فى عنوان ثالث المقالات ( وما هم بخارجين من النار ) دون تحقيق منه فى الاستدلال فهى تعنى المخلدين من الكفار وجميع الآيات التى أوردها ساقها فى غير موضعها فلو كنت تقصد بها يا مصطفى محمود أهل الكبائر من المسلمين فهذا باطل وخلط للأمور لأن جميع ما ذكرته ورد فى الكافرين والمشركين المخلدين فالآية الأولى :
{ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم }
قدمتها يا سيادة على نحو مبتور حيث يظن القارئ من كلامك أنها وردت فى حكم العصاة من المسلمين ولكنها فى الحقيقه وردت فى الكفار المخلدين الذين لا تنفهم شفاعة الشافعين ولا قرابة المقربين وهذا لا يخفى على عامة المسلمين فضلا عن الأساتذة المتخصصين قال تعالى :
{ إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم }
وهذا ما سيقال لك فى بقية الآيات التى أوردتها ولولا ضيق المقام لاستعرضتها كما أن منهج الوقوف على قوله تعالى : { فويل للمصلين } ليس من شيم المسلمين "
والمؤلف حرص على تصديق الروايات هو ومن معه دون أن ينظروا في القرآن فالمسلمون لا يدخلون النار ولا تمسهم لأدبا لقوله تعالى :
" وهم من فزع يومئذ آمنون"
وقوله:
"أفمن يلقى فى النار خير أم من يأتى آمنا يوم القيامة"
وقوله:
"إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر"
فكل المسلمون مبعدون عن النار ولا وجود لما يسمى مسم عاص لأن كل المسلمون ارتكبوا الأخطاء وهى العصيان ولكنهم تابوا كما في القولة الصادقة:
" كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"


رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس