عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-06-2022, 08:00 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,057
إفتراضي

وقال المؤلف:
"رابعا : بعدما تبين أن الآيات السابقة التى أوردها سيادته إنما هى فى الكافرين والمشركين وليست فى أصحاب المعاصى من المسلمين فلا قيمة لما قاله فى اتهام المحدثين : ( وهذه الثوابت القرآنية تتناقض تماما مع مرويات الأحاديث النبوية فى كتب السيرة عن إخراجه لمن يشاء من أمته من النار مما يؤكد أن هذه الأحاديث موضوعة ولا أساس لها من الصحة ولا يمكن أن تكون قد صدرت عن النبى ) وتنبه أيها القارئ البصير ودقق النظر وأمعن التفكير فى حديث الشفاعة يوم المصير فقد أنكره ..فالبخارى ليس وحده الذى انفرد بإخراج أحاديث الشفاعة وإثباتها ولم يخل كتاب من كتب السنة من ذكرها "
المؤلف اتهم مصطفى محمود بالجعل بالحديث بينما المفترض أن الرجل يعلم أن كل الأحاديث عدا عدد يعد على أصابع اليدين آحاديث آحاد أى أقوال ظنية لم يثبت أن الرسول(ص) قالها يقينا ولا سبيل لمعرفة صحتها من بطلانها إلا عبر قياسها على آيات القرآن ورفض ما يتعارض مع القرآن وقبول ما يتوافق معه معنى ولو عاد المؤلف لكتب الجرح والتعديل لعلم أن كل الرواة طعن فيهم وعلى رأسهم الأئمة الأربعة للمذاهب ومن ثم لا يوجد حديث واحد إلا وفيه متكلم فيه
ثم قال :
"خامسا : ليس فى صحيح الإمام البخارى حديث واحد يخالف ما جاء فى القرآن أو صحيح المنقول وقد تلقته سائر الأمة من وقت البخارى إلى الآن بالرضى والقبول حتى العامه لو أخطأ أحدهم فى شئ فإنه يقول : ( هو احنا غلطنا فى البخارى ) ولو سألته : من البخارى ؟ قال : لا أعرف فكيف تقول يا مصطفى محمود : ( وما يقوله البخارى مناقض للقرآن لا يلزمنا فى شئ ويسأل عنه البخارى ولا نسأل نحن فيه ولم يكن البخارى وأرضاه هو الوحيد الذى خاض فى موضوع السيرة النبوية لكن كتاب السيركثيرون وقد تناقضوا واختلفوا بين بعضهم البعض وامتلأت كتب السير بالموضوع والمدسوس من الأحاديث والعجيب والمنكر من الإسرائيليات ) ألا يميز فضيلته بين كتب السيرة وكتب الحديث ؟ قال ابن القيم فى الطرق الحكمية 1/107 : ( والذي يشهد الله ورسوله به أنه لم تأت سنة صحيحة واحدة عن رسول الله تناقض كتاب الله وتخالفه البتة كيف ورسول الله هو المبين لكتاب الله وعليه أنزل وبه هداه الله وهو مأمور باتباعه وهو أعلم الخلق بتأويله ومراده ولو ساغ رد سنن رسول الله لما فهمه الرجل من ظاهر الكتاب لردت بذلك أكثر السنن وبطلت بالكلية فما من أحد يحتج عليه بسنة صحيحة تخالف مذهبه ونحلته إلا ويمكنه أن يتشبت بعموم آية أو إطلاقها ويقول هذه السنة مخالفة لهذا العموم والإطلاق فلا تقبل حتى إن الخوارج ردت من الأحاديث الدالة على الشفاعة وخروج أهل الكبائر من الموحدين من النار بما فهموه من ظاهر القرآن وردت كل طائفة ما ردته من السنة بما فهموه من ظاهر القرآن )
ثم عيب عليك يا مصطفى محمود أن تطعن فى تدوين السنة وأن تعلم أو لا تعلم أن الرسول لما نهى عند تدوين السنة فى عصره كان ذلك للحفاظ على القرآن وعدم اختلاط المكتوب من كلام الله بالمكتوب من كلام رسول الله كما أن الصحابة كانوا يحفظون السنة ويتناقلوها فيما بينهم لا يفرقون بين العمل بمقتضى القرآن أو السنة ثم لما مات أكثرهم انكب التابعون وتابعوهم على جمع كلام الرسول خشية ذهابه فلا تشوش على دينك بجهلك ولا تقف ما ليس لك به علم وارجع إلى قسم الحديث فى جامعة الأزهر ليعلموك ويزيلوا أميتك فى علم مصطلح الحديث "
بالقطع هذا الكلام بعيد عن النقد العلمى فالمفترض هو مناقشة الروايات وأقوال مصطفى فيها للرد عليها وليس لتعليمه أصول علم الحديث فهذا كلام ليس نقدا ولا علما وقد أظهر ابن حجر في فتح البارى الكثير من تناقضات وتعارضات أحاديث البخارى وغيره ومنه قوله :
"ويستفاد منه ومن الحديث علي المتقدم ومن قصة أبي شاه أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابة الحديث عنه وهو يعارض حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن"
وقوله
"قوله بالهاجرة ظاهره يعارض حديث الإبراد لأن قوله كان يفعل يشعر بالكثرة والدوام عرفا"
وقوله:
"ولما أخرجه أبو داود وغيره من حديث علي أنه قال لناس من أشجع أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي له رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله قالوا نعم لكن يعارض هذا الظاهر ما أخرجه مسلم أيضا من حديث طلحة أنه أهدي له لحم طير وهو محرم فوقف من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث أبي قتادة المذكور في الباب قبله وحديث عمير بن سلمة أن البهزي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ظبيا وهو محرم فأمر أبا بكر أن يقسمه بين الرفاق أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه بن خزيمة وغيره"
وقوله:
"كأنه أشار إلى ما أخرجه أبو داود وغيره من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من الصحابة قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه وإسناده صحيح كما تقدم التنبيه عليه في باب الحجامة للصائم وهو يعارض حديث أبي ذر المذكور قبل قوله وما يكره من التعمق"
وقوله"
"وسيأتي في آخر غزوة تبوك قوله فلحقنا سعد بن عبادة قائل ذلك هو أبو حميد قوله فقال أبا أسيد هو منادى حذف منه حرف النداء قوله ألم تر أن الله في رواية الكشميهني ألم تر أن رسول الله وهو أوجه قوله خير الأنصار أي فضل بين الأنصار بعضها على بعض قوله خير بضم أوله وكذا قوله فجعلنا قوله أو ليس بحسبكم بإسكان السين المهملة أي كافيكم وهذا يعارض ظاهر رواية مسلم المتقدمة"
وقوله:
"قوله فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة فأمره كذا فيه وكأن هنا حذفا تقديره أراد أن يقولها فأمره ويؤيده رواية بن علية إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حى على الصلاة وبوب عليه بن خزيمة وتبعه بن حبان ثم المحب الطبري حذف حي على الصلاة في يوم المطر وكأنه نظر إلى المعنى لأن حي على الصلاة والصلاة في الرحال وصلوا في بيوتكم يناقض ذلك"
ثم قال :
"سادسا : أذكر مصطفى محمود بما أغفله تعمدا أو جهلا لأقوال الأئمة الأعلام الذين شرفهم الله بالدفاع عن الإسلام ضد الخوارج المارقين الذين قال فيهم سيد الأنبياء والمرسلين : ( يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) [ أخرجه البخارى]
أذكر فضيلته ببعض ما كان يجب أن يرجع إليه قبل أول مقال قال الآمدى فى غاية المرام فى علم الكلام 2/309 : ( وأما إنكار الشفاعة للمذنبين والعصاة من المسلمين فذلك إنما هو فرع مذهب أهل الضلال في القول بوجوب الثواب ولزوم العقاب على الله تعالى وقد بينا ما في ذلك من الخلل وأوضحنا ما فيه من الزلل فإن الثواب من الله تعالى ليس إلا بفضله والعقاب ليس إلا بعدله )
وقال ابن أبى العز الحنفى فى شرحه للعقيدة الطحاوية ص258 : ( النوع الثامن شفاعته في أهل الكبائر من أمته ممن يدخل النار فيخرجون منها وقد تواترت بهذا النوع الأحاديث وقد خفي علم ذلك على الخوارج والمعتزلة فخالفوا في ذلك جهلا منهم بصحة الأحاديث وعنادا ممن علم ذلك واستمر على بدعته )
وهذا نص كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذى زعمت زورا أنه يوافقك الرأى فى نفى الشفاعة فى عصاة الأمة حيث قال عن رسول الله : ( وله من الفضائل التى ميزه الله بها على سائر النبيين ما يضيق هذا الموضع عن بسطه ومن ذلك المقام المحمود الذى يغبطه به الأولون والآخرون وأحاديث الشفاعة كثيرة متواترة منها فى الصحيحين أحاديث متعددة وفى السنن والمساند مما يكثر عدده وأما الوعيدية من الخوارج والمعتزلة فزعموا أن الشفاعة إنما هى للمؤمنين خاصة فى رفع بعض الدرجات وبعضهم أنكر الشفاعة مطلقا ) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 1/314
وقال فى موضع آخر : ( فمن أنكر شفاعة نبينا فى أهل الكبائر فهو مبتدع ضال كما ينكرها الخوارج والمعتزلة ومن قال إن مخلوقا يشفع عند الله بغير إذنه فقد خالف إجماع المسلمين ونصوص القرآن ) السابق 27/341
وهذا أيضا كلام تلميذه ابن القيم حيث قال فى كتابه طريق الهجرتين 1/568 : ( رد الخوارج والمعتزلة النصوص المتواترة الدالة على خروج أهل الكبائر من النار بالشفاعة وكذبوا بها وقالوا لا سبيل لمن دخل النار إلى الخروج منها بالشفاعة ولا غيرها ولما بهرتهم نصوص الشفاعة وصاح بهم أهل السنة وأئمة الإسلام من كل قطر وجانب ورموهم بسهام الرد عليهم أحالوا بالشفاعة على زيادة الثواب فقط لا على الخروج من النار فردوا السنة المتواترة قطعا وصاروا مضغة في أفواه الأمة وعارا في فرقها فإن أمر الشفاعة أظهر عند الأمة من أن يقبل شكا أو نزاعا ولكن إنما أتى القوم لأنهم في غاية البعد عما جاء به الرسول أجانب عنه ليسوا من الورثة وأما الخوارج فكذبوا الصحابة صريحا وأما المرجئة فإنهم يجوزون أن لا يدخل النار أحد من أهل التوحيد وهذا بخلاف المعلوم المتواتر من نصوص السنة بدخول بعض أهل الكبائر النار ثم خروجهم منها بالشفاعة ) ويمكن لمصطفى محمود أن يرجع إلى هذه المواضع من كتب التراث : البيهقى فى شعب الإيمان 1/281 والتحفة العراقية ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 10/7 وكتابه التصوف والسلوك 11/661 وكتاب الروح لابن القيم 1/135 ويمكن لمصطفى محمود أن يستقصى على الكمبيوتر فى المكتبة الألفية للسنة النبوية ألاف المواضع فى إثبات الشفاعة والرد على المعتزلة والخوارج ولو أراد أن يرى بعينه لأريناه "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس