عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-06-2022, 02:43 PM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,890
إفتراضي

وكان هرقل قد تسلم عرش القسطنطنية قبل ذلك بثمانية أعوام بعد حوادث وخطوب جمة , ومضى معظم عهده في حروب طاحنة مع الفرس, وكان الفرس قد غلبوا على مصر وسوريا وآسيا الصغرى, فتصدى لهم هرقل فقاتلهم وهددوا بلادهم , وسحقت قوات هرقل معظم قوات الفرس في موقعة نيفة الحاسمة في شهر كانون الأول (ديسمبر) سنة 627م. وفر كسرى الثاني ملك الفرس المعروف بكسرى أبرويز من عاصمته المدائن , ثم قبض عليه ولده سيروس وقتله وجلس مكانه على العرش وعقد الصلح مع هرقل وعاد قيصر إلى القسطنطينية ظافرا يحمل صندوق الصليب المقدس الذي كان الفرس انتزعوه من بيت الصليب القدس , ثم سار في سنة 628م حاجا إلى بيت المقدس سيرا على الأقدام , ومعه الصليب ليرده إلى موضعه بالقبر المقدس ؛ فبينما هو في بيت المقدس يؤدي مراسم الحج إذ وفد عليه حاكم بصرى بوسترا ومعه دحية بن خليفة الكلبي, فقدم إليه كتاب النبي(ص) وأخبره بمضمون سفارته, وتقول الرواية الإسلامية أن هرقل استقبل سفير النبي بأدب وحفاوة, وسأله عن بعض أحوال النبي (ص) , وأحوال رسالته بل تذهب الرواية به إلى القول بأن هرقل هم باعتناق الإسلام لولا أن خشي نقمة البطارقة وأنه صارح دحية برغبته, وهذه مبالغة بلا ريب ونستطيع أن نتصور ما أثارته سفارة النبي في نفس قيصر من بواعث الانكسار والدهشة, ولعله لم يكنقد سمع عن محمد ورسالته من قبل, ورد السفير النبوي ببعض المجاملات والأقوال الودية , ولما عاد هرقل إلى عاصمته وصلته رسالة أخرى تلقاها عامله على الشام المنذر بن الحارثة الغساني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يد رسوله , شجاع بن وهب يدعوه فيها إلى الإسلام ويحذره عواقب المخالفة فبعث بها المنذر إلى هرقل وسأله هل يسير لمحاربة ذلك الذي اجترأ على الوعيد, فلم يوافقه هرقل على ذلك، ورد شجاع كما رد دحية ببعض المجاملات والتحيات وتقول بعض الروايات إن عامله شرحبيل الغساني قتل شجاع الأسدي وكان هذا التصرف سبب من أسباب معركة مؤتة عام 8 هـ."
والرسالة المزعومة باطلة لاحتوائها على مخالفة صريحة لكتاب الله ولا يمكن للنبى(ص) قولها وهى قول الرسالة:
" فإن توليت فإن عليك إثم الإريسيين"
فإثم الأمة لا يكون على أحد لقوله تعالى :
" ولا تزر وازرة وزر أخرى"
فالعمل الذى يحاسب عليه الإنسان هو عمله هو وليس عمله غيره كما قال تعالى :
"كل نفس بما كسبت رهينة"
والغريب أن هذا الخطأ هو الخطأ الذى قامت عليه عقيدة الصلب النصرانية وهى تحمل واحد لآثام الكل
وتحدث عن الرسالة للمقوقس فقال :
"وفي نفس الوقت وصلت سفارة النبي إلى مصر يحملها بن أبي بلتعة اللخمي وتجمع الرواية الإسلامية على أن هذه السفارة كانت موجهة إلى المقوقس عظيم القبط وتقدم إليه صورة كتاب النبي الذي أرسل إليه مستهلا بهذه العبارة بسم الله الرحمن الرحيم من رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط وهو في نص الكتاب الذي وجه إلى هرقل وفي نفس عباراته مع تغيير يسير في بعض الروايات وفيه يدعى المقوس كما دعي هرقل إلى اعتناق الإسلام، وهنا يجب أن نقف قليلا عند شخصية المقوس هذا الذي تعرفه الرواية الإسلامية دائما بأنه عظيم القبط فقد كانت مصر يومئذ ولاية رومانية استردها هرقل من الفرس بعد أن لبثوا فيها عدة أعوام ورد إليها سلطة قسطنطينية وعاد يحكمها الولاة الرومانيون كما كانت من قبل ولم يكن لأهلها القبط أي نوع من الاستقلال والظاهر أن هذه الحقائق لم تكن مجهولة في المدينة حيث تدل رسائل النبي(ص) وكتبه على أن الأحداث والأوضاع السياسية التي كانت تسود الجزيرة العربية وما يجاورها من الممالك كانت معروفة من النبي وصحبه فالمرجح أن المقوقس الذي تردد الرواية العربية اسمه هو كيروس حاكم مصر الروماني بيد أن هنالك نقطة ما تزال غامضة هي أن كيروس لم يعين حاكما لمصر إلا في سنة 631 م أي بعد إرسال السفارات النبوية بأكثر من عامين ولا يمكن أن تفسر هذه الثغرة في التواريخ إلا بأن السفير النبوي قد أنفق الوقت في قطع الطريق ثم في الانتظار أو أن كيروس كان معنيا من قبل ذلك ليحكم مصر بصفة رسمية بيد أن الواقدي يقدم إلينا حلا لهذا المشكل فيقول أن سفارة النبي إلى المقوس كانت في السنة الثامنة من الهجرة لا في أواخر السنة السادسة. وأواخر السنة الثامنة من الهجرة توافق أواسط سنة 630م, فإذا أضفنا إلى ذلك طول المسافة من المدينة إلى مصر استطعنا أن نضع مقدم السفير النبوي في أوائل 631م وعلى أي حال فالمرجح والمعقول هو أن السفارة النبوية لم توجه لأحد في مصر غير الحاكم العام وقد كان هذا الحاكم العام هو كيروس ومما يؤيد هذه الحقيقة هو أن السفير النبوي قصد الإسكندرية ليؤدي مهمته وقد كانت الإسكندرية يومئذ مقر الحاكم الروماني. اخترق حاطب بن أبي بلتعة اللخمي مصر من شرقها إلى غربها وقصد الإسكندرية ليؤدي سفارة النبي ورسالته وأخذ كيروس في مجلسه المشرف على البحر فاستقبله بترحاب وحفاوة وتلقى منه كتاب النبي وناقشه في مضمونه وسأله عن النبي(ص) ودعوته وهنا تقول الرواية الإسلام أيضا كما قالت في شأن هرقل أن المقوقس كيروس أفض إلى حاطب بأنه مؤمن بصدق رسالة النبي وأنه يود لو تبعه لولا خشيته من القبط ثم صرف حاطبا بكتاب منه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهبة يذكرها في الكتاب وإليك نصه كما يورده ابن عبد الحكم أقدم مؤرخ لمصر الإسلامية (لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام) وفي بعض الروايات أن الهدية تضمنت فوق ذلك حمار وشيئا من العسل والمال والجاريتان هما مارية القبطية وأختها شيرين وقد أسلمتا على يد النبي- صلى الله عليه وسلم - وتزوج النبي بمارية القبطية ورزق منها بولده إبراهيم الذي توفي طفلا ووهب أختها شيرين لأحد أصحابه المقربين إليه وفي زواج النبي بمارية وفي مولده ولده إبراهيم دليل قاطع على أنه كانت ثمة مخاطبات وعلاقة حقيقة بين النبي وعظيم مصر يومئذ أعنى كيروس الحاكم الروماني."
من كلام الحربى السابق نجد أن الروايات متضاربة في الرسالة لحاكم مصر فليس معقولا أن يستغرق رسول رسول الله(ص) عامين في الطريق لمصر حتى ولو سار على قدميه فالمسافة مشيا لا تستغرق شهرين ولكن الرجل كما يقول الحربى استغرق عامين حتى وصل للحاكم
كما أن الروايات متناقضة في المهدى لرسول(ص) من قبل المقوقس
وتحدث الحربى عن كون أن نتائج كل السفارات كانت واحدة وهلا النتيجة السلبية وهى رفضهم لاتباع الإسلام كدين فقال :
"هكذا كانت النتائج التي انتهت إليها الكتب والسفارات النبوية إلى قيصر وعامليه على مصر والشام وقد كانت نتائجها سلبية ولم تكن حاسمة في شيء بيد أنها كانت بلا ريب ذات أثر معنوي عميق في البلاط الروماني وفي الكنيسة والحقيقة إن معظم المراجع التي كتبت في هذا الشأن لم تزد عن هذه النتائج. ولكنني أرى أن هؤلاء السفراء أعطوا صوتا إعلاميا خارج شبه الجزيرة العربية بوجود النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتحقق بالتأكيد إنه آخر الأنبياء وأن هؤلاء الملوك و الأمراء يعرفون أن هناك نبيا اسمه أحمد فثبت لديهم أنه نبي ورسول لا محالة في ذلك، ولولا خوفهم لآمنوا به لأنهم يعرفون ذلك.
وأما الكتب والسفارات النبوية في شرق الجزيرة, ويقصد بها السفارة الثانية فقد لقيت مصائر أخرى, وكانت ثلاثا أهمها سفارة فارس, وكان سفير النبي إلى ملك فارس عبد الله بن حذافة السهمي, فقصد إلى المدائن ومعه الكتاب النبوي, وتقدم الرواية الإسلامية أيضا نص هذا الكتاب فيما يلي: (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله وأدعو بدعاء الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك وكان ملك الفرس يومئذ كسرى أبرويز فلما قرأ عليه كتاب النبي مزقه وأهان السفير و طرده وبعث إلى عامله في اليمن أن يبعث إلى محمد من يتحقق خبره أو يأته به فصعد بالأمر بيد أنه حدث في تلك الأثناء بالمدائن حوادث خطيرة فإن شيرويه سيرون ولد كسرى ثار عليه وقتله

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس