عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-06-2022, 02:43 PM   #3
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,890
إفتراضي

وانتزع الملك لنفسه ويضع الواقدي تاريخ هذا الانقلاب في العاشر من جمادى الأولى قبل قيام البعثة النبوية بنحو شهر وإذا فالمرجح أن الذي استقبل السفير النبوي هو شيرويه ولد كسرى أما حادث إرسال كسرى لعامله على اليمن أن يتحقق خبر محمد أو يأتيه به فالمرجح أنه وقع قبل البعوث النبوية وقبل مصرع كسرى ببضعة أشهر لما نمى إلى كسرى من ظهور الدعوة الإسلامية."

وقد تكرر نفس خطأ رسالة هرقل في رسالة كسرى وهو قول الرسالة :
" فإن إثم المجوس عليك"
وكما سبق القول فالرسول(ص) لا يمكن أن يخالف القرآن مرتين متتاليتين في نفس الخطأ فالقول مخالف لعشرات الآيات مثل :
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
ومثل :
"ووفيت كل نفس ما عملت"
فكل واحد حسابه على عمله وليس على عمل غيره
وتحدث عن رسالة البحرين فقال :
" وفي السنة الثامنة من الهجرة 630م قصد إلى البحرين سفير آخر هو العلاء الحضرمي ومعه كتاب نبوي إلى أميرها المنذر بن ساوي, وقصد إلى عمان عمرو بن العاص الذي أسلم قبل ذلك بأشهر قلائل ومعه أيضا كتاب نبوي إلى أميرها جيفر بن جلندا, وفي الكتابين يطلب النبي(ص) إلى هؤلاء الأمراء اعتناق الإسلام أو أداء الجزية, بيد أنهما حسب ما تنقل الرواية الإسلامية قد صيغا في أسلوب يخالف أسلوب الكتب السابقة؛ فمثلا تنقل إلينا كتاب النبي إلى أمير البحرين فيما يأتي:
"من محمد النبي رسول الله إلى المنذر بن ساوى سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتابك جاءني به رسولك أن من صلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا فإنه مسلم له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين ومن أبى فعليه أداء الجزية", ففي الكتاب خياران الإسلام أو دفع الجزية, ولم يرد في الكتب السابقة وهو بهذه الصفة ذو صيغة عملية ثم هو يدل على أمر آخر هو أنه رد على استفهام وجهة البحرين إلى النبي عن أحكام الإسلام وقد تضمن الكتاب الذي أرسل إلى أميري عمان شرح بعض أحكام الإسلام أيضا وكان لهاتين السفارتين نتيجة عملية فإن أمير البحرين وأميري عمان آمنوا برسالة النبي- صلى الله عليه وسلم - واعتنقوا الإسلام وأدوا الجزية عن رعاياهم وأرسلت سفارة ودعوة على يد سليط بن عمرو إلى أمير آخر من أمراء هذه الأنحاء هو هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة, وكان نصرانيا فرد على النبي بكتاب خشن يطالب فيه بمشاركة النبي أمره وسلطانه شرطا لدخول في دعوة الإسلام."
الغريب هنا أن رسالة البحرين وعمان تقول :
"ومن أبى فعليه أداء الجزية"
فالجزية لا تدفع إلا عندما يسيطر المسلمون على أرض الدولة الأخرى نتيجة اعتدائهم وهنا لا يوجد اعتداء ولا حرب حدثت بين الفريقين فكيف يؤدون الجزية ؟
والغريب في قول الحربى هو أن الملكين ومن عندهم أسلموا ومع هذا دفعوا الجزية والجزية على الكفار الذميين وليست على المسلمين وهو قول الحربى :
"فإن أمير البحرين وأميري عمان آمنوا برسالة النبي- صلى الله عليه وسلم - واعتنقوا الإسلام وأدوا الجزية عن رعاياهم"
وتحدث الرجل عن سفارة الحبشة فقال :
"بقي أن نتحدث عن سفارة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحبشة وهي السفارة الثالثة ولكنها الوحيدة التي أرسلت إلى ما وراء البحر, وقد كان إرسالها في ختام السنة السادسة أو فاتحة السنة السابعة في نفس الوقت الذي أرسلت فيه سفارتا قيصر وكسرى وكان بين الحبشة والنبي(ص) وأنصاره قبل ذلك علاقة ودية منتظمة وإلى الحبشة لجأ كثير من أنصار النبي(ص) أيام هجرتهم فرارا من اضطهاد قريش وأقاموا بها تحت حماية النجاشي ورعايته ومنهم جعفر بن أبي طالب ابن عم النبي(ص) فلما نظمت السفارات النبوية إلى ملوك العرب والعجم أرسلت سفارة إلى ملوك الحبشة النجاشي على يد عمرو بن أمية الضمري في ذي الحجة سنة ست من الهجرة أعني في نفس الوقت الذي أرسلت فيه سفارة قيصر.
ووجه النبي إلى النجاشي كتابين يدعوه في أولهما إلى الإسلام ويطلب إليه في ثانيهما أن يرسل إلى المدينة من عنده من المسلمين اللاجئين.
وقد صيغت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي في أسلوب خاص في روحه وألفاظه ما تقدم من الدعوات وإليك نص هذه الدعوة حسبما يقدمها إلينا ابن إسحاق في السيرة:
" بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة سلم أنت فإني أحمد الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه كما خلق آدم بيده ونفخه وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي جعفر ونفرا من المسلمين فإذا جاءوك فاحترمهم ودع التجبر فإني أدعوك وجنودك إلى الله فقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي والسلام على من اتبع الهدى".
وقد كان النجاشي نصرانيا, وكانت النصرانية تسود الحبشة منذ القرن الرابع الميلادي, وفي الكتاب النبوي شرح لموقف الإسلام نحو النصرانية ونظريته في خلق المسيح بهذه الوحدة. وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -أيضا يطلبه بأن يعقد زواجه من أم حبيبة بنت أبي سفيان, وكانت من المسلمين اللاجئين وكانت زوجة لصاحبي يدعى عبيد الله هاجر بها إلى الحبشة ثم ارتد هناك عن الإسلام وتنصر وتوفي مرتدا.
وتقول الرواية أن النجاشي لبى دعوة النبي (ص)وأسلم وبعث إليه بكتاب يؤكد فيه إسلامه وأنه حقق رغبته في تزوجه من أم حبيبة نيابة عنه وبعثها إليه مع من كان عنده من المسلمين في سفينتين كبيرتين بيد أنه يلوح لنا أن القول بإسلام النجاشي مبالغة يمكن أن تحمل على ما أبداه النجاشي من أدب ومجاملة في استقبال السفارة النبوية والمرجح أن النجاشي لم يسلم ولو أسلم النجاشي يومئذ لكان الإسلام قد غمر الحبشة كلها و لكانت النصرانية قد غاضت منها بيد أن الإسلام لمن ينتشر في الحبشة إلا بعد ذلك وكان انتشاره في الجهات الشرقية الجنوبية فقط."
وهذا الكلام يؤكد أن الروايات كلها في الموضوع كاذبة لأن كثير من الروايات أكدت إسلام النجاشى من خلال باب الجنازات حيث صلى المسلمون عليه صلاة الغائب طاعة للرواية القائلة" صلوا على أخيكم "
ومن أسلم هذا كان موته في السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة بينما من تحدث عنه الحربى كان موجودا بعد سنة ثمانية
وتحدث الحربى عن وجود رسائل لآخرين فقال :
"ونلاحظ أخيرا أن البعوث والسفارات النبوية لم تقتصر على من تقدم الملوك والأمراء فقد أوفد النبي بعوثا وكتبا أخرى إلى عدة من زعماء الجزيرة المحليين لتحقيق نفس الغاية في ظروف وتواريخ مختلفة أسفر بعضها عن نتائج عملية مرضية ودخل بعض هؤلاء الزعماء في الإسلام وكانوا عونا له فيما بعد كانت هذه السفارات والكتب النبوية عملا بديعا من أعمال الدبلوماسية بل كانت أول عمل قام به الإسلام في هذا الميدان.
وليس أطلع من هذه السفارات دليلا على ما كانت به نفس النبي- صلى الله عليه وسلم - من فيض في الإيمان والشجاعة ذلك النبي الذي لم يكن قد نجا بعد من اضطهاد قومه ولم يكن له سلطان يعتد به أو قوى يخشى بأسها يقدم في ثقة وشجاعة على دعوة قيصر الدولة الرومانية وعاهل الدولة الفارسية وباقي الملوك والأمراء المعاصرة على اعتناق دعوة لم تكتمل بعد في مهدها على هذه الدبلوماسية الفطنة التي لجأ إليها النبي في مخاطبة ملوك عصره لم تذهب كلها عبثا كما رأينا ولا ريب أن النبي لم يكن يتوقع أن يلبي أولئك الملوك الأقوياء دعوته وهو مازال يكافح في بثها بين عشيرته وقومه بيد أن إيفاد هذا المبعوث كان عملا متمما للرسالة النبوية وكان العالم القديم الذي يتوجه إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعوته يقوم يومئذ على أسس واهية تنذر بالانهيار من وقت إلى آخر وكانت الأديان القديمة قد أدركها الانحلال والوهن وفسدت مثلها العليا فكانت الدعوة الإسلامية تبدو في جدتها وبسطها وقوتها ظاهرة تستحق البحث والدرس ولم يكن عسيرا أن يستشف أولو النظر البعيد ما وراء هذه الدعوة الجديدة من قوى معنوية تنذر بالانفجار في كل وقت وقد كان الانفجار في الوقع سريعا فلم تمض أعوام قلائل على إيفاد هذه البعوث حتى كان الإسلام قد غمر الجزيرة العربية وانساب تيار الفتح الإسلامي إلى قلب الدولتين الرومانية والفارسية وأخذ العرب أبناء الدين الجديد وحملة الرسالة المحمدية يعملون بسرعة خارقة على إنشاء الدولة الإسلامية الكبرى."
وكما سبق القول فإن تلك السفارات لم تبعث وتلك الرسائل لم تكتب وهو ما أشار إليه الحربى معتبرا هذا من أقوال المستشرقين وهو أساسا لم يناقش ما في الرسائل فقال :
"وقد تناول البحث الغربي حوادث السفارات النبوية فيما تناول من حياة النبي- صلى الله عليه وسلم - وكان جل اعتماده في شأنها على الرواية الإسلامية وهنالك من كتاب السيرة الغرين من يبدي ريبا في أمر هذه السفارات أو يبدي بالأخص ريبا في صحة الكتب والرسائل النبوية وهذا أمر طبيعي يثيره أعداء الإسلام حول هذه السفارات والبعثات الدبلوماسية, وليس ذلك من باب الحقائق التاريخية ومدى صحتها أو حتى بطلائها وإنما لحقد في قلوب هؤلاء الأعداء الذين يراقبون الفرص ويضعون الخطط للهجوم على الإسلام والقضاء عليه ولكن الله عز وجل لا بد أن يتم نوره ولو كره الكافرون."
وقطعا من يبتغى الحقيقة مناقشا إياها من خلال كتاب الله ليس عدوا وإنما من يصدق كل ما يروى جاهل
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس