عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-07-2022, 09:30 AM   #4
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,891
إفتراضي

ويري بن عباس عن النبي (ص)" فلو ترك الله الشمس والقمر كما خلقهما لم يعرف الليل من النهار ولا كان الأجير يدري إلى متى يعمل ولا الصائم إلى متى يصوم ولا المرأة كيف تعتد ولا تدري أوقات الصلوات والحج ولا تحل الديون ولا حين يبذرون ويزرعون ولا متى يسكنون للراحة لأبدانهم ولذلك جعل الله الليل والنهار "
هنا الأخذ بالأسباب هو ابتغاء الفضل وهو الرزق وتعلم السنين والحساب من منازل القمر
ثم قال :
17 - وفي قضية الخضر مع سيدنا موسى في مسألة خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار مجموعة من سبل الأخذ بالأسباب كما بينت الآيات.
يقول الله عز وجل:
"قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا "
فهذه الآيات تبين أن الخضر عليه السلام أخذ بالأسباب -رغم غياب العلم بها بالنسبة لسيدنا موسى -حين خرق السفينة ملك المساكين الذين كانوا يعملون في البحر لأنه كان هناك ملك ظالم في الجانب الآخر من النهر يأخذ السفن التي تصل إلي هناك غصبا، وكذلك أيضا حين قتل الغلام الذي كان سيصبح كافرا ويرهق والديه طغيانا وظلما وحين بني الجدار في القرية التي أبت إطعامهما للحفاظ علي كنز دفين لغلامين يتيمين في المدينة."
وبالقطع هذا القصة لا علاقة بها بالأخذ بالأسباب لأن الأسباب التى يتحدث عنها عزب كانت أسباب باطنة غيبية لم يعلمها سوى العبد الصالح(ص) ومن ثم فهة معجزة لا تتكرر وموسى(ص) كنبى (ص) لم يعلم عنها شىء ومن ثم فشل في التعلم
ومن ثم فنحن لا يمكن أن نكون كالعبد الصالح(ص) لكوننا لا تعلم الغيب
ثم قال :
18 - {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}
في هذه الآية الكريمة نجد الله عز وجل يأمر النبي بتبليغ النساء من المؤمنات بأن يدنين عليهن من جلابيبهن وجعل ذلك سببا لعدم معرفة الغير لهن وإيذائهن، وهذا ضرب من الأخذ بالأسباب فيما يتعلق بلباس المرأة وضرورة سترها لنفسها حتى لا تتعرض للأذى من الغير من ذوى النفوس الضعيفة أو القلوب المريضة.
يقول الأمام القرطبي:
لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلي نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله (ص)أن يأمرهن بإرخاء الجلاليب عليهن إذا أردن الخروج إلي حوائجهن"
هنا الأخذ بالأسباب هو لبس الجلابيب الطويلة لمنع العقاب وهو جلد كل من لبست لباسا قصيرا
ثم قال :
19 - {الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}
الله عز وجل جعل البحر سببا لجريان الفلك بما تحمل من أشياء ثقيلة يصعب حملها أو نقلها حتى يبتغي الإنسان من فضل الله بما يتيسر له من سبل الحياة كما جعل كل شيء مسخر في السماء والأرض للإنسان حتى تستقيم حياة الإنسان وتزدهر ويتحقق الرقي والبقاء والنهضة."
اخذ الإنسان بالسبب هنا هو ابتغاء فضل الله وليس غيره لأن بقية الأمور هى خلقة الله التى لا يقدر الإنسان على تنظيمها أو التدخل فيها
ثم قال :
20 - {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز }
الله عز وجل أرسل الرسل بالمعجزات وبالكتب والحكم بين الناس ليستقيم العدل وتستقيم حياة الناس به. فالعدل الذي جاء به الرسول هو سبب الحياة وهذه مسألة خطيرة جدا فبدون العدل لن تستقيم الحياة، ..ويؤكد لهم حقيقة كون الإسلام أدرك أهمية العدل بين الناس كأساس لاستقامة الحياة البشرية، وبدونه لن تستقيم حياة أي مجتمع طويلا، ولن يتقدم أي مجتمع وينهض ويسود بدون العدل.
وبالنسبة للشق الثاني من الآية نجد الله عز وجل يجعل خلق الحديد سببا لحدوث البأس والمنافع لحياة الإنسان.... إلخ."
هنا أخذ البشر بالأسباب وهو تطبيق الكتاب بالعدل واستخدام الحديد كمصدر من مصادر النفع للناس في مجالات عملهم المختلفة
وأنهى عزب كلامه بالحديث عن التطبيقات التربوية فقال :
"5 - التطبيقات التربوية للأخذ بالأسباب كقيمة في القرآن الكريم:
تبدأ هذه التطبيقات التربوية مع صياغة فلسفة التعليم وأهدافه منذ بداية السلم التعليمي. ويمكن أن تتضمن فلسفة وأهداف التعليم إكساب أولادنا الأخذ بالأسباب كواحدة من القيم الإسلامية الهامة التي نحتاج إليها في حياتنا.
فالغرب يأخذ بالأسباب في كل شيء وقد يكون هناك فشل في بعض الأحيان ولكن هذا لا يثنيهم عن الأخذ بالأسباب مهما كلفهم هذا الفشل، يحدث هذا في تجارب الفضاء وفي التجارب العلمية التي تتم بشكل دائم.
يمكن التطبيق التربوي للأخذ بالأسباب علي مستوي المناهج والمقررات الدراسية من خلال بعض الآيات القرآنية التي تبين كيف أن الماء سبب للحياة وللإنبات وكيف أن الحديد له منافع شتي نعرفها وقد لا نقرها منها ونبحث عنها للاستفادة منها .... إلخ.
يمكن ذلك أيضا من خلال بعض الأنشطة المدرسية التي يمكن من خلالها بناء نماذج للبيوت ونحت أكنان من الصخور ورسم نماذج للأشجار التي نستظل بها كما بينت الآيات القرآنية.
يمكن ذلك أيضا من خلال المكتبة وأن نطلب من التلاميذ قراءة بعض الكتب عن الأخذ بالأسباب في الحياة...
يمكن أن يقوم المعلم بدور هام في إكساب الطلاب قيمة الأخذ بالأسباب باعتباره مربيا ومعلما .... الخ.
يمكن أن تقوم الإدارة المدرسية بدور هام في هذه المسألة خاصة حين تتبنى مسألة إكساب الطلاب كافة القيم العلمية بصفة عامة وقيمة الأخذ بالأسباب بصفة خاصة .... الخ.
يمكن ذلك أيضا من خلال الإذاعة المدرسية خاصة وأنها تصل إلي شتى الطلاب في طابور الصباح وغيره وأن يتم تخصيص موضوعات تتعلق بمسألة الأخذ بالأسباب كقيمه إسلامية ينبغي العمل بها نظرا لأهميتها.
ومن خلال علاقة المدرسة بالمجتمع المحلي يمكن عمل ندوات أو حفلات أو مؤتمرات لمناقشة مسألة الأخذ بالأسباب..."
وعزب هنا لا يفرق بين السببية وبين الأخذ بالأسباب فالسببية مثلا ما قاله عن إنبات الزرع من خلال الماء وأما الأخذ بالأسباب فهو حرث الأرض وبذر الأرض أو وضع الفسائل
فالسببية فى الغالب هى أمور إلهية في الخلق وأما ألأخذ بالأسباب فهو تطبيق الإنسان لما أمره الله به
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس