وحدثنا عن المناعة الفكرية فقال :
"المعطى الثالث: الحاجة إلى المناعة الفكرية.
نحن في حاجة تكوين العقلية الناقدة لأنه في زمن الهزيمة النفسية وهيمنة الحضارة الغربية نحتاج إلى تعزيز العقليات التي تحدث عندها ما يسمى بالمناعة الفكرية والمناعة الفكرية أحد أقوى طرق تأسيسها هو: أن تكون عند الإنسان عقلية ناقدة يستطيع أن يؤسس بها المناعة بحيث يميز بين الأفكار الصحيحة والباطلة، وبالمناسبة تأسيس المناعة العقلية هو في الحقيقة نوع من التجديد الذي جاء ممدوحا في الشريعة، الشريعة حين مدحت التجديد، الأمة تحتاج إلى تجديد في الدين، ومن طرق التجديد في الدين أن يجدد الإنسان الوعي العقلي عند المسلمين وعند متطلبي المعرفة والعلم، ومن صور تجديد الوعى المعرفي هو أن يثير المضامين التي تأسس العقلية الناضجة."
وكلام العميرى يحتوى على خطأين:
الأول وجود تجديبد في الدين وهو ما يخالف أن الدين فيه حكم كل شىء كما قال تعالى :
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فكيف تكون الشريعة كاملة وتحتاج لتجديد؟
التجديد المزعوم هو إضافة وهو اتهام صريح لله أن كاذب في قوله " اليوم أكملت لكم دينكم" واتهام صريح للنبى(ص) بأنه لم يبلغ الرسالة كاملة مع أن الله يقول " ما فرطنا في الكتاب من شىء"
الثانى بناء العقلية الناقدة على المناعة الفكرية وكلمة المناعة نفسها تعنى وجود حماية تامة للمسلم ومن ثم فلا تحتاج المناعة لبناء ولا لتجديد لأنها موجودة من خلال الدين نفسه فالمناعة هى أحكام الدين كلها فهى البناء الفكرى للمسلم والذى ينقد على أساسه أى شىء يحدث له أو معه او حوله
وحدثنا عما سماه الانفتاح والايجابية فقال :
"المعطى الرابع: هدف الإيجابية المعرفية.
تكوين العقلية الناقدة له دور كبير في تحقيق الايجابية المعرفية، إذا وجد التنوع ووجدت الانهزامية المعرفية في هذه الحالة يتحتم علينا أن نلتفت بشكل كبير إلى هدف الإيجابية المعرفية، ولا يمكن أن تكون عندنا إيجابية معرفية، ولا أقصد بها أن يكون موقفنا من الآخرين هو: أن نأخذ أو لا نأخذ، هذه ليست إيجابية معرفية، ما يسمى عندنا بالانفتاح وضوابط الانفتاح.
دخولك إلى الآخرين يمكن أن يكون من عدة نوافذ:
النافذة الأولى: نافذة الانفتاح وعدم الانفتاح.
النافذة الثانية: هي نافذة الايجابية المعرفية التي تقتضى التأثير وعدم التأثر.
يجب أن يكون من همومنا نحن في هذا العصر ليس فقط: هل نفتح على الآخرين، أم لا؟ وإنما كيف نؤثر في الآخرين وكيف لا نتأثر بهم، هذا هو البحث أو الانطلاق من نافذة التأثير، والتأثر هو ما أقصده بالايجابية المعرفية.
كثيرا ما تحدثنا عن الانفتاح ولكن التركيز على الانفتاح ليس منهجيا بشكل كبير، وإنما الأفضل التركيز على الايجابية المعرفية التي تقتضى البحث في التأثر والتأثير، فإذا كانت هذه هي النافذة التي ننفذ بها إلى العالم من حولنا، هذا يتطلب علينا أن تكون عندنا مهارة التفكير الناقد، لانه لا يمكن أن تنجح في الإيجاببة المعرفية بحيث تؤثر في الاخرين وتحدث عندهم قناعة بمواقفك ويكون عندك أيضا ملكة في تمييز ما عندهم من حق وصواب، إلا إذا كانت عندك عقلية ناقدة."
وهذا كلام كما يقاتل إنشائى لا فائدة منه فالمسلم منفتح بالضرورة على كل المخالفين في كل أمر لأن الشريعة فيها حكم كل أمر ومن ثم فما يطلبه العميرى وهو اقناع الآخر بالمواقف من خلال تلك العقلية هو ضرب من الخبل
لو كان الأمر كما يزعم لأقنع النبى(ص) العالم كله ولكن الأمر ليس بالاقناع فكل الأنبياء(ص) كان كلامهم في الدعوة مقنع ومع هذا كانت أغلبية الناس كفرة بهم ولذا قال تعالى لخاتم النبيين(ص):
" وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"
فمن يريد الاقتناع سيقتنع ومن لا يريد لن يقتنع كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ولو نظر العميرى في قبة السماء لوجد الشمس تدور فوق الأرض ولكن معظم البشر يصدقون أن ألأرض هى من تدور حول ألأرض نتيجة النظرية التى درسوها في المدارس بدون تفكير إن الإنسان يكذب عينيه
هذا مثال على عملية الكفر والإيمان فالمقنع الأكبر هو النظر ومع هذا ألغت معظم البشرية عقولها فكذبت عيونها التى ترى الحقيقة ظاهرة
وتساءل العميرى عن مناهج صناعة العقلية الناقدة وأجاب فقال :
"مناهج صناعة العقلية الناقدة
ماهي المناهج المقترحة لصناعة العقلية الناقدة؟
طبعا هناك مناهج متعددة، نسمع كثيرا أن الذي يريد أن يكون عنده عقل ناقد وعقل مميز عليه أن يدرس الفلسفة أو يدرس المنطق، وطبعا، وهذا كثيرا ما يذكر هذين المنهجين، وهذا ليس دقيقا إنما هو انخداع بالاسماء،الفلسفة والمنطق هي في حاجة إلى عقلية ناقدة، هي في حاجة إلى تصحيح الاخطاء المعرفية والمنهجية الموجودة فيها، وليس صحيحا أن نبني عقلية ناقدة ناضجة بمنهجية ليست ناضجة بالنهاية فيها أخطاء منهجية كبيرة تنحرف بالذهن البشري إلى مناطق أخرى لا يمكن أن يتحقق من صدقها ومن خطئها سواء كانت الفلسفة اليونانية أو الفلسفة الغربية وكذلك المنطق الأرسطي أو المنطق الغربي = كل هذه المناهج التي أرادت صناعة العقل هي مناهج تحتاج إلى إعادة تكرير وإعادة صناعة لانها مليئة بالاخطاء، إذا كان الامر كذلك، فما هي المناهج التي تساعدنا على تكوين العقلية الناقدة؟
أنا حاولت انني أحصر بعض المناهج وبعض الطرق التي نستطيع أن نصنع بها العقلية النافدة، من أول المناهج:
الطريق الأول: تفعيل منهجية المحدثين في نقد الحديث.
منهجية المحدثين في نقد الحديث منهجية عقلانية وصارمة جدا، بل إن العيش مع هذه العقلية - عقلية المحدثين - يعطي الذهن ملكة في التمحيص الدقيق للمقالات، والبحث عن جميع المؤثرات حول المعلومة، طبعا المحدثين يبحثون حول النص أو ناقل النص نحن نريد أن ننقل هذه المنهجية التي طبقوها على تنوعات ظاهرة من الحديث: يعني أحاديث باطلة وأحاديث موضوعة ومئات الرجال، ومع هذا استطاعوا أن يميزوا بين الصحيح وبين الضعيف بكل جدارة، هذا يدل على أن العقلية أو المنهجية التي أتوا بها منهجية صلبة، منهجية ثرية، نحتاج أن نفعلها في تكوين العقلية الناقدة التي ندعوا إليها وسنبين معالمها."
منهجية أهل الحديث قائمة على ألغاء عقولهم في المتون فهم يركزون على شىء واحد هو الإسناد أى الرجال فإن كانوا عدولا عندهم فالحديث صحيح حتى ولو كان مكذبا للقرآن وللواقع ولو كان يضرب بعضه بعضا ومن ثم فمنهجهم فاشل تماما ولو طبقوه كما ينبغى ما خرجت رواية واحدة صحيحة لأنه لا يوجد رجل إلا وقد تكلم فيه بالذم القليل أو الكثير
ثم قال:
"الطريق الثاني: تفعيل المخزون الفلسفي في الشريعة.
في تراثنا الإسلامي والسلفي بالخصوص عدة مناجم؛ عندنا مناجم: مخزون سياسي، ومخزون فلسفي، ومخزون فقهي، - عندنا مخازين كبيرة، خزانات ضخمة - نحتاج أن نفعل هذه المناجم وننقب فيها ونستخرج المضامين الفلسفية في المجال الفلسفي، والمضامين السياسية في المجال السياسي، والمضامين المنطقية في المجال المنطقي، ونحو ذلك ...
وعندنا مخزون ضخم جدا موزع في التراث الإسلامي وفي النصوص الشرعية، لو فعلنا هذا الجانب سنمتلك مهارات كبيرة في تكوين العقلية الناقدة."
يذكرنى العميرى بحكايته عن المخزون بالأعمى الذى يقود أعمى فهم كثرة ومع هذا يسقطان في حفرة لعدم وجود رائد سليم النظر يقودهم لبر الأمان فكل هذا التراث يصح أن يقال عنه طريق للتكوين العقلة لو كان صحيحا ولكنه تراث معظمه مزيف ومخالف لٌسلام وهو هادم أكثر منه بانى
|