هذا الحديث يتناسى أن الرجل والمرأة كلاهما سوأة أى عورة كاملة كما فى آية الأعراف وكما فى حديث المرأة عورة ومن ثم لا يجوز النظر من المرأة إلى المرأة إطلاقا لكونها كلها عورة ومن ثم يبطل الحديث
واستعرض الريشان أدلة القائلين بأن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل فقال:
"ثانيا أدلة القائلين بأن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل:
ذهب جمهرة من الفقهاء إلى أن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل وإلى أن للمرأة أن ترى من المرأة ما يجوز أن يراه الرجل من الرجل واستدلوا كما يتبين بالاستقراء والتتبع لقولهم هذا بأدلة وهي :
الدليل الأول:
عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت النبي (ص) يقول " ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل من السرة من العورة " رواه الدارقطني (879) والبيهقي من طريقه (3237).
قالوا هذا الحديث نص صريح في تحديد العورة وهو عام للرجال والنساء فليس في الحديث تحديد فيحمل على العموم . كما يشهد له الحديث التالي .
الدليل الثاني :
ما جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال :" علموا صبيانكم الصلاة وأدبوهم عليها في عشر وفرقوا بينهم في المضاجع وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى عورتها والعورة ما بين السرة والركبة " رواه البيهقي (3236) . ورواه أبو داوود (4113) بلفظ " إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها " وجاء تفسير هذه اللفظة برواية أخرى وهي عند أبي داود (496) أيضا :" فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة " .
الدليل الثالث :
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص) قال :" إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء "رواه أبو داود (4007) وابن ماجه (3854).
الدليل الرابع :
عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) " احذروا بيتا يقال له الحمام " قالوا يا رسول الله إنه يذهب الدرن وينفع المريض قال " فمن دخله فليستتر " والحديث فيه جواز دخول الحمام بشرط الاستتار أي للعورة وليس في الحديث منع النساء من دخوله إلا بشرط وهو الاستتار للعورة فقط فإذا الضرورة إلى انكشاف ما سوى العورة متحققة فيما بينهن وسبق تحديد العورة في حديث أبي أيوب وحديث عبد الله بن عمرو والذي جاء من طريق عمرو بن شعيب .
الدليل الخامس :
عن عمر بن الخطاب فيما كتبه إلى أبي عبيدة بن الجراح :" بلغني أن نساء من نساء المسلمين قبلك يدخلن الحمام مع نساء مشركات فإنه عن ذلك أشد النهي فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها " .
ففي هذا الأثر عن عمر النص على إباحة رؤية العورة للنساء المؤمنات فيما بينهن ويحمل على ما سوى العورة المغلظة .
الدليل السادس :
قال (ص) " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة " . ففي هذا الحديث دليل على التساوي في حدود العورة بدلالة الاقتران والقياس وقد ثبت عندنا أن عورة الرجل من الرجل ما بين السرة إلى الركبة فكذلك المرأة .
الدليل السابع :
إجماع أهل العلم على جواز قيام المرأة بتغسيل المرأة كما يغسل الرجل الرجل فكما للرجل الاطلاع على ما فوق السرة ودون الركبة من الرجل حيا و ميتا فيجوز إذن أن تظهر المرأة للمرأة ما فوق السرة ودون الركبة لوجود المجانسة التي تبيح ذلك فالناظر والمنظور إليه كلاهما من النساء ."
الغريب فى الأدلة الست من الأحاديث أن الريشان لم يذكر الموقف من إسنادها كما ذكر موقف بعض الأحاديث فى أدلة المانعين وهذا يبين أنه لا يقف أمام الأدلة فى مستوى واحد مع أن الكتب التى وردت فيها كلها من الكتب المشهورة بذكر ضعاف الأحاديث
وهناك أحاديث فى عورة الرجال تخالف الأحاديث التى ذكرها الرجال حيث تنزل بها إلى أنصاف الساقين
ومن ثم لا يوجد دليل يصلح فى المسألة من الروايات
وذكر الردود على المانعين فقال :
"وردوا على من احتج عليهم بالآية بأنها لا تفيد ما فهمه المانعون لأن دلالة الاقتران ضعيفة ومن القرائن على ضعف مأخذ القائلين بها ذكر البعل في الآية فهي إذا لا تفيد التساوي فيما يجوز إظهاره بل غاية ما تفيده اشتراكهم في المنع من اطلاعهم على جزء من الزينة الخفية كل بحسبه وللنساء الاطلاع على ماعدا ما بين السرة والركبة وإظهاره فيما بينهن للأدلة السابق ذكرها ."
ثم ذكر اعتراضات المنانعين فقال :
اعتراض المانعين :
وقد رد المانعون على أدلة هؤلاء بأن هذه الأدلة التي احتجوا بها تنقسم إلى قسمين قسم صريح غير صحيح وقسم صحيح غير صريح وتفصيل ذلك فيما يلي :
أولا :حديث أبي أيوب الأنصاري والذي جعلوه نصا في تحديد العورة لعموم الرجال والنساء .
لا يصح البتة فقد رواه الدارقطني والبيهقي من طريق سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب وسعيد بن راشد وعباد بن كثير متروكان فسقط هذا الحديث .
ثانيا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال :" علموا صبيانكم الصلاة ... " الحديث جاء من طريق الخليل بن مرة عن ليث بن أبي سليم عن عمرو بن شعيب به ولا يصح فالخليل ضعيف وليث مختلط لم يتميز حديثه فيكفي علة واحدة من هاتين العلتين لرده.
ورواية أبي داود التي جاءت من طريق الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ :" إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا ينظر إلى عورتها ".
ورواه وكيع عن أبي حمزة الصيرفي داود بن سوار فقلب اسمه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ :" فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة " .
فإن الرواة عن عمرو بن شعيب قد اضطربوا في هذا الحديث فجاء كما في الروايات السابقة النهي عن النظر إلى عورة الأمة إذا زوجت وحددت فيما بين السرة والركبة .
وجاءت رواية أخرى من طريق النضر بن شميل عن أبي حمزة الصيرفي وهو سوار بن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا " وإذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا تنظر الأمة إلى شئ من عورته فإن ما تحت سرته إلى ركبته من العورة " رواه الدارقطني وهي عند البيهقي جميعها في سننه انظر (2/320).
وهذه الرواية فيها تحديد العورة للسيد وهو الرجل بخلاف الرواية الأولى مما يدل على اضطراب الراوي في ضبط هذه اللفظة ولا سيما الرواية الأخيرة فمدارها على أبي حمزة الصيرفي ومجمل أقوال الأئمة فيه أن فيه ضعفا فهذا الاضطراب منه بل ذكر الدارقطني عنه أنه لا يتابع على رواياته وقد رواها بواسطة محمد بن جحادة الثقة عن عمرو بن شعيب كما عند البيهقي (3235) فهذه علة أخرى لروايته هذا الحديث لذلك قال البيهقي كما في سننه الكبرى (2/320)بعد روايته لهذه الألفاظ :[ وهذه الرواية إذا قرنت برواية الأوزاعي دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوجها وأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة و سائر طرق هذا الحديث يدل وبعضها ينص على أن المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة السيد بعد ما زوجت أو نهي الخادم من العبد الأخير عن النظر إلى عورة السيد بعدما بلغنا النكاح فيكون الخبر واردا في بيان مقدار العورة من الرجل لا في بيان مقدارها من الأمة ]
كما أن هذا الحديث بألفاظه المختلفة لو صح فيه تحديد عورة الأمة لا المرأة الحرة . والفرق في الاستتار بين الأمة والحرة لا يخفى وهذا ثابت بالأدلة الصحيحة من سنته (ص) وفعل الصحابة رضي الله عنهم مع العلم أن بعض أهل الحديث لم يثبت هذه الرواية ولم يعرج عليها في تحديد عورة الرجل .
وينظر كلام الإمام ابن القيم في تهذيب السنن (6/18) .
ثالثا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا " تفتح لكم أرض العجم ..." رواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو به . وهذا لا يصح ففيه الأفريقي وضعفه أشهر من أن يعرف وشيخه عبد الرحمن بن رافع مجهول .
|