قال النبي(ص): (ما يصيب المسلمَ من نصَب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)
وقال (ص): (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله ونفسه حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة) "
وكل الحديث السابق عن الأمراض وحتى ألآتى غير مرتبط بالشتاء لأن الأمراض تتواجد فى كل الفصول والأحاديث السابقة يصح معناها إذا كانت تعنى صبر الإنسان عليها وتداويه وشكره لله على الشفاء
وحدثنا عن الوقاية من الأمراض المعدية فقال :
عباد الله، والإسلام يعلّمنا -كذلك- الحِميَةَ والابتعاد عن مظان الداء، وأسباب البلاء،
قال رسول الله(ص): (فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد)
وهذا الحديث قاعدة في الوقاية عن مخالطة أصحاب الأمراض المعدية، مع الاعتقاد بأن كل شيء يجري بقضاء الله وقدره"
وحدثنا عن أساليب دفع البرد فقال :
"ويعلمنا الإسلام أيضاً فعل الأسباب الممكنة في دفع ضرر شدة البرد كالاستدفاء والاحتماء والاستشفاء
فقد أنعم الله على الإنسان بما يقيه البردَ من ملابس وفرش وأغطية وأردية معدة لذلك، إضافة إلى البيوت والمساكن التي يتحصن بها، ويأوي إليها وفي عصرنا الحاضر بلغت هذه النعمة مبلغاً كبيراً في جودتها وتوفرها وتمام الانتفاع بها لدفع أذى الشتاء
يقول الله تعالى-ممتناً على عباده-: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} "
ومن السابق نجد الله خلق لنا ملابس للوقاية من الحر كما خلق ملابس للوقاية من البرد وملابس للوقاية من جراح الحرب
وحدثنا عن أن البرد يذكر من عنده وسائل الاستدفاء من وقود وملابس وسواهما باخوانه الذين لا يجدون منها إلا القليل وأن واجبه هو مساعدتهم فقال:
"إخواني الكرام، إن صيام رمضان يذكر الصائم آلام الجائعين، وحاجة الفقراء والمساكين، ومجيء الشتاء-كذلك- يذكرنا بما أنعم الله علينا من وسائل الدفء والحماية من إيذاء البرد وفي ظل ذلك علينا أن نتذكر إخواناً لنا يعانون شراسة البرد وتبعاته، وآلامه ومضراته، هجم عليهم البرد بخيله ورجِله فخلف من بينهم بلايا وضحايا، حينما لم تكن لهم بيوت واقية، وملابس كافية، وأطعمة الخاصة التي تعطيهم طاقة وحرارة تحجز عنهم بعض سهام البرد الحادة، بل لقد وجدت حالات مأساوية لبعض الأسر الفقيرة التي مات بعض أطفالها أيام شدة البرد
أخي المسلم المليء، إذا كان لديك ملابس شتوية تقيك البرد من أخمص قدميك إلى هامة رأسك، فتذكر أن هناك أجساماً مُسلمَة لباسها الصيفي الرقيق هو لباسها في الشتاء البارد، وإذا كان عندك فرش وثيرة وأغطية كثيفة كثيرة فتذكر من ليس معه من ذلك شيء، أوْ له شيء منه ولكن لا يكفيه وأسرته، فتصدق مما أعطاك الله؛ إن الله يجزي المتصدقين"
وحدثنا عن كون أهلكت بريح الشتاء وهو كلام ليس عليه دليل لأن كلمة الريح مبهمة وهناك ريح ساخنة كما أن هناك ريح باردة وكلاهما له أثاره السيئة فقال:
"إخوةَ الإسلام، إن في أيام الشتاء عبراً وعظات لمن أراد أن يتعظ ويعتبر؛ فريح الشتاء تذكر الإنسان أن الله عذّب قوماً بها، وهم قوم عاد؛ نصراً لنبيه هود عليه السلام، ومن معه من المؤمنين قال تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} {فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ}"
وتحدث عن حرب الأحزاب مبينا أن الله حاربهم بريح الشتاء وهو كلام كالسابق ليس فيه نص وفيها قال :
"وردّ الله بها كيد الأحزاب التي تحزّبت لغزو المدينة؛ نصراً لرسول الله محمد (ص)، ومن معه من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً}
وقال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً} [الأحزاب 25] وفي هاتين الريحين -الريح التي أهلكت عاداً، والريح التي ردت كيد الأحزاب- يقول النبي (ص): (نُصرت بالصَبا وأُهلكتْ عاد بالدَّبور) "
والاستدلال بالحديث السابق خاطىء فالصبا والدبور ليستا ريح خاصة بشتاء أو صيغ وإنما احداهما مشرقية والأخرى مغربية بمعنى واحدة تأـى من جهة الشرق وواحدة من جهة الغرب
وتحدق عن الريح عموما فقال :
"عباد الله، إن الريح جندي من جنود الله مسخرة بأمره لما يشاءه سبحانه وتعالى، فقد ترسل بالرحمة، وقد ترسل بالعذاب؛ ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أو سمع هبوب الريح عُرفت الكراهية في وجهه؛ خشية أن تكون عذاباً أُرسل إلى أمته، وهذا من رحمته ورأفته (ص) بأمته كما وصفه الله تعالى بقوله: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}
فلأجل هذا يستحب للمسلم أن يسأل الله خيرها ويستعيذ به من شرها، ولا يجوز له سبها أو لعنها، فقد كان النبي(ص) إذا عصفت الريح قال: (اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشرما فيها، وشر ما أرسلت به)
وروى البخاري في الأدب المفرد وأحمد في مسنده وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذت الناس الريح في طريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر: لمن حوله ما الريح؟ فلم يرجعوا بشيء، فاستحثثت راحلتي فأدركته فقلت: بلغني أنك سألت عن الريح، وإني سمعت رسول الله(ص) يقول: (الريح من رَوْح الله-أي: من رحمته بعباده- تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب؛ فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها، وتعوذوا من شرها)
وعن ابن عباس أن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلعنها - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تلعنها؛ فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه) "
وكل ما سبق من الكلام عن الريح ليس فيه ذكر للريح الشتوية وإنما هو كلام عام لا يصلح للكلام فى موضوع الشتاء إلا إذا كان الشتاء مذكورا فيه بعينه
وحدثنا عن وجود برد فى النار فقال :
"معشر المسلمين، إن برد الشتاء يذكرنا ببرد جهنم، نسأل الله أن يقينا عذابه يوم يبعث عباده، نعم، هناك برد في جهنم، ولكنه برد عذاب لا برد نعيم على أهل الحرارة واللهيب قال الله تعالى-عن أهل الجنة-: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً} ، بخلاف أهل النار فإنهم يرون الشمس والزمهرير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم، واشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب، أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير) "
والحديث متناقض لم يقله النبى(ص) فكيف يكون حر الصيف بسبب فيح وهو حر جهنم ومع هذا يوجد فيها زمهرير ؟
والحديث مناقض لقوله تعالى :
" قل نار جهنم اشد حرا لو كانوا يعلمون"
ونقل عن ابن رجب كلاما فى تصديق الحديث الباطل فقال :
"قال ابن رجب : " وقد جعل الله تعالى ما في الدنيا من شدة الحر والبرد مذكراً بحر جهنم وبردها، ودليلاً عليها؛ ولهذا تستحب الاستعاذة منها عند وجود ذلك"
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}: " الغساق: الزمهرير البارد، الذي يُحرق من برده"
والتفسير المذكور تفسير خاطىء فالغساق هو نفسه الحميم والغساق ليس بردا وإنما شرابا لقوله تعالى :
|