عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-01-2023, 09:02 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,897
إفتراضي

، وخشي غضب الحاكم بأمر الله وتنكيله به فتظاهر بالجنون ونجحت هذه الحيلة فحدد الخليفة إقامته في داره وضربت الحراسة عليه وعلى بيته واستولت الحكومة على ممتلكاته ...وبذلك استطاع ابن الهيثم أن يتحرر من تحديد إقامته وفرض الحراسة عليه وتأميم ممتلكاته فترك سكنه واتجه إلى حي الأزهر حيث أقام هناك واضطر أن يكتسب قوته عن طرق النسخ، وهكذا قضى هذا الرجل التعس حياته حتى توفي. وقد كلفه بعضهم مرة أن ينسخ له مبادئ أويقليد والماجسطي لبطليموس فنسخهما بدون خطأ وفي غاية الدقة ليستطيع أن يتغلب على متاعب الحياة ويحصل على قوته اليومي. ومن الجدير بالملاحظة أن ابن الهثيم أدرك الأخطاء التى تردى فيها هذان العالمان فعارضهما وانتقدهما وبين أخطاءهما، فقد قال كل من أويقليد وبطليموس أن العين ترسل أشعة بشرية على الأشياء المراد رؤيتها، فأعلن ابن الهثيم خطأ هذا الرأي، وقال: أن العين لا ترسل شعاعا، وإن هذا الشعاع ليس هو الذي يسبب الرؤية والعكس هو الصحيح فإن الجسم المرئي هو الذي يرسل أشعة إلى العين وإن عدسة العين هي التي تحوله.
وكان هذا الرأي لابن الهيثم كشفا جديدا قفز بالعالم العربي بخواص الحواس قفزة بعيدة جدا وصحح الخطأ الذي وقع فيه العالم القديم، وفسر لنا ابن الهيثم الضوء ومظاهره، كما أوجده بذلك قانونا جديدا أثبت صحته وأيده بتجارب كثيرة مختلفة فكان ابن الهيثم هو صاحب النظريات العلمية المعتمدة على التجارب، وابن الهيثم هو وأمثاله من العلماء العرب هم مؤسسوا الأبحاث التجريبية وليس (روجر بيكون) أو (جليلي)، أو (ليوناردو ديفنشي) أو (باكوفون فرولام)
تقول الدكتورة سيجريد هونكه في كتابها (شمس الله تشرق على الغرب ـ فضل العرب على أوروبا) الحسن بن الهيثم (965ـ1039م) هو الذي أثر في أوروبا تأثيرا بعيدا وعرفته تحت مسمى (الحسن) وكان أشهر الأساتذة العرب الذين أخذوا بيدها في هذا المضمار من البحوث، فقد وضع نظرية حول حركات الأفلاك على أطباق غير شفافة وقد شغلت هذه النظرية العصور الوسطى كثيرا كما خلقت لنا أثرا في المكان الخاص بـ "شتمه" بالقرب من مدينة (إينزبروك) حيث توجد إلى اليوم مائدة من خشب القرو ترجع إلى عام 1428م، وقد صنعت في أوجسبرج، وهي تبين حركات الأفلاك الستة حسب نظريته وفي صورة نموذجية.
لكن شهرة هذا العالم العربي لم تقم على هذه النظرية فقط، ففضله على علم الفلك يتجلى في اكتشافه أن جميع الأجرام السماوية ومن بينها النجوم الثابتة ترسل نورها، عدا القمر الذي يستمد نوره من الشمس. وهذه النتيجة التي انتهى إليها ابن الهيثم نقلته إلى فكرة أخرى جديدة أدت إلى ثورة عارمة في علم الفلك فقد عارض ابن الهيثم العالمين الاسكندريين (أويقليد) و (بطليموس) فأثبت خطأ نظريتهما، ..فمثل هذا السؤال الفلكي دفع ابن الهيثم إلى خلق نظرية خاصة بتكوين الظل عن طريق أجسام نورانية"
الرجل هنا صحح خطأ اليونان فى سبب الإبصار وهو ليس تصحيحا وإنما خطأ أخر فالإبصار يحتاج إلى آلة سليمة وهى العين كما يحتاج للضوء أو النور فقد يوجد النور ولا يوجد الإبصار فالعملية هى عملية تكامل فى الخلق
وبالقطع هذه الحقائق موجودة منذ بداية البشرية وهناك آية قرآنية تبين حاجة العيون للنور قبل ولادة الهيثم بقرون وهى قوله :
" كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا"
ومن ثم فالمعلومة موجودة فى الوحى
وتحدث شلتوت عن ثبات الكون فى العصور الوسطى فقال :
"قدسية ثبات الكون في فكر العصور الوسطى:
بعد أن انتشرت نظرية أرسطو بشأن كمال السماوات، كان من نتائجها إن أوجدت حائلا للتعرف علي أي نجم جديد فلما كانت الفكرة القائلة بعدم وجود تغير في السماوات قد ثبتت لدي علماء الفلك باتوا يستنكفون الإبلاغ عن أي تغيير إذا كانوا في أوروبا يخشون أن ينال ذلك من مصداقيتهم و من سمعتهم ولربما كانوا يغمغمون لأنفسهم بأن الوهن بدأ ينال من بصرهم و بأنهم يعانون خداع النظر فبهذه الطريقة يتحاشون مغبة الإعلان عن أمر يلقي استهجانا من العامة.
بل أن مسألة الإعلان عن أي تغيير قد تصل إلى حد المساس بالمقدسات فلقد كان علماء الفلك المسيحيون في أوروبا في العصور الوسطى يرون في كمال السموات، لا سيما الشمس، رمزا لكمال الإله. ولما كان السعي إلى اكتشاف خلل في هذا الكمال يحمل تشكيكا في صنيع الله. فهو إذا من الكبائر. بل أن اعتقادهم بعدم كمال الأرض إنما كانوا يعزونه إلى معصية آدم وحواء حيث أكلا من الشجرة المحرمة في جنة عدن
في عام 1006م رصد نجم جديد في برج لوبوس المجاور لبرج قنطورس غير أنه ظهر أيضا في السماء الجنوبية. كان العرب في ذلك الوقت في قمة تفوقهم العلمي وكانوا أفضل من يمارسون علم الفلك في ذلك الحين. فقد ورد أيضا ذكر ذلك النجم ثلاث مرات على الأقل في مدوناتهم. وكان أفضل من رصده وسجله هو علي بن رضوان العالم العربي المصري والفلكي المسلم الذي رصده من مدينة الفسطاط في 30 إبريل 1006م.
..ولعلنا نتصور علامة الدهشة والرهبة التي ترتسم على وجوه الناس في إيطاليا وأسبانيا وجنوب فرنسا لو أنهم تطلعوا ليلا إلى السماء الجنوبية ورأوا ذلك النجم. لكنهم لم يفعلوا، أو على الأقل ليس هناك ما يدل على ذلك. وقد ورد في السجلات المحفوظة في اثنين من الأديرة، واحد في سويسرا والثاني في إيطاليا، ما يوحي بأن شيئا ظهر في السماء في ذلك العام، مما قد يفسر بأنه نجم ساطع.
ولما كان البعض آنذاك في أوروبا يتوقع أن تحل نهاية العالم بعد نحو ألف عام من مولد المسيح، وبما أن النجم الجديد ظهر عام 1006م، فقد يتبادر إلى الذهن أنه كان أحرى بالأوروبيين أن يعتبروه علامة على هذه النهاية، ولكن حتى هذا الاحتمال المرعب لم يبعث فيما يبدو أحدا على مجرد الإشارة إلى ذلك الحدث.
وبعكس الفكر الأوروبي في العصور الوسطى فإن العقيدة الإسلامية كانت تجيز التأمل والتدبر في خلق الكون وكان الهدف من ذلك هو تقرير حقيقة الألوهية الحقة للذي خلق هذا الكون الموجودة مما يؤدي إلى العبرة والعظة (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) سورة فصلت: 52."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس