"كلمة السر:
وقد عرف المسلمون الأوائل ألواناً مختلفة من الشعارات، التي يتواضعون عليها ويستخدمونها إبان خوضهم للغزوات والمعارك الحربية، وفي مراكز التدريب وسكنات الجيش .. ليتعارف الجند بها في ظلمة الليل، أو عند الاختلاط حتى لا يضرب بعضهم بعضا، ومازالت الجيوش الحديثة تتبع ذلك فيما يعرف بكلمة السر، أو كلمة المرور، أو كلمة الليل، وما إلى ذلك من التسميات.
وقد أورد ابن هشام، في السيرة، أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لهم أكثر من شعار يوم فتح مكة، وكذا يوم حنين، ويوم الطائف، فكان شعار المهاجرين هو "يا بني عبد الرحمن" ، وشعار الخزرج هو "يا بني عبد الله" وشعار الأوس هو "يا بني عبيد الله"
وكان شعار المسلمين في غزوة بني المصطلق هو "يا منصور .. أمت .. أمت" .. وفي قتالهم لمسيلمة كان شعارهم "يا أصحاب سورة البقرة"
ولم يكن شعار المسلمين على الدوام ممثلاً في مثل هذه الكلمات الموجزة، ولكن أيضاً كانوا يجعلون في الثياب علامة أو نحوها، يتعارفون علي بعضهم بعضا بالنظر إليها .. وقد ذكر النسائي عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن المجاهدين في بدر كان سيماهم الصوف الأبيض "
وبالقطع هذه الروايات تدل على السذاجة فتلك المعارك التى رويت فى الكتب لم تستغرق أحداها أكثر من يوم فمثلا يوم الطائف سماه الله يوم حنين أى نهار واحد ومن ثم فلم تكن ظلمة تحتاج لكلمة سر كما ان المعركة لم اتقاصر على مهاجرين وأنصار وإنما كان معهم أهل قريش المسلمين الطلقاء وحلفاءهم فأين شعار هؤلاء
وأما أن المسلمون كانوا يرتدون يوم بدر صوف أبيض فكلام لا يمكن تصديقه والقوم كانوا فقراء حتى فى أحد حتى أن مصعب بن عمير كان يرتدى جلبابا قصيرا إذا أزاحوه نحو رأسه وجدوا عورته ستظهر وإذا أزاحوا نحو رجله وجدوا رأسه تظهر ومن ثم لم يكن هناك لباس واحد وغنما كل واحد كان يلبس الملابس العادية خاصة أنه حسب الروايات لم يكونوا ذاهبين للقتال وإنما للاستيلاء على القافلة التجارية
وتحدث عما سماه الرسائل المشفرة فقال :
"الرسائل المشفرة:
وأدرك المسلمون فن الملاحن، وبدعوا في استخدامه كوسيلة للتخاطب .. من ذلك ما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة وسعد بن معاذ سيدا الأوس والخزرج: (ائتيا بني قريظة فإن كانوا على العهد فاعلنا بذلك، وإن كانوا قد نقضوا ما بيننا فلحنوا لي لحناً أعرفه ولا تفتا في أعضاد المسلمين) فرجعا بغدر القوم، فقالا: (يا رسول الله عضل والقارة)!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجموع المسلمين: (بشروا، فإن الأمر كما تحبون) وما عضل والقارة إلا حيان كانا في نهاية العداوة للرسول فأراد أن بني قريظة كذلك في العداوة ولكن لم يفهم أحد إلا الرسول، الذي خشى نتيجته علي القوم فشجعهم بقوله: (أبشروا .. )
وكانوا يجيدون كتابة الرسائل المشفرة .. وتحكي كتب التاريخ العديد من النماذج التي تؤكد تفوقهم في ذلك، ومنه أن أحد الخلفاء عزم على محاربة عدو له، فأرسل من يتجسس، فلما دخل أرض العدو، وجده محصناً وشعر به الحرس، فقبضوا عليه وأرسلوه إلى ملكهم، الذي أمره بالكتابة إلى الخليفة ما يفيد بأن "القوم أحوالهم مضطربة، ويحسن له غزوهم في الحال"، وهدده الملك بالقتل إن لم يفعل .. وبذكاء حاد كتب هذه الرسالة:
( .. أما بعد، فقد أحطت علماً بالقوم، وأصبحت مستريحاً من السعي في تصرف أحوالهم وإني قد استضعفتهم بالنسبة إليكم، وقد كنت أعهد في أخلاق الخليفة المهلة في الأمور، والنظر في العاقبة ولكن ليس هذا وقت النظر في العاقبة، فقد تحققت أنكم الفئة الغالبة بإذن الله وقد رأيت من أحوال القوم ما يطيب به قلب الخيفة نصحت فدع ريبك ودع مهلك والسلام).
فلما انتهى الكتاب إلى الخليفة قرأه على رجاله، فقويت قلوبهم. ثم أن الخليفة خلا بكبرائه، وقال:
(أريد أن تتأملوا هذا الكتاب فإني شعرت منه بأمر. وإني غير سائر حتى أنظر في أمري)
فقال بعضهم: ما الذي لحظه الخليفة في الكتاب؟!
فقال: (إن فلاناً من ذوي الحصافة والرأي، وقد أنكرت ظاهر لفظه، فتأملت فحواه فوجدت في باطنه خلاف ما يوهم الظاهر، وذلك في قوله: "أصبحت مستريحاً من السعي" فإنه يريد أنه محبوس، وقوله: "استضعفتهم بالنسبة إليكم" يريد أنهم ضعفنا لكثرتهم وقوله: "إنكم الفئة الغالبة بإذن الله" يشير إلى قوله تعالى: {وكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله}، وقوله: "رأيت من أحوال القوم ما يطيب له قلب الخليفة" فإني تأملت ما بعده فوجدت أنه يريد بالقلب في قوله: "قلب الخليفة" العكس، لأن الجملة الآتية مما يوهم ذلك، فقلبت الجملة، وهي قوله: "نصحت فدع ريبك ودع مهلك"، فإذا مقلوبها "كلهم عدو كبير عد فتحصن") "
كلها روايات والغريب أن تلك الروايات بعضها فى حروب الجاهلية أيضا وهى الرسائل المشفرة أى الملغزة ولكن ما أعلمه هو :
أن ذلك العصر فى حدود البساطة لا يمكن أن يستخدم تلك الأمور وأن روايات المعارك خاصة ما يسمى بمعارك الفتوح هى روايات كاذبة خاصة أن معظمها كانت معارك هجومية دون سبب للقتال وهو عدوان الآخر وهى روايات كاذبة أيضا نظرا للأعداد المهولة المشاركة فيها فنسب الجنود حتى للجيوش الحديثة فى دولة عالية السكان هى نسب لا تتناسب مع عدد سكان دولة الفرس أو غيرها فلو عددنا المقاتلين فى المعارك المشهورة تاريخيا لوجدنا عدد الفرس والروم كجيوش يتجاوز المليونين أو أكثر وهو ما يعنى أنه كى يوجد جيش كهذا لابد أن يتجاوز عدد سكان كل منهم مائة مليون وهو عدد لم تصل إليه حتى إيران الحالية أو تركيا الحالية فى عصرنا ولوعدنا للخلف حسب التاريخ سنجد أن عددهم لم يكن يتجاوز الخمسة أو العشرة مليون على أقصى تقدير وهو ما يعنى أن رجال الدولة بكاملها كانوا فى الجيوش
|