عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-04-2023, 07:51 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,044
إفتراضي

"خامسا: تجاوز سلبيات المربي إن البشر أيا كانوا لا يخلون من سلبيات وجوانب من القصور، فهذا أستاذ لي أثق فيه وألازمه وأصاحبه وأحضر مجلسه وربما أصاحبه في سفر وذهاب وإياب وأرى فيه قدوة ظاهرة أمامي وأتمنى أن أكون مثله أو أن أسير على خطاه ….أيعني ذلك أن يسلم من القصور والضعف؟ فقد يكون لديه نوع من قسوة القلب، وقد يكون عنده نوع من سوء الخلق وعدم حسن التعامل مع الآخرين، قد يكون إنسانا متعجلا ، لابد أن تكون فيه صفة سلبية وجوانب قصور. وحينما يكون الشاب مجرد ظل لغيره، فإنه سيحمل سلبيات من يربيه، بالإضافة إلى سلبياته هو، فحين يكون الشاب يعاني من صفة سلبية كالكسل مثلا، ووجد وتربى في بيئة يكثر فيها الهزل، فسيجمع بين الصفتين، وهكذا في سائر الأمراض جوانب القصور. وحين يعتني بتربية نفسه تربية ذاتية، فإنه سيتجاوز كثيرا من سلبيات من يربونه، لتبقى لديه سلبياته وجوانب قصوره الشخصية. ولا نزال نسمع شكوى كثير من الشباب اليوم، وتبريرهم لجوانب من القصور لديهم بأنهم نشأوا في أوساط تعاني من الضعف التربوي، أو تربوا على أيدي مربين قصروا في تربيتهم، ولذلك كان لبعض تلك الشكاوى نصيب من الصحة، فكثير منها إنما هي أسلوب إسقاط، وهروب من تحميل النفس المسؤولية. وأيا كان الأمر هذا أو ذاك، فالشاب يتحمل مسئوولية نفسه، ولو كان جادا لاعتنى بها منذ البداية، ولتجاوز سلبيات الآخرين ومشكلاتهم."
وبالقطع الحديث عن عيوب المربين لا علاقة له بما سماه التربية الذاتية وكرر الرجل الحديث عن ضرورتها فقال :
" إن هذه المسوغات تؤكد على أهمية الاعتناء بالتربية الذاتية، وحين نعود إلى واقعنا اليوم نجد الوقوع في الإفراط والتفريط في هذه القضية، فتجد بعض الشباب يؤدي جهدا للآخرين، من خلال درس يلقيه، أو خطبة في المسجد، أو من خلال المشاركة في المركز الصيفي، تجد هذا الشاب ينشغل بالأمور الدعوية –ونعم ما انشغل به- لكنه يهمل نفسه وينساها، فيجد بعد فترة أن زملاءه وأقرانه قد فاقوه وأنه قد قصر في حق نفسه، هذه صورة. والصورة المقابلة هي صورة ذاك الشاب الذي يرفض أن يقدم، ويرفض أن يعمل، ويرفض أن يعطي الآخرين من وقته بحجة أنه يريد أن يربي نفسه، وهذا هو الآخر قد جانب الصواب، فلابد من التوازن، لابد أن يقوم الشاب بمسؤوليته فيخصص جزءا نفيسا من وقته يعلم غيره ويربي غيره ويفيد غيره ويسهم في حفظ وقت غيره، ومع ذلك لا ينسى حظ نفسه، فيعتني بتربية نفسه وتعليمها وإصلاحها."
وما قاله الدويش عن التربية النفسية أى تغيير النفس يستوجب أن يقوك كل من في المجتمع بدوره لأن التغيير للأحسن يجب أن يكون جماعيا كما قال تعالى :
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

"وتحدث عن جوانب أو اجزاء ما سماه التربية الذاتية فقال :
"جوانب التربية الذاتية:
الجانب الأول : الصلة بالله عز وجل:
وهذا أهم الجوانب وآكدها، فكل مابعده إنما هو ثمرة ونتيجة له، ومن وسائل تحقيق ذلك: عناية الإنسان بالفرائض واجتناب المعاصي، ومحاسبة النفس على ذلك ومبادرتها بالعلاج حين التقصير، وبعد ذلك استزادته من النوافل كنوافل الصلاة، ونوافل الصدقة والصيام والتلاوة والذكر.
الجانب الثاني : العلم الشرعي: ووسائل تحصيله لا تخفى علينا إما من خلال الدراسة النظامية، أو من خلال مجالس العلم وحلقاته المقامة في المساجد، أو من خلال الأنشطة الشبابية حيث تقام فيها دروس علمية وحلقات علمية، أو من جانب البحث الفردي الذي يبذله صاحبه، من خلال القراءة والإطلاع، أو من خلال الاستماع للأشرطة العلمية والدروس العلمية .
الجانب الثالث : التربية على العمل: إن الإنسان في حياته الخاصة حين يريد إتقان نشاط أو حرفة معينة، كالسباحة، أو قيادة السيارة - على سبيل المثال- حين يريد ذلك فإنه لايقتصر على الجانب النظري، وعلى سؤال من يجيدونها، بل يعتني بالتدريب والممارسة، والمهارات الدعوية كذلك فهي تتقن من خلال التدريب والممارسة ."
وبالقطع التغيير للأحسن يتطلب أولا علما بما هو الأحسن وبما هو الأسوأ وهو ما سماه العلم الشرعى وبعد ذلك يتطلب مشيئة أى إرادة تجعل النفس تتبع الأحسن وتبعد عن السوء
وتحدث عما سماه وسائل التربية مكررا بعض كلامه السابق فقال :
"وسائل التربية الذاتية :
الوسيلة الأولى: الصلة بالله عز وجل: كما أن الصلة بالله عز وجل من الجوانب التي ينبغي أن يعنى بها المرء في تربيته لنفسه، فهي وسيلة من وسائل تربية النفس. وبالإضافة إلى ما ذكرنا من الاعتناء بالفرائض والبعد عن المعاصي، والاجتهاد بالنوافل لابد من السعي لتطهير القلب من التعلق بغير الله عز وجل؛ فصلاح القلب مناط تربية الصلة بالله عز وجل، بل هو مناط النجاة يوم القيامة ، قال الله عز وجل على لسان إبراهيم (ص):[ولا تخزني يوم يبعثون. يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم] في هذه الآيات يدعو إبراهيم (ص) ربه أن يأتي يوم القيام بقلب سليم، وفي الآية الأخرى وصفه تبارك وتعالى بأنه جاء ربه بقلب سليم ]وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم] . وأخبر (ص)عن منزلة القلب وأن الجسد كله يصلح بصلاحه، ويفسد بفساده "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". وحين تصلح حال الإنسان مع الله، وتقوى صلته بربه تستقيم سائر أموره.
الوسيلة الثانية: القراءة والمطالعة : وهذا أيضا عنصر مهم من عناصر التربية الذاتية، فأنت تقرأ في كتب الرقائق ما يرقق قلبك ويزيل قسوته، وتقرأ في كتب الأخلاق والآداب ما يصلح سلوكك، وتقرأ في كتب أهل العلم ما يزيدك علما، وتقرأ في تراجم العلماء ما يزيدك حماسة للعلم والدعوة والبذل لدين الله عز وجل. والقراءة تنمي أفق الإنسان، وتفكيره، وتزيد من قدرته على حل المشكلات، فالقراءة تنمي كافة الجوانب وإن كان يتبادر إلى الذهن أنها قاصرة على الجانب العلمي وحده.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس