وإلى نحو ذلك أشار ابن كثير في تفسيرها فقال: «ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصارا للدجال فيقتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وذلك آخر الزمان»"
ولا وجود لعيسى(ص* فى المستقبل ولا للدجال المزعوم فهذا غيب لا يعلمه محمد(ص) ولا غيره كما قال تعالى :
"إنما الغيب لله"
وقال على لسان رسوله(ص):
" ولا أعلم الغيب"
وعيسى (ص) لن يعود للحياة الدنيوية مرة أخرى لقوله " وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"
فالبعث حيا هو بعثه فى القيامة مثله مثل يحيى (ص* فى قوله تعالى " والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"
فلو كان هناك عودة للدنيا لعاد يحيى(ص) ولكنها عودتنا جميعا يوم البعث
ثم قال:
"وقال تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين} [المائدة: 64]. فبين سبحانه ما هم عليه من الكفر والإعراض عن الدين والحسد العظيم الدافع لهم إلى الكيد بالمؤمنين، ثم بين سبحانه أنه يدفع عن عباده المؤمنين ذلك ويرد كيدهم بأمرين: الأول: أنه سبحانه ألقى بينهم العداوة والبغضاء فلا تجتمع قلوبهم، بل العداوة واقعة بينهم دائما، لا يجتمعون على حق، ما داموا مخالفين مكذبين لرسول الله (ص). قلت: ومثل هذه الآية قوله تعالى {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} [الحشر: 14]. الثاني: أنه سبحانه توعدهم بإطفاء كل نار للحرب يوقدونها فكلما عقدوا أسبابا يكيدون بها رسول الله (ص) والمسلمين، وكلما أبرموا أمرا يحاربون به دين الله تعالى، أبطله الله ورد كيدهم عليهم وحاق مكرهم السيئ بهم. ثم بين سبحانه أنه لهم بالمرصاد لما جبلوا عليه من حب الإفساد في الأرض حتى صار صفة لهم والله لا يحب من هذه صفته. الأدلة من القرآن الكريم وقال القرطبي في قوله تعالى {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله} «كلما» ظرف، أي كلماجمعوا وأعدوا شتت الله جمعهم». ثم ذكر في الآية قولا آخر وهو أن المعنى «كلما أوقدوا نار الغضب في نفوسهم وتجمعوا بأبدانهم وقوة النفوس منهم باحتدام نار الغضب أطفأها حتى يضعفوا، وذلك بما جعله من الرعب نصرة بين يدي نبيه (ص)». قلت: والصواب إن شاء الله تعالى أن هذه الخاصية -وهي النصر بالرعب- باقية في الأمة متى استقامت على دين الله تعالى وشريعته تكرمة لنبيه (ص) ولهذه الأمة التي جعلها خير أمة أخرجت للناس، وبسط الدليل على هذا الموضع في غير هذا المحل والله أعلم. ثم -إعلم- أرشدك الله تعالى- أن الله عز وجل قد ذكر من أوصاف اليهود في كتابه ما هو من مقومات زوالهم وذلتهم وخذلانهم ما تضيق عنه هذه الورقات إلا أننا نذكر هنا بعضه: - فمن ذلك أن الله تعالى قد لعنهم وغضب عليهم، وقد اتفق أئمة التفسير على أن المراد بقوله عز وجل {غير المغضوب عليهم} هم اليهود، ويؤيد هذا قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله، من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [المائدة: 60]. ومن ذلك أن الله تعالى جعلهم أهل ذلة ومسكنة وصغار كما قال سبحانه {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} [آل عمران: 112]. وقوله تعالى هنا {أين ما ثقفوا} شرطية، وما زائدة، وثقفوا في موضع جزم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، ومن أجاز تقديم جواب الشرط قال: ضربت هو الجواب، ويلزم على هذا أن يكون ضرب الذلة مستقبلا، وعلى الوجه الأول هو ماض يدل على المستقبل، أي ضربت عليهم الذلة،وحيثما ظفر بهم ووجدوا تضرب عليهم، وهذا المعنى يؤيد قول من جعل الاستثناء في قوله {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} منقطعا، لأن الذلة لا تفارقهم أينما كانوا، وهو معنى أين ما ثقفوا، فإنه عام في الأمكنة. ونقل ابن حبان القول بذلك -أعني بانقطاع الاستثناء عن الفراء والزجاج- قال: وهو اختيار ابن عطية الأندلسي، وقيل: بل هو متصل والمعنى ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس. كذا ذكره الزمخشري. وقد قال ابن عباس : {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} أي بعهد من الله وعهد من الناس. ونحوه عن مجاهد وعكرمة والضحاك وعطاء وقتادة والحسن والسدي والربيع بن أنس، كما رواه عنهم ابن جرير . قلت: والظاهر من الآية أن الخلاف في أمر الاستثناء وارد على الذلة، أما المسكنة وهي كما قال ابن عطية «...التذلل والضعة، وهي حالة الطواف للمتلمس للقمة واللقمتين المضارع المفارق لحالة التعفف والتعزز به، فليس أحد من اليهود -وإن كان غنيا- إلا وهو بهذه الحالة». فالظاهر أنها لازمة لهم في جميع الأحوال، قال ابن كثير {وضربت عليهم المسكنة} أي ألزموها قدرا وشرعا
. - ومنها أنهم أهل جبن وهلع وخور كما قال تعالى {لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد} [الحشر: 14] وقال عنهم: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [آل عمران: 111]. - ومنها وهو كالسبب لما قبله حرصهم على الحياة ولو كانت حياة خسة ومهانة كما قال تعالى عنهم {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة...} [البقرة: 96]. قلت: لفظ «حياة» هنا نكرة في سياق الإثبات، وهي ربما أفادت العموم بمجرد دلالة السياق كما في قوله تعالى {علمت نفس ما قدمت وأخرت} [المائدة: 82]، وكما في قول
القائل(: يوما ترى مرضعة خلوجا
وكل أنثى حملت خدوجا
وكل صاح ثملا مروجا
فإنه أراد كل مرضعة بدليل ما بعده، وكذا قوله تعالى هنا على «حياة» فإنها نكرة لإفادة معنى حرصهم على أي مرتبة من مراتب الحياة الدنيا وإن كانت حياة الذلة والهوان، قاتلهم الله أنى يؤفكون. - ومنها ما ذكره سبحانه عنهم من الفرقة والخلاف وشدة العداوة والبغضاء كما دل عليه قوله تعالى {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [المائدة: 64] وقوله تعالى: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}... وفي هذا من النفع العظيم لأهل الإسلام بتفريق صفوفهم وتمزيق جموعهم وضرب بعضهم ببعض الشيء الكثير مما هو من مكائد الحرب والقتال والحمد لله، وقد سبق الكلام على الآيتين بما يغني عن الإعادة ولله الحمد."
والكلام السابق كله ليس عن انتصارات اليهود ولا النصارى وإنما عن أن الله يفسد مساعيهم لاشعال الحروب وجعلهم يتحابون فيما بينهم
وتحدث عما قصصهم فى القرآن والروايات فقال:
|