الموضوع: حديث عن البهرة
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-07-2024, 07:10 AM   #1
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,891
إفتراضي

"ذهبت الإسماعيلية ومنهم البهرة، إلى أن لكل شيئ ظاهر محسوس تأويلا باطنيا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم، وهم: الأئمة، وهؤلاء الأئمة يودعون هذا العلم الباطن لكبار الدعاة بقدر مخصوص، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ فقالوا: إن التأويل الباطن من عند الله، خص به علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - فكما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خص بالتنزيل، فكذلك علي - كرم الله وجهه - فقد خص بالتأويل، واستدلوا على ذلك بقصة نبي الله موسى - عليه السلام - مع العبد الصالح المذكورة في سورة الكهف، وكيف أن موسى - عليه السلام - وهو نبي مرسل من أولي العزم، لم يمنحه الله علم الباطن، بينما منح هذا العلم إلى الرجل الصالح، وهو ليس بنبي مرسل، وليس من أولي العزم. وهكذا كان التأويل الباطن إلى علي - كرم الله وجهه -، وقد أورثه الأئمة من أعقابه بأمر من الله، وعلى ذلك فالأئمة هم الذين يدلون الناس على أسرار الدين، وليس لأحد غيرهم هذا الحق الذي جاءهم بأمر من الله تعالى، ولكن ليس لهم أن يطلعوا أحدا على أسرار هذا الدين إلا لمن يستحق ذلك فقط. وبالرغم من قولهم: إن التاويل من عند الله، نراهم مرة أخرى يقولون: إن التأويل من خصائص حجة الإمام أو داعي دعاته، ومع ذلك نجد تأويلاتهم تختلف باختلاف شخصية الداعي الذي إليه التأويل. وباختلاف موطنه، وزمن وجوده.
فإذا قرأنا تأويلات (الداعي منصور اليمن) قبل ظهور الدولة الفاطمية بالمغرب، نجد أنها تميل إلى الغلو، ولا تختلف في مضمونها عن تاويلات الفرق الغالية المندثرة، وتأويلات دعاة فارس تختلف عن تأويلات الدعاة الذين كانوا بالقرب من الأئمة بالمغرب، ففيها التأليه الصريح للأئمة، وفيها طرح الفرائض الدينية، فتأويل الصلاة عندهم هو: الإتجاه القلبي للإمام...
وتأويل الصوم هو: عدم إفشاء أسرار الدعوة، وتأويل الحج هو: زيارة الإمام. وهكذا ينتهي بهم التأويل في فارس إلى طرح كل أركان الدين. بخلاف ما كان عليه الأمر في المغرب إذ لم يصرحوا بهذه الآراء إلا في كتبهم السرية.
فمثلا قال الداعي بالمغرب في تأويل قوله تعالى: (والفجر وليال عشر والشفع والوتر) إن الفجر هو: على بن أبي طالب، وكل إمام بعده. وأن الشفع والوتر هما: الحسن والحسين. ولكن الداعي في مصر أول هذه الآية بأن الفجر هو: المهدي المنتظر، أي: قائم الأئمة وخاتمهم، لأنه يظهر بعد انتشار الضلال، كما أن الفجر يأتي بعد شدة الظلام. مع اتفاق البهرة مع أسلافهم الإسماعيلين في كل ما يؤولوه، إلا أنني وجدتهم ينفردون في تأويل بعض الآيات بما يتفق ومزاعمهم .. للتدليل على صحة إمامة (المستعلي) وفساد إمامة (نزار). يقولون: [لما تشاجر عبد الله ونزار - ولداه - في الإمامة بين يديه، قال لهما: لا تتشاجرا ولا تتنازعا، فليس واحد منكما بصاحب هذا الأمر، وإنما صاحبه ههنا، وأشار بيده إلى ظهره، وكان مولانا المستعلي حينئذ لم يحمل بعد .. ! وهذا كان في يوم مشهود، ومقام غير خفي ولا مجحود، ثم إنه لما حضرته النقلة إلى دار الكرامة، وحانت دقيقة الإنتقال؛ وهو الوقت الذي يعول فيه على النص، أشار إليه، ونص مصرحا عليه، وأمر من حضر بطاعته وعرفهم ما خصه الله به من وراثة رتبته ومقامه ودرجته، فأذعن الجميع طائعين، وبادروا بشعاره معترفين، ولم يخالف في ذلك أحد من المخالفين، والموالفين، إلا نزار وشرذمة من الغلمان .. ثم يقولون: وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا .. الآية) وذلك أن مولانا المستنصر بالله (ص) من دوره بمنزلة سليمان من دور بني إسرائيل .. ؟ وهو المشار إليه بسليمان، وقد قال النبي (ص): كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، فسليمان هذه الأمة هو مولاما: المستنصر بالله (ص)، لأنه واقع في الرتبة والعدد من أئمة دوره موقع سليمان في الرتبة والعدد من أئمة دوره، فإنه أوتي ملكا لم يؤت مثله أحد من آبائه طولا وتمكينا، كما أوتي سليمان، وسخرت له الريح والشياطين كما سخرت لسليمان .. ؟ فتسخير الريح: تأييده في كل مقام، وتسخير الشياطين له: إنقياد المارقين له، والمخالفين لأمره ونهيه. وقوله: (وما كفر سليمان) أي: ما كفر مولانا المستنصر بالله، ولا جحد حقيقة علمه في معنى الإمام من بعده، بل عقد الإمامة لمولانا المستعلي بالله في يوم النكاح على رؤوس الأشهاد، ونص عليه في دقيقة انتقاله، لا موضع تأول فيه ولا اشتباه على أحد من حاضريه، وكفر بذلك من اتبع الهوى، ولآثر الدنيا، إذ كانت الخلافة والإمامة محل المنافسة وباعث الحسد، ولهذا قال سبحانه: (ولكن الشياطين كفروا .. ) أي: هؤلاء الذين شطنوا عن الحق، وبالغوا في الحيلة، فضلوا وأضلوا. ومما يعضد هذا التأويل؛ ما ورد في أسفار بني إسرائيل؟! من أن سليمان نص بالإمامة على ولده (رجيعون) .. ! كما نص مولانا المستنصر بالله (ص) على مولانا المستعلي بالله (ص) فحسده المسمى (بريعون) فخرج عليه، واتبعه جماعة ممن أضلهم بمكره، واستهواهم بسحره، وغير لهم نصوص الدين، وأزالهم عن الصراط الواضح المبين، ... كما فعل نزار في خروجه على مولانا المستعلي بالله (ص) وكانت الدائرة على (بريعون) وأصحابه، كما كانت الدائرة على نزار وأصحابه، وكانت العاقبة لابن سليمان صاحب الحق، كما كانت العاقبة لمولانا المستعلي بالله (ص) أمير المؤمنين، فإن الله قد أنفذ مشيئته الأزلية، وأحكام قضاياه الكلية، بصلة حبل الإمامة، وعصمتها، وإمحاقه المكر السيئ ممن عاندها، وخالف أمر الله في طاعتها، فاعتبروا يا أولي الأبصار.] ...
ننقل من إمام حقيقي إلى دار الكرامة، فإن النسخ هو إبطال حكم متقدم بإثبات حكم متأخر، وهو مثال تصور الشخص المتوهمة إمامته، والنسيان هو: انتقال الشيئ من مقر الحفظ، وهو مثل انتقال الإمام إلى دار الكرامة. وقوله: (نأت بخير منها) أي: نأت بإمام الحق، وهو خير من الشخص المتوهمة إمامته، ... ومما يؤيد هذا قول الله تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) (2)، فإنه أشار عند جميع أهل التأويل بقوله (خير) إلى الوصي، أو إلى الإمام الحق، وبـ (الذي هو أدنى) إلى الشخص الذي يتوهم أنه إمام وليس بإمام. ويريد بقوله تعالى: (أو مثلها) أي: يخلف إمام حق بإمام حق مثله، من عنصره وأصله، فإن الأئمة في معنى الإمامة متماثلون، وفي حقيقة التأييد والعصمة متشاكلون. وجعل بإزاء نسخ الآية: الإتيان بما هو خير، وبلإزاء نسيانها: الإتيان بما هو مثلها. فهل بقي بعد فهم هذا في فعل الأئمة ريب .. ؟ أو يكون على وجه حكمتهم اعتراض بحضرة أو غيب .. ؟ يا هؤلاء أما تعلمون أنكم إلى الإمام الحاضر في الإستضاءة بتعليمه وإرشاده، وتحصيل المعارف التي لا تحصل إلا من جهته، وتلومون أهل الظاهر في الاستبداد بآرائهم، والسكون إلى أهوائهم، فكيف تأتون إلى أعظم الأمور قدرا، وأخفاها علما، وهي الإمامة، تحكمون فيها آراءكم، وتتبعون فيها أهواءكم، إن هذا لهو الضلال البعيد، والخسران المبين .. ) "
ونجد معظم التأويلات منصبة على جعل العبادات ليست العبادات المعروفة وإنما المقصود بها الأئمة
كما نجد أن الدعاة والوكلاء يحاولون إيجاد تأويلات تبيح لهم الاستيلاء على أموال الطائفة والتصرف فيها باعتبارهم هم أيضا الإله المتجسد فى صورة بشرى يملك كل شىء وبقية الناس لا يملكون أى شىء
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس