عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-07-2024, 07:11 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,891
إفتراضي

وعلى خلاف المثقف العلموي يرى المثقف الديني أن ما يضعه الأول من تضاد بين العلم والدين وما ينصّب نفسه كنصير للأول على حساب الثاني؛ إنما جاء نتيجة خطأ في التقدير إذ ليس هناك تضاد بين العلم والدين، إنما التعارض قائم بين مسلكين مختلفين للفهم والتفسير، أحدهما عائد إلى المنهج العلمي كما اتخذه العلماء لتفسير الواقع الموضوعي من خلال الفحص والمراجعة المستمرة اعتماداً على عدد قليل من المسلمات أما المسلك الآخر فيتمثل بالمنهج البياني الذي ينتمي إليه الفقيه ومن على شاكلته، حيث الميل إلى جعل التكوين المعرفي منحصراً بالنص؛ على شاكلة ما يقوله الإمام إبن حنبل: إنما أُمرنا أن نأخذ العلم من فوق ، أو ما يقوله استاذه الشافعي: العلم طبقات شتى ولا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة، وهما موجودان، وإنما يؤخذ العلم من أعلى إذ جرى الكثير من تفسير الواقع ومحاولة الكشف عن أسراره وخفاياه ضمن الإعتبارات الواردة في نصوص الرواية والحديث وبالتالي فإن هذا المسلك يعتمد في الأساس على عالم التدوين والأمر في فهم عالم التكوين والخلق، رغم عدم توفر القطع في سند الأول أو دلالته من هنا فإذا كانت هناك قطيعة فهي ليست بين العلم والدين، وإنما بين النهجين العلمي والبياني فالعلم يعتمد على معطيات الواقع والتحليل العقلي وهو ليس معنياً بالنصوص الدينية، وعلى خلافه يصدق الأمر مع المنهج البياني الذي يجد في النص مصدره الرئيسي لتكوين المعرفة، رغم تعامله القائم - في الغالب - على الظنون لا القطعيات وعلى ما يقوله محمد عبده: يرى القارئ أنه لم يكن هناك جلاد بين العلم والدين، وإنما كان بين أهل العلم وبين أهل الدين شيء من التخالف في الآراء لهذا وجد المثقف الديني نفسه - منذ بداية ظهوره - معنياً بحل هذه القطيعة عبر عملية التوفيق التي نهجها؛ مخالفاً بذلك كلا النزعتين المتشددتين فهو يتقبل من جانب النتاج العلمي والسلوك المنهجي الذي يتبعه العلماء في الكشف عن أسرار الواقع وخفاياه؛ خلافاً لما عليه المسلك البياني التقليدي، لكنه من جانب آخر حريص على التمسك بالمبادىء والقيم التي جاء بها النص، مما جعله يختلف تماماً عن النهج الذي عليه المثقف العلموي وبالتالي يرى أن العلم والدين توأمان، أو أنه لا بد من أن ينتهي أمرهما إلى التآخي بل إن المثقف الديني يعتبر النتاج العلمي لعلماء الطبيعة يشكل دعماً كبيراً لتأييد ما ينطق به النص فالنص عنده سابق في الكشف عن خفايا الواقع مقارنة بما عليه العلم، مع الإعتراف بكونه كاشفاً على نحو الإجمال لا التفصيل، بإعتباره لم يوضع بديلاً عن الكشف العلمي، إذ تظل مهمته الأساسية تنحصر بالهداية"
وتحدث عن أن المثقف الدينى يمزج العلم والدين فقال :
"وبهذا فإن إحدى الوظائف التي حملها المثقف الديني على عاتقه هي المزاوجة بين النهجين البياني والعلمي، أو بين الفقيه والعلماني وبعبارة أدق، جاء ليزاوج بين العلم والدين، أو الواقع والنص، مخالفاً بذلك السير المتصلب الذي عليه كلا النهجين الآنفي الذكر
على أن نفس ما ذكرناه ينطبق تماماً على ما يخص العلاقة بين المثقف العقلاني والمثقف الديني، وذلك من حيث التنافس الحاصل بينهما حول فهم الواقع وتفسيره، وحول العلاقة التي تربط العقل بالدين فما يتصوره المثقف العقلاني من أن هناك تضاداً بين العقل والدين، وأن الأخير هو الجانب اللامعقول بالقياس إلى الأداة العقلية، وأن المحاكمة تظل في جميع الأحوال خاضعة للعقل دون غيره من الغيبيات، فكل ذلك يمكن الإجابة عليه بمثل ما ذكرناه بصدد المثقف العلموي فمن ناحية أن ما ذُكر من تضاد بين العقل والدين ليس صحيحاً، بل الصحيح أن يقال بأن هناك تضاداً بين النهجين البياني والعقلي، وقد يسفر هذا التضاد عن تناقض في مضامينهما، لكن ذلك لا شأن له بالدين وعلاقته بالعقل وقديماً ظهر الكثير ممن يطرح فكرة التضاد من أصحاب النهج البياني، على الصعيدين الكلامي والفقهي وواقع الأمر أن التضاد الذي ذكروه ليس تضاداً مع الدين، بل مع فهمهم له، فمن الواضح أن جميع المدارس والمذاهب الدينية تمارس أنماطاً من الإجتهاد في الدين دون أن تكون ناطقة عنه على وجه القطع ولا يستثنى منها المدارس البيانية التي تعول على ظواهر النصوص وحرفيتها اللغوية وربما يكون إبن رشد هو أول من أدرك الطابع الإجتهادي لتلك المدارس - بما فيها المدارس البيانية - بإعتبارها قائمة على بعض الأصول والمسلمات القبلية لذا كان علم الطريقة علماً حيوياً لدراسة الفكر الإسلامي عبر الكشف عن المولدات المعرفية والاسس القبلية لمناهج الفهم الديني "
وتحدث عن أن المثقف الدينى لا يرى تناقضا بين العقل والدين فقال :
"عموماً لا يجد المثقف الديني في العقل ما يعارض المضامين الدينية وبالتالي أنه لا يعتبر الدين شكلاً غير معقول مقارنة بالعقل بل يرى أن أحدهما جاء ليشهد ما لدى الآخر فالعقل مؤيد بالدين، والدين مؤزر بالعقل؛ بلا تناقض ولا تعارض فأغلب القضايا الدينية هي مما يشهد عليها الوجدان العقلي بالاقرار، سيما تلك التي لها علاقة بالمصالح العامة تظل هناك قضايا تعبدية وغيبية لا يعلم العقل عنها شيئاً، الأمر الذي ليس بغريب طالما أن ذلك يجري حتى في العلوم الطبيعية، حيث هناك من الخفايا ما يعجز العلم عن إدراكها "
وتحدث عن الفوراق بين المثقفين العلمانيين والدينيين فقال :
"أما علاقة المثقف الديني بالمثقف الميتافيريائي فيلاحظ أن للأول نوعاً من التعالي الغيبي يجعله من هذه الناحية لا يختلف عن الثاني فكلاهما يستند إلى منظومة ميتافيزيائية متعالية رغم ما بينهما من تعارض على صعيد المحتوى كذلك فإنهما يطمحان إلى تحقيق نموذج مثالي بحسب ما تمليه عليهما نزعتهما الميتافيزيائية المتعالية على التاريخ وظروفه الزمانية والمكانية فما يطمح إليه المثقف الديني هو تحقيق الأمر الرباني المتمثل بخلافة الإنسان الصالح على أرض الواقع وما يطمح إليه النموذج الميتافيزيائي، كما في الماركسية، هو تحقيق المجتمع الشيوعي (اللاطبقي) تبعاً للحتمية المادية والتاريخية المفترضة
وبخصوص المثقف الذرائعي ففارقه عن المثقف الديني هو أنه من حيث نفعيته لا يملك تكويناً معرفياً محدداً، وبالتالي فهو بحاجة للإمتزاج بغيره من الأشكال الثقافية الأخرى أما المثقف الديني فرغم أنه ليس خالياً من النفعية إلا أنه يعدها مؤطرة بإطار منظومته المعرفية والقيمية وأعني أن النفعية لديه هي نفعية محكومة وليست منفصلة أو مستقلة عن تلك المنظومة وعلى العموم فإن الفارق بين المثقف الديني والعلماني يمكن لحاظه عبر تصور كل منهما لعلاقات الإنسان؛ علاقته بنفسه وبالمجتمع والطبيعة والميتافريقا الغيبية فالمثقف الديني ينطلق من نظرية الإستخلاف وحمل الأمانة الربانية، لا من حيث الأمانة في قوله تعالى: ((إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبيْن أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولاً)) فقط، ولا من حيث قوله تعالى: ((إن الأرض يرثها عبادي الصالحون)) فحسب، بل كذلك من حيث النبوءة التي تبشر بمغزى هذا الإستخلاف والذي عارض فيه المولى جل وعلا ما توقعته الملائكة بقوله: ((وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون))
فعلى مثل هذه الآيات يقيم المثقف الديني تصوره الذي يؤسس فيه علاقات الإنسان المتعددة طبقاً لمفهوم الأمانة والإستخلاف، كالذي يلاحظ بوضوح لدى مثقفي ما بعد منتصف القرن العشرين مما يعني أن منطلقاته هي منطلقات متعالية غيبية، لكنه لا يفصلها عن أرض الواقع فهو يعي أنها تتجسد في الواقع عند تحقق شروطها، ويرى أن الإسراع في التجسيد وأحكامه يتوقفان على فهم الموضوعات التي تناط بها تلك العلاقات، وهي كل من النفس والمجتمع والطبيعة والميتافيزيقا، ومنه تنشأ الحاجة إلى العلوم المتعلقة بها، بغية الإفادة منها في تأسيس علاقات مناسبة وتوظيفها للهدف المشار إليه
ويبدو أن المثقف الديني لا يربط نظرية الإستخلاف بشكل النظام السياسي بقدر ما يربطها بوجود المجتمع الصالح، بحيث يرى كل صلاح في العلاقة الإنسانية تعبيراً عن تحقيق درجة من درجات الإستخلاف غير المنقطعة والمطلوب هو توسيع رقعة الإستخلاف والشد على حمل الأمانة أكثر فأكثر والملاحظ أن لنظرية الإستخلاف عند المثقف الديني بعدين: ديني مجمل، وواقعي مفصل فهو يرى أن هناك سنناً طبيعية مرصودة في الواقع ولها علاقة بالإستخلاف وقد أشار إليها النص إجمالاً ومن ذلك أن رشيد رضا يرى أن من السنن التي تفيد الغرض هي البقاء للأصلح، فهي سنة الله التي يتم بها الإستخلاف، والأصلح يتمثل بالصالحين الذين يصلحون لاقامة الحق والعدل وسائر شرائع الله وسننه في العمران، ويدل عليه المثل المشهور في سورة الرعد: ((فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)) بل انطلاقاً من هذه السنن فإن محمد رشيد رضا وأمثاله لا يتحفظون من إعتبار أحقية الغرب وصلاحه علينا طالما أنه يتفوق علينا تبعاً لسنة البقاء للأصلح والإستخلاف فبحسب رأيه أن الغرب على الحق والصلاح وأنه أفضل من أخلاق ممالك المسلمين وأعمالهم وعدلهم وإصلاحهم وإتّباعهم لسنن الله في نظام الإجتماع والسياسة، ولولا ذلك ما إستطاعوا أن يتسلطوا على المسلمين هذا هو الأساس المعرفي الذي ينطلق منه المثقف الديني في ربطه لعالم الغيب بالشهادة، أو النص بالواقع، مما يبرر إختلافه الجذري عن المثقف العلماني بجميع أشكاله وصوره فليس من بين هذه الأشكال من يعد للحساب الغيبي إعتباراته في الحركة الإنسانية وحتى الشكل الميتافيزيائي فإنه لا يرى الحركة الإنسانية ناشئة عن التخطيط الغيبي، بل هي نتاج عملية تاريخية حتمية تحكمها قوانين مادية معللة ذاتياً دون علل خارجية"
المقال قائم على خطأ وهو تصنيف المثقفين لعلمانيين ودينيين والمثقف أيا كان فى المبدأ والمنتهى مثقف دينى يعتنق دينا سواء سماه فكرا أو مذهبا أو مبادىء أو غير ذلك ولذا لم يخل الله أحد من الدين عندما طلب من الرسول(ص) أن يقول للناس :" لكم دينكم ولى دين "
فالدين هو أى مجموعة أحكام يعتنقها الإنسان ويلزم بها نفسه فى حياته
وأما تقسيمهم فى المقال فلا أساس له فلا أحد يعتنق مثلا العلمية أو العلموية وحدها وإنما فى حياته له أحكام أخرى فى التعامل مع أهله مثلا أو مع غيرهم لأن التعامل لا يكون بنتائج التجارب فى التعامل لأنها غير ممكنة فى العالم فمثلا حسب الاحصاء العلمى الكذب أكثر شيوعا وهى نتيجة علمية ولكن لا تجد أحد من المؤمنين بالعلم يقوم بالدعاية لها لمعرفته أن العلم هنا يعطى نتيجة غير منطقية
ومثلا التجارب العلمية أو الحقائق العلمية لا تعطى الإنسان نتيجة مثلا فى مسائل كالجماع من خلال معرفة ما يجرى بين الحيوانات فمثلا يختار بعض الناس الشذوذ مع أنه خارج العلم لأن كل أنواع الحيوانات لا تجد فيها ذكر يجامع ذكر ولا أنثى تجامع أنثى
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس