النصيحة الأولى : إلى ولي الأمر
اتقي الله في أبنائك وبناتك ، وفيمن هم تحت رعايتك وولايتك ، واحفظ رعيتك التي استرعاك الله إياها ولا تفرط فيها ، فان أحسنت الرعاية والولاية كان لك الأجر ، وإن فرطت وأسأت كان عليك الإثم والوزر ،وتذكر قوله (صلى الله عليه وسلم) ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع و مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ) متفق عليه ، ومن مسئولياتك المهمة والرئيسية والخطيرة تجاه أبنائك وبناتك أن تربيهم التربية الإسلامية الصحيحة وتنشئهم على كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأن تعلمهم الأخلاق الفاضلة ، والآداب الطيبة ما استطعت ففي ذلك الخير لهم دنيا وآخرة قال تعالى ( يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) قال علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه) : (أي أدبوهم وعلموهم) ، نعم فالتربية على الدين وتعليمه للابن والبنت وقاية فعالة لهم من الانحراف ، و الشيطان ، وأما إهمال ذلك فيودي بهم إلى الجهل العقيم ، والى تورطهم في الخطأ الجسيم ، والإثم العظيم ، فالله الله بتربيتهم على القرآن ، وسنة رسول الرحمن (صلى الله عليه وسلم ) ، وتعليمهم الأخلاق الطيبة والآداب الحسان ، فإن ذلك هو درب الفوز بالجنان ، فيجمعكم الله وإياهم في الجنات ويزيد كم في الأجور والحسنات حيث قال تعالى : ( والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امريء بما كسب رهين ) ..هذا وان كنت يا ولي الأمر تهمل أبنائك بحجة الرزق والبحث عن لقمة العيش فلا تفعل فإن الله يقول : ( نحن نرزقكم وإياهم) ، نعم ابذل واجتهد واعمل ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولكن في المقابل نظم وقتك تنظيما تسمح لنفسك به التفرغ لتربية أبنائك ولا تعرض عن هذا أو تهمله فلعلك وأنت تطعمهم وتسقيهم فلا يكونون إلا للنار ، وذلك لأنك أحسنت إطعامهم وإلباسهم ولم تحسن تربيتهم وتأديبهم وتعليمهم فيصيروا من الفجار والرزق بيد الله ، ولكل نصيبه ومستحقه من الرزق فلا يتخذ كسب الرزق أبدا عذر لإهمال الأبناء وتضييعهم ، ولا سببا للبعد عنهم والتقصير في تربيتهم وتعليمهم ، فنظم وقتك، وجالس أهلك ، واسعى لرزقك ،فيرضى عنك ربك قال تعالى (ومن توكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره لقد جعل الله لكل شيء قدرا ) ، وان كنت يا ولي الأمر من الذين يهملون البنين والبنات ، ويهجرون الزوجات إلى المجالس والسهرات فاتقي الله وتدارك ما فات ، فلقد ضيعت وقصرت ، وأخطأت وما أحسنت ، والمسئولية فرطت فيها ، والنتيجة إن استمريت لا ربح فيها ، فأين أنت عن قوله تعالى ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) وعن قوله ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا) ألا فارجع إلى نفسك ، وحاسبها وأنبها ، وعن المعاصي والتقصير فأبعدها ، ولا تجعل الحواجز بسبب غيابك وإهمالك تنشأ بينك وبين زوجتك وأولادك ، فأكثر من الجلوس معهم ، واشرف على تربيتهم ، وأعن زوجك على ذلك واستعينا بالله فانه هو نعم الوكيل ونعم المعين ، وهو مفرج الكروب وغافر الذنوب الميسر للمتقين قال سبحانه ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) .هذا وانظر في أصحاب ابنك وأصدقاءه فإن كانوا صالحين فنعما بهم ، وإن كانوا غير ذلك فأبعده عنهم وازجره وانصحه عن مرافقتهم وخصوصا إن كانوا يكبرونه بكثير من السنوات ، وأرشده إلى أن خير الأصحاب من كانوا على السنة والكتاب ، وكانوا على سنه أو قريبين منه ، وابعد السيئين عنه و صنه واحفظه ، وان كان ابنك كبيرا ورأيته يرافق من هم أصغر منه ، ومن هم يتناسبون وسنه فانصحه في ذلك ، وبين له ما ينجيه من المهالك ، ولا تدعو على أولادك بل ادعي لهم فدعاء الوالد مستجاب ، والله عنده حسن المآب .
فان فعلت ذلك صفي لك ولدك ، وزاد عند الله أجرك ، وارتاح فكرك وقلبك ، ولعله ينفعك في دنياك بصلاحه ، ويدعو لك بعد مماتك ..وأخيرا أوجه كلمة من قلب حزين إلى تلك الأم التي اتخذت من المطبخ مسجد ، وانشغلت عن ابنها وابنتها خصوصا في مجالس الغيبة والمكائد ، ألا فاتقي الله فأنتي مسئولة ، ودورك مهم وخطير في بناء وإصلاح الولد والأسرة والمجتمع أحيانا يفوق دور الرجل في أهميته ، وكما قال شوقي :
الأم مدرسة إذا أ عددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق
فاتقي ثم اتقي الله ، وعليك بما يرضي الله ، واهتمي بالأبناء والبنات ، وعلميهم ونشئيهم على الصالحات ، وخصوصا البنت كوني لها صديقة ، وفي نصحها حكيمة ورقيقة ، وعلميها العفاف ، والصبر والكفاف ، وأمريها كلما كبرت ونضجت بالستر وحذريها من سبل الإثم والوزر ، وأسسيها على كتاب الله وسنة الرسول ، وعلى سير الصحابيات والمؤمنات الفاضلات كأمنا خديجة ، وسمية ، وعائشة ، والبتول ، واعلمي أنك يوم الدين مسئولة أمام الله عن أي تقصير أو تفريط في أداء أمانة تربية الأبناء فاحذري وعي وذري عنك تضييع الوقت والعمر بين الأزياء ومجالس الغيبة التي تكثر وللأسف بين النساء ."
كانت هذه النصيحة من البلوشى لكل ولى أمر سواء كان قائدا لجماعة كبيرة أو محدودة وأما النصيحة التالية فهى لأوصياء اليتامى وفيها قال :
"النصيحة الثانية : إلى كل الذين وكلهم الله بأمر اليتيم واليتيمة
قال تعالى ( وأما اليتيم فلا تقهر) قال بن كثير – رحمه الله – ( أي لا تذله وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطف به ) ومن الإحسان إلى اليتيم الإحسان في تربيته ، وتنشئته ، والإحسان في رعايته وعدم إهماله فانشئوا من ولاكم الله أمرهم من اليتامى على طاعة الله ورسوله ، وكتاب الله والسنة ،وأحسنوا تعليمهم وتأديبهم بالرفق واللين ، والاستعانة بالمؤمنين الصالحين ، و أحسنوا إليهم في رعايتهم ومعاملتهم فراعوهم بعدل وخير وعاملوهم بالمحبة واللطف وارضوا الله فيهم ، فقد قال (صلى الله عليه وسلم) : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وأشار بالسبابة و الوسطى وفرج بينهما ) رواه البخاري والترمذي وأبو داوود ، فإن رأى أحدكم على من يرافق اليتيم ما لا يرضاه الله من الأعمال والأقوال ، أو رأى أنه يفرق عنه في السن بكثير من السنوات وخشي عليه من الوبال فلينصحه ، وليتلطف له في المنع والنهي حتى يترك هذا الصاحب أو هؤلاء الأصحاب فينجو بذلك إن شاء الله من أن يكون من العصاة لرب الأرباب ، هذا وكفالة اليتيم واليتيمة والإحسان إليهما عمل عظيم كما تبين خصوصا إن رافقه الأمانة والعدل ، والإحسان والرعاية الصحيحة والصادقة ، وأخيرا قال قتادة ( رحمه الله) : ( كن لليتيم كالأب الرحيم) فأحسنوا إليهم وارحموهم وعاملوهم كما تعاملون أبنائكم وبناتكم الذين هم من أصلابكم ، واتقوا الله ولا تهملوا الأيتام ولا تظلموهم فان ذلك شر وخيم ، وخطر عظيم ، وحسابه عسير عن الجبار العليم ."
وأما النصيحة التالية فهى للصغار وفيها قال :
"النصيحة الثالثة :
إلى كل صغير يرافق من هو أكبر منه بسنوات عديدة
أخي الصغير وفقك الله إلى طاعته اعلم أن خير الأصحاب من كان على نهج القران والسنة ، ومن كان صالحا فاضلا وان بدر منه بعض الخطأ أو بعض الزلل فالإنسان خطاء وخير الخطاءين التوابون ، واعلم أن الصديق الصالح منفعة لك في الدنيا ومدخرة لك في الآخرة قال تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) وأن الصديق السيئ مضرة لك في الدنيا ومهلكة في الآخرة ، وما يتندم الإنسان على شيء يوم القيامة كما يتندم على مرافقة الفاسدين في الدنيا لأنهم صحبتهم أساس كل شر وبلية قال تعالى ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا ) هذا ويجمع الله أصحاب الخير والصدق في جنته ويكسوهم من فضله ورحمته قال تعالى (إن الأبرار لفي نعيم ) وأما الفجار فان مجمعهم النار ، لما فعلوه من محرمات وما قاموا به من إفساد قال تعالى ( وإن الفجار لفي جحيم ) – عافانا الله من النار- وعلى هذا فإني أنصحك بمرافقة الأتقياء ، ومجانبة الأشقياء ، والتقي من الأصحاب من يأمرك بالمعروف وينهاك عن المنكر ، ويصبر على أذاك ، ويصدك عن هواك ، وينصحك إن أخطأت ، ويعودك إن مرضت ، ويسأل عنك إن تأخرت ، وتراه مواظبا على صلاته طائعا لربه ،
|