عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-09-2024, 06:53 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,967
إفتراضي

وعليه كلام أبي يوسف في كتابه «الخراج» وإليك نصه: كلام أبي يوسف في المعدن والركاز قال أبو يوسف: في كل ما أصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس ولوان رجلا أصاب في معدن أقل من وزن مائتي درهم فضة أواقل من وزن عشرين مثقالا ذهبا فإن فيه الخمس وليس هذا علي موضع الزكاة إنما هو علي موضع الغنائم وليس في تراب ذلك شيء إنما الخمس في الذهب الخالص والفضة الخالصة والحديد والنحاس والرصاص ولا يحسب لمن استخرج ذلك من نفقته عليه شيء وقد تكون النفقة تستغرق ذلك كله فلا يجب إذن فيه خمس عليه وفيه الخمس حين يفرغ من تصفيته قليلا كان أو كثيرا ولا يحسب له من نفقته شيء من ذلك وما استخرج من المعادن سوي ذلك من الحجارة ـ مثل الياقوت والفيروزج والكحل والزئبق والكبريت والمغرة ـ فلا خمس في شيء من ذلك إنما ذلك كله بمنزلة الطين والتراب قال: ولوان الذي أصاب شيئا من الذهب أوالفضة أوالحديد أوالرصاص أوالنحاس كان عليه دين فادح لم يبطل ذلك الخمس عنه ألا تري لوان جندا من الأجناد أصابوا غنيمة من أهل الحرب خمست ولم ينظر أعليهم دين أم لا ولو كان عليهم دين لم يمنع ذلك من الخمس قال: وأما الركاز فهوالذهب والفضة الذي خلقه الله عز وجل في الأرض يوم خلقت فيه أيضا الخمس فمن أصاب كنزا عاديا في غير ملك أحد ـ فيه ذهب أو فضة أو جوهر أو ثياب ـ فإن في ذلك الخمس وأربعة أخماسه للذي أصابه وهو بمنزلة الغنيمة يغنمها القوم فتخمس وما بقي فلهم قال: ولوان حربيا وجد في دار الإسلام ركازا و كان قد دخل بأمان نزع ذلك كله منه ولا يكون له منه شيء وإن كان ذميا أخذ منه الخمس كما يؤخذ من المسلم وسلم له أربعة أخماسه وكذلك المكاتب يجد ركازا في دار الإسلام فهو له بعد الخمس إن الناظر في فتاوي العلماء وروايات الواردة في وجوب الخمس في الركاز الذي هوالكنز عند الحجازيين والمعدن عند أهل العراق يقف علي أن إيجابه من باب انه فوز بالشيء بلا بذل جهد كالغنائم المأخوذة في الغزوات وهذا يعرب عن أن مدلول الآية أوسع مما يتصور في بدء الأمر يقول ابن الأثير ناقلا عن مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي سمعت أهل العلم يقولون: إن الركاز إنما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يتكلف فيه نفقة ولا كبير عمل ولا مؤونة فأما ما طلب بمال وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس بركاز والركاز عند أهل الحجاز كنز الجاهلية ودفنها لأن صاحبه ركزه في الأرض أي أثبته وهو عند أهل العراق المعدن لأن الله تعالي ركزه في الأرض ركزا والحديث إنما جاء في التفسير الأول منهما وهوالكنز الجاهلي علي ما فسره الحسن وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه والأصل فيه أن ما خفت كلفته كثر الواجب فيه وما ثقلت كلفته قل الواجب فيه ويؤيد ذلك ما رواه الإمام الصادق عن آبائه في وصية النبي(ص) لعلي قال: «يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله: (واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه)» إلي غير ذلك من الأخبار تري أن النبي(ص) جعل الكنز من مصاديق الغنيمة الواردة في الآية المباركة وهذا يعرب عن سعة مفهوم الآية غير أن الشيعة الإمامية عممتها إلي أرباح المكاسب ولكن السنة خصصتها بالركاز والكنز والمعدن وسيوافيك ما يدل علي وجوب الخمس في أرباح المكاسب في روايات أهل السنة الخمس في أرباح المكاسب هذا هو بيت القصيد في المقام والهدف من عنوان المسألة هواثبات ذلك حيث يظهر من غير واحد من الروايات أن النبي الأكرم أمر بإخراج الخمس من مطلق ما يغنمه الإنسان من أرباح المكاسب وغيرها وإليك بعض ما ورد في المقام: قدم وفد عبد القيس علي رسول الله(ص) فقالوا: إن بيننا وبينك المشركين وإنا لا نصل إليك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمر فصل إن عملنا به دخلنا الجنة وندعواليه من
وراءنا» فقال(ص): «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع; آمركم: بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم» ومن المعلوم أن النبي(ص) لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيهم في غير الأشهر الحرم خوفا من المشركين فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقي في لغة العرب وهو ما يفوزون به فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون وهناك كتب ومواثيق كتبها النبي وفرض فيها الخمس علي أصحابها وستتبين بعد الفراغ من نقلها دلالتها علي الخمس في الأرباح وإن لم تكن غنيمة حربية فانتظر كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن:

«بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن أمره بتقوي الله في أمره كله وأن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب علي المؤمنين من الصدقة من ال**** عشر ما سقي البعل وسقت السماء ونصف العشر مما سقي الغرب» والبعل ما سقي بعروقه والغرب: الدلوالعظيمة كتب إلي شرحبيل بن عبد كلال و حارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان: «أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله» كتب إلي سعد هذيم من قضاعة وإلي جذام كتابا واحدا يعلمهم فرائض الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلي رسوليه أبي وعنبسة أو من أرسلاه» كتب للفجيع ومن تبعه: «من محمد النبي للفجيع ومن تبعه وأسلم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطي من المغانم خمس الله » كتب لجنادة الأزدي وقومه ومن تبعه: «ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا من المغانم خمس الله وسهم النبي وفارقوا المشركين فإن لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد الله» كتب لجهينة بن زيد فيما كتب: «إن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها علي أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها علي أن تؤدوا الخمس» كتب لملوك حمير فيما كتب:
«وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم: خمس الله وسهم النبي وصفيه وما كتب الله علي المؤمنين من الصدقة» كتب لبني ثعلبة بن عامر: «من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأعطي خمس المغنم وسهم النبي والصفي» كتب إلي بعض أفخاذ جهينة: «من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطي من الغنائم الخمس» إيضاح الاستدلال بهذه المكاتيب يتبين ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أن النبي(ص) لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها بل كان يطلب ما استحق في أموالهم من خمس وصدقة ثم إنه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض الحرب واكتساب الغنائم هذا مضافا إلي أن الحاكم الإسلامي أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب وتقسيمها بعد استخراج الخمس منها ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئا مما سلب وإلا كان سارقا مغلا فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم علي عهد النبي(ص) من شؤون النبي(ص) فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد؟ فيتبين أن ما كان يطلبه لم يكن مرتبطا بغنائم الحرب هذا مضافا إلي أنه لايمكن أن يقال: إن المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهلية عن طريق النهب كيف وقد نهي النبي(ص) عن النهب والنهبي بشدة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنه(ص): «من انتهب نهبة فليس منا» وقال: «إن النهبة لا تحل
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبي(ص) أن لا ننهب وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبي عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله(ص) فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد وأصابوا غنما فانتهبوها فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متكئا علي قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال: «إن النهبة ليست بأحل من الميتة» وعن عبد الله بن زيد: نهي النبي(ص) عن النهبي والمثلة إلي غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد وقد كانت النهبة والنهبي عند العرب تساوق الغنيمة
والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو فإذا لم يكن النهب مسموحا به في الدين وإذا لم تكن الحروب التي تخاض بغير إذن النبي(ص) جائزة لم تكن الغنيمة في هذه الوثائق غير ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه ولا محيص حينئذ من أن يقال: إن المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبي(ص) هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال أوالنهب الممنوع في الدين وفي الجملة: إن الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبوية أداء خمسها إما أن يراد بها ما يستولي عليه من طريق النهب والإغارة أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكد

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس