وتحدث عن تناقض النصارى فى أمر صفات المسيح(ص) فقال :
"والنصارى هم مختلفون بأنفسهم في هذا الأمر .. هل صفات الناسوتية ذابت في صفات الألوهية في المسيح (ص) حتى لم تبق فيه صفة الناسوتية أو أنها ازدوجت صفات الناسوتية وصفات الألوهية فكان ناسوتياً لاهوتياً في نفس الوقت؟ هذا أمر اختلفوا فيه، وقد أدى الخلاف في الكنائس النصرانية إلى الصراع بين طائفتين مختلفتين في الاعتقاد في هذا الأمر، أدى الأمر إلى صراعٍ ليس صراعاً جدلياً فحسب بل كان صراعاً دموياً عسكرياً دام فترةً من الوقت."
وتحدث الخليلى عن أنه طرح على بعض النصارى أسئلة فى مسألة الصفات ولم يجيبوا عنها فقال :
"ومما طرحته على بعض هؤلاء الذين ينتسبون إلى هذا الدين من الأسئلة: هل المسيح (ص) عندما حملته مريم كان بشراً خالصاً أو أنه كان متصفاً بصفات الألوهية في نفس الوقت؟ فأثبتوا أنه كان متصفاً بصفات الألوهية. وسألتهم: هل كان المسيح (ص) قبل ذلك موجوداً قبل أن تحمله مريم عليها السلام أو أنه خُلِق خلقاً جديداً؟ فادّعوا أنه كان موجوداً من قبل.وهذا من التناقض العجيب، كيف يكون هذا الذي فيه صفات الألوهية والذي تحمله امرأة في رحمها ثم تلده كما تلد سائر النساء بمخاض كيف يمكن أن يكون متصفاً بصفات الألوهية؟!! هذا أمرٌ عجيب."
وتحدث عن القرآن أعلن أن المسيح(ص) مجرد بشرى وهو رسول من رسل الله(ص) فقال :
"القرآن الكريم أثبت قبل كل شيء أن الله سبحانه وتعالى كرّم المسيح (ص) بالرسالة وأنه قد خلت من قبله الرسل فهو ليس بدعاً من الرسل وأن مريم عليها السلام هي صدِّيقة، فهي وفية قائمة بأمر الله من أولياء الله تعالى المتقين الأبرار، يقول الله سبحانه وتعالى : " ما المسيح بن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام "، فهما كسائر البشر كانا يأكلان الطعام، كانا بحاجة إلى الغذاء بل لم يكونا كالملائكة الذين هم ليسوا بحاجة إلى غذاء مادي، وإنما كانا بحاجة إلى غذاء مادي، فكيف يكون الذي بحاجة إلى غذاء مادي كيف يكون إلهاً أو ابناً لله ومعنى كونه ابناً لله أنه جزءٌ من الله انفصل عنه سبحانه وتعالى عن ذلك؟!!. "
وتحدث عن أن القرآن نفى على لسان المسيح(ص) الألوهية والبنوة وغير هذا فقال:
"والله سبحانه وتعالى يبين في كتابه الكريم أن المسيح (ص) تبرأ نفسُه مما وُصِف به من صفات الألوهية، فقد قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة "، نجد أن المسيح هنا يتبرأ مما نُسِب إليه ويدعو بني إسرائيل إلى أن يعبدوا الله الذي هو ربه وربهم، ثم يخيفهم عاقبة الإشراك ويبين أن من أشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. ويقول الله سبحانه وتعالى : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً "، فلو أراد الله سبحانه وتعالى إهلاك المسيح بنقمةٍ منه أو إهلاك أمه أو إهلاك من في الأرض جميعاً لو أراد تعذيبهم من يملك دفع ذلك؟!! بهذا يتبين أن المسيح (ص) ما هو إلا عبدٌ لله تعالى خاضعٌ منيبٌ، وأنه (ص) هو بحاجة إلى رحمة الله تعالى وبحاجة إلى عفوه - عز وجل -، وبحاجة إلى لطفه، فمن الذي يدفع عنه المكروه إلا الله؟!! ولو كان هو إلهاً لكان قادراً على دفع المكروه عنه بنفسه، ولو كان هو ابناً لله سبحانه وتعالى لكان متصفاً بصفات الألوهية لأن الابن يكون من جنس أبيه، فبما أن الأب إله وله ابن - تعالى الله عن ذلك - لا بد من أن يكون الابن أيضاً متصفاً بصفات الألوهية، ومن كان متصفاً بصفات الألوهية فهو قادرٌ على كل شيء لا يحتاج إلى غيره لدفع المكروه عنه."
وتحدث عن إثبات القرآن أن المسيح(ص) بشر خرج من رحم امرأة من بين الدماء فقال :
" وما يتشبثون به من كونه خُلق من غير أب وكان حمله بطريقةٍ لا بالطريقة المألوفة عند البشر جاء القرآن الكريم بما ينقض ذلك إذ الله سبحانه وتعالى أثبت أنه (ص) إنما كان بكلمة من الله، فالله سبحانه وتعالى يحكي بشارة الملائكة لمريم العذراء عليها السلام " إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين *"، وهي بنفسها تعجبت من ذلك كيف يكون لها ولدٌ ولم يمسها أحد من البشر " قالت أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون "، فهو كان بهذه الكلمة الإلهية، كلمة " كن " التي أوجدته من عدم كما أوجدت هذا الكون الذي لم يكن له أصلٌ من قبل في الوجود وإنما حدث بأمر الله سبحانه وتعالى بقوله: " كن "، " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون "، ذلك أمر الله سبحانه. فهو كلمة، عُبِّر عنه بالكلمة لأن خلقه كان بسبب هذه الكلمة من الله تبارك وتعالى، وإلا فهو بشر ولكن خلقه لم يكن بطريقةٍ طبيعيةٍ مألوفةٍ عند البشر وإنما كان بما يخرق نواميس هذا الكون، والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجد هذه النواميس وعندما يريد خرقها فإن ذلك مقدورٌ عليه، إذ هو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، فمن قدر على إيجاد هذه النواميس الكونية هو قادرٌ على تبديلها متى شاء بما يريد عز وجل. وبيّن أن ذلك ليس ببدعة، فلئن كان خُلِق بغير أب فآدم (ص) خُلق من غير أبٍ ومن غير أم، يقول الله تعالى: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون "، فعيسى (ص) خُلق كما خُلق آدم (ص) من غير أن يكون خلقه بطريقةٍ طبيعية بتلاقي الخليتين: الخلية الذكرية والخلية الأنثوية، وإنما كان بمجرد كلمة " كن "، فهو مشابهٌ لآدم من حيث الحيثية، أما من حيث كونه حملته أمه ووضعته أمه فهو يختلف عن آدم في ذلك."
وتحدث عن أن القرآن نفى على لسان المسيح (ص) كونه إلها هو وأمه فقال :
"والله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه أن عيسى (ص) تنصل وتبرأ مما نسبه إليه هؤلاء الذين ألصقوا به من الصفات ما لا يليق بالبشر، فالله سبحانه وتعالى يقول: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما نفسي ولا أعلم ما نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن يعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيءٍ شهيد * "، فقد تبرأ من ذلك وبيّن أنه ما قال لهم إلا " اعبدوا الله ربي وربكم "، وأنه ليس له الحق أن يدعي ذلك، وأنه لو كان قال ذلك لعلمه الله تعالى، فإنه يعلم ما في طوايا نفسه وما في خفايا ضميره، بينما هو لا يعلم من علم الله شيئاً إلا ما علمه سبحانه وتعالى، وهذا مما يدل أيضاً على أنه عبدٌ، فمن كان لا يحيط بكل شيٍ علماً إنما هو متصفٌ بصفات العبودية وليس متصفاً بصفات الربوبية إذ الربوبية تقتضي الإحاطة بكل شيءٍ علماً."
وتحدث الخليلى عن أن القرآن نهى النصارى وغيرهم عن الغلو فى المسيح(ص) وغيره فقال :
"والله سبحانه وتعالى أقام الحجة في كتابه على أهل الكتاب الذي غلوا في المسيح (ص)، فقال لهم : " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل "، وقال: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرٌ لكم إنما الله إلهٌ واحد "؛ نجد أن الله سبحانه وتعالى خاطب أهل الكتاب بما يدحض ما كانوا يزعمونه من أن المسيح (ص) هو ابنٌ لله سبحانه وأن الله ثالث ثلاثة وينهاهم عن الغلو..قبل كل شيء ينهاهم عن الغلو في الدين ويأمرهم أن لا يقولوا على الله إلا الحق ويبين أن المسيح (ص) إنما هو رسولٌ من عند الله، فهو جاء ليبلغ رسالة الله كما جاء من قبله من الرسل بتليغ رسالة الله، وأنه كلمةٌ من الله ورحٌ منه، ويأمرهم أن يؤمنوا برسله الإيمان الصحيح الذي لا يرفع هؤلاء المرسلين إلى درجات الألوهية، فإن المرسلين إنما هم عبادٌ لله وإن تميزوا بما تميزوا به من رجحان العقل وصفاء النفس وطهارة السريرة وقوة البصيرة ونفاذ العقل، إلا أنهم لا يتعدون طور العبودية ولا يتصفون بشيءٍ من صفات الألوهية.
|