عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-11-2024, 08:04 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,894
إفتراضي

والحكايتان بينهما خلافات متعددة أولها أن قصة لقاء إبراهيم بالملك فى القرآن ليس فيها أى ذكر للنار وإنما الذكر للحجاج
أن الحجاج فى القرآن تعلق بالموت والحياة وشروق الشمس بينما الحجاج فى المدراش ليس فيه أى ذكر للثلاثة وإنما متعلق بما يعبد فقط
ومن ثم الحكايتان متغايرتان تماما
وأما حكاية النار فلم يذكر فى القرآن أن الملك الذى يسمونه نمرود كان لها علاقة به وإنما من حرقه كان القوم جميعا كما قال تعالى
"وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ"
ومن ثم المشترك فى الحكايتان هو :
إبراهيم(ص) والنار والملك الذى فى احداهما اطلاقا ولم يذكر قى الثانية بهذا يتبين كذب تسدل والذى حاول ا، يكون منصفا فذكر أن اختلاف اسم الأب بين آزر القرآنى وتاري حفى العهد القديم فقال :
"فإذا قارنا هذه الخرافة اليهودية بالحكاية الواردة في القرآن عن إبراهيم لا نجد بينهما سوى فرقاً طفيفاً جداً، سببه أن محمداً لم يطالع هذه القصة في كتاب ما، بل سمعها شفاهاً من اليهود ومما يؤيد هذا أن القرآن ذكر أن اسم أب إبراهيم هو »آزر« (سورة الأنعام 6: 74) مع أن اسم أبيه في »مدراش رباه« وفي خمسة أسفار موسى هو تارح "
ومع ذلك حاول أن يثبت تحريف الاسم فقال :
"ولكن قال يوسابيوس (المؤرخ اليوناني الذي تُرجم تاريخه إلى اللغة السريانية) إن اسم أب إبراهيم هو »آثر« وهو خطأ مبين والأرجح أن هذا الخطأ نشأ عن تسمية اليهود له في بعض الأحيان »زارح«
وبما أن محمداً كان قد سافر إلى بلاد الشام فيمكن أنه سمع بعضهم يسميه »آثر« ولما لم يتذكر صحته تماماً قال إن أبا إبراهيم هو »آزر« ولهذا السبب يكتب الفرس هذا الاسم »آزر« ويلفظونه كأنه مشتق من لغة الفرس القديمة ومعنى آزر بالفارسية القديمة »نار« وفي اللغة الكلدانية »النار«
قال علماء المسلمين في تفنيد هذا الاعتراض إن ما ذكرتموه يساعدنا مساعدة عظمى على تأييد صحة الإسلام، لأن محمداً لم ينتحل هذه القصة من اليهود ولا من النصارى، بل أنزلها عليه جبريل بالوحي وبما أن اليهود الذين هم ذرية إبراهيم خليل الله قبلوها، فشهادتهم تؤيد وتصدق على عبارة القرآن في هذه القضية
غير أن المعترضين المنتقدين ردوا بأنه لم يعتقد بصحة هذه القصة إلا عوام اليهود، أما كل عالِم مدقق فيعرف أن منشأ هذه الخرافة هو الاشتباه واللبس والخطأ، فإن أساس هذه القصة مبني على ما جاء في سفر التكوين، حيث قال الله لإبراهيم: »أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين« (تكوين 15: 7) ومعنى أور بلغة البابليين القديمة »مدينة« وجاءت جزءاً من كلمة »أورشليم« ومعناها »مدينة شليم« أي »مدينة إله السلام« واسم أور الكلدانيين الآن »المغيَّر« وكان إبراهيم أولاً ساكناً في هذه المدينة ولكن توجد في اللغة العبرية والأرامية والكلدانية لفظة أخرى وهي »أَوْر« تشبه »أور« في النطق والكتابة، غير أن معنى »أور« في اللغة العبرية »النور«
وبعد تدوين التوراة بسنين عديدة جاء مفسرٌ يهودي، اسمه يوناثان بن عزييل، لم تكن له أدنى معرفة بلغة البابليين القديمة، وأخذ يترجم هذه الآية إلى اللغة الكلدانية، فقال: »أنا الرب الذي أخرجك من تنور نار الكلدانيين«! وقال هذا المفسر الجاهل في تفسيره على تكوين 11: 38 »لما طرح نمرود إبراهيم في أتون النار لامتناعه عن السجود لأصنامه لم يؤذن للنار أن تضره«
ومثَل هذا المفسر في الخطأ الذي ارتكبه كمثَل إنسان قرأ في إحدى الجرائد الإنجليزية أن »الرات« أي الفأر نقل الكوليرا إلى المركب فبدل أن يترجم »الرات« بالفأر (لأن هذا هو معناها باللغة الإنجليزية) ظن أن »الرات« هو الرجل العظيم، فقال إن الرجل العظيم نقل الكوليرا إلخ، لأن »الرات« باللغة العربية هي الرجل العظيم، ولم يدر أن الكلمة التي ترجمها أجنبية فلا عجب من وقوع الجاهل في مثل هذا الغلط الذي بُنيت عليه القصة"
ومع هذه الفروق الكثيرة بين الحكايتين حاول أن يثبت ذلك بدعوى تطابق الحكايتين حيث قال :
"ولكن هل يمكن أن نصدق أن النبي الحقيقي يتوهَّم هذه الخرافة ويدوِّنها في كتابه ثم يدَّعي أن كتابه منزَل من عند الله، وأن الدليل على ذلك هو أنه يتطابق مع كتب اليهود الموحى بها؟ وبصرف النظر عن كل ذلك فنمرود الجبار (حسب كلام موسى الوارد في سفر التكوين) لم يكن في أيام إبراهيم، بل كان قبل مولد إبراهيم بأجيال عديدة ومع أن اسم نمرود ورد في الأحاديث والتفاسير الإسلامية، إلا أنه لم يرد في هذه القصة الواردة في القرآن ذاته وواضحٌ أن الذي أدخل اسم نمرود في القصة جاهل بالكتابة والتاريخ، شأنه شأن من يقول إن الإسكندر ذا القرنين ألقى عثمان أحد سلاطين العثمانيين في النار، ولم يقل ذلك إلا لأنه يجهل مقدار الزمان بين الإسكندر وعثمان، ولأنه لم يدرِ أن عثمان لم يُلقَ في النار مطلقاً"
والناظر فى الحكايتين سيرى فروقا كالتالى :
= والد إبراهيم أزر وفى المدراش تارح
=الملك فى المدراش وغيرها نمرود وفى القرآن سماه الله الملك فقط دون اسم
=أن من ألقى القبض على إبراهيم جماعة من القوم كما فى قوله تعالى :
"قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ"
بينما فى الحكايات أن من قبض عليه أبوه وسلمه وهو قولهم :
فألقى والده القبض عليه وسلَّمه إلى نمرود
=أن الوالد وكل لإبراهيم بيع الأصنام فى قولهم " وأناب عنه إبراهيم في بيعها، فإذا أتى أحد يريد الشراء كان إبراهيم يقول له عمرك؟ فيقول: كم له: عمري خمسون أو ستون سنة..." بينما فى القرآن لم يبع الأصنام وإنما طلب من أبيه عدم عبادتها وبيعها كما قال تعالى:
" لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يعنى عنك شيئا"
=أن حرق إبراهيم(ص) فى القرآن كان سبب تكسير الأصنام فى المعبد حيث توجد كما قال تعالى : "وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ"
بينما فى المدراش أنه كسر الأصنام فى دكان والده فى قولهم "، فقال هذا: أريد أن آكل أولاً، وقال ذلك: أريد أنا أن آكل أولاً فقام كبيرهم وأخذ العصا وكسرهم فقال له أبوه: لماذا تلفق عليَّ خرافة؟ فهل هذه الأصنام تدرك وتعقل؟ فقال له إبراهيم: ألا تسمع أذناك ما تتكلم به شفتاك؟ فألقى والده القبض عليه وسلَّمه إلى نمرود"
وبهذا يتبين أن تسدل يكذب ويستمر فى كذبه مدخلا القراء فى متاهة حتى يبعدهم عن المقارنة الحقيقية بذكر تحريفات اليهود للألفاظ
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس