القرآن بشير :
بين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم تنزيل كتاب فصلت آياته من الرحمن الرحيم والمراد آيات عادلة ايحاء قرآن بينت أحكامه من النافع المفيد وهذا يعنى أن القرآن نزل كل مجموعة آيات عادلة مفرقة عن الأخرى وقد فصلت أى بينت أى أحكمت آياته وهى أحكامه والكتاب هو قرآن عربى أى حديث أى حكم واضح مفهوم وقد نزل لقوم يعلمون بشيرا أى نذيرا والمراد وقد نزل لناس يطيعون مبلغا أى مخبرا وفى هذا قال تعالى:
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا"
مجىء البشير للناس :
خاطب الله أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق مبينا لهم أنهم قد جاءهم رسوله يبين لهم والمراد أنهم قد أتاهم مبعوث الله يبلغ لهم أحكام الله على فترة من الرسل والمراد قبل انقطاع بعث الله للأنبياء(ص) والسبب أن يقولوا والمراد حتى لا يقولوا بعد إبلاغ الوحى :ما جاءنا من بشير ولا نذير والمراد ما أتانا من مخبر بالوحى أى مبلغ لحكم الله ويبين لهم أنهم قد جاءهم البشير وهو النذير والمراد قد أتاهم المبلغ أى المخبر بالوحى وفى هذا قال تعالى:
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير أو نذير فقد جاءكم بشير ونذير "
الرسول (ص) بشير للمؤمنين :
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا والمراد لا أحدث لذاتى خيرا أو شرا إلا ما شاء أى أراد الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء والمراد لو كنت أعرف المجهول وهو هنا المستقبل لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر إن أنا إلا نذير أى بشير والمراد مبلغ أى مخبر للوحى لقوم يؤمنون والمراد لناس يصدقون فيطيعون حكم الله وفى هذا قال تعالى:
""قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"
الرسول (ص) بشير من عند الله :
طلب من نبيه(ص)أن يقول للناس :ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تتبعوا وحى سوى وحى الله ،إننى لكم منه نذير أى بشير والمراد إننى لكم منه مبلغ أى مخبر بأحكام الله وفى هذا قال تعالى:
" ألا تعبدوا إلا الله إننى لكم منه نذير وبشير"
البشير ليعقوب (ص)
بين الله لنبيه(ص)أن البشير وهو أحد الأبناء الذى كان عند يوسف(ص)لما جاء ألقى القميص على وجهه والمراد لما حضر أمام الأب رمى الثوب على دماغ الأب فقال الأب لهم ألم أقل أنى أعلم من الله ما لا تعلمون والمراد ألم أحدثكم أنى أعرف من الله الذى لا تعرفون وفى هذا قال تعالى :
"فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم أنى أعلم من الله ما لا تعلمون"
تبشير المنافقين :
طلب الله من نبيه(ص) أن يبشر المنافقين والمراد أن يخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عذابا أليما والمراد لهم عقابا مهينا والمنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين وفى هذا قال تعالى:
"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما"
تبشير شارى لهو الحديث بالعذاب :
وضح الله لنبيه (ص)أن الكافر شارى لهو الحديث إذا تتلى عليه آياتنا والمراد إذا تبلغ له أحكام الله كانت النتيجة أن ولى مستكبرا أى أعرض مكذبا لها كأن لم يسمعها أى لم يبلغ بها كأن فى أذنيه وقرا والمراد كأن فى سمعه ثقل وهذا يعنى أنه يشبه فى عدم سماعه الوحى الأصم الذى لا يسمعه لو قيل له ويطلب منه أن يبشره بعذاب أليم والمراد أن يخبره بدخوله عقاب شديد وفى هذا قال تعالى:
" وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم"
تبشير الأفاك بالعذاب :
بين الله لنبيه (ص)أن الويل وهو العذاب هو نصيب كل أفاك أثيم أى مفترى ظالم والأثيم هو الذى يسمع آيات الله تتلى عليه والمراد الذى يعلم كلام الله يبلغ له ثم يصر مستكبرا والمراد ثم يظل عاصيا لحكمه كأن لم يسمعها أى كأن لم يعلمها ويطلب منه أن يبشره بعذاب أليم والمراد أن يخبر الأثيم بعقاب مهين وفى هذا قال تعالى:
"ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم "
التعريف:
1 - البشارة - بكسر الباء -: ما يبشر به الإنسان غيره من أمر، وبضم الباء: ما يعطاه المبشر بالأمر، كالعمالة للعامل، قال ابن الأثير: البشارة بالضم: ما يعطى البشير، وبكسر الباء: الاسم، سميت بذلك من البشر وهو السرور؛ لأنها تظهر طلاقة وجه الإنسان. وهم يتباشرون بذلك الأمر أي: يبشر بعضهم بعضا، والبشارة إذا أطلقت فهي للبشارة بالخير، ويجوز استعمالها مقيدة في الشر، كقوله تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم}الألفاظ ذات الصلة:
أ - الخبر:
2 - الخبر يكون من المخبر الأول ومن يليه، والبشارة لا تكون إلا من المخبر الأول. والخبر يكون بالصدق والكذب، سارا كان أو غير سار، والبشارة تختص بالخبر الصادق السار غالبا .
البشارة فى الفقه :
تحدث الفقهاء عن استحباب تبشير المسلم للمسلم بالخير وقد بنوا حكمهم على حديث كعب بن مالك المخرج في الصحيحين في قصة توبته قال: وسمعت صوت صارخ يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك. أبشر، فذهب الناس يبشروننا، وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة، ويقولون: لتهنك توبة الله تعالى عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول، حتى صافحني وهنأني، وكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو يبرق وجهه من السرور -: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك "
والحق أن المسلم مطالب بالاخبار بالخير والشر ففى بعد الوقت الذى بشرت فيه إبراهيم(ص) بولادة ابنه أخبروه بهلاك قوم لوط(ص) فجادلهم فيه وفى هذا قال تعالى :
"فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ"
وتحدث عن الفقهاء عن استحباب حمد الله بعد البشارة وقد بنوا حكمهم على أحاديث مثل :
روي في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون، في مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في حديث الشورى الطويل: أن عمر رضي الله عنه أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة يستأذنها أن يدفن مع صاحبيه، فلما أقبل عبد الله، قال عمر: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت. فقال: الحمد لله، ما كان شيء أهم إلي من ذلك ."
والحق أن حمد الله واجب عند البشرى وعند الخبر السيىء حتى فهو صفة المؤمنين بمعنى :
طاعة الله فى أى ظرف كما قال تعالى :
"التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ"
|