عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-03-2009, 06:28 PM   #12
علي
مشرف الخيمة المفتوحة
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الوطن العربي - ومن القطر الفلسطيني تحديدا !
المشاركات: 4,769
إرسال رسالة عبر MSN إلى علي
إفتراضي

تتعرض أورشليم للغزو عدة مرات فقد صعد إليها جزائيل ملك أرام ، واضطر يهوآشي ملك يهوذا إلى أخذ جميع الأواني والأدوات المقدسة: "وكل الذهب الموجود في خزائن بيت الرب وبيت الملك وأرسلها إلى جزائيل ملك أرام فصعد عن أورشليم"، وفي عهد أمصيا ملك يهوذا تتعرض أورشليم للغزو مرة أخرى على يد لهوآش ملك إسرائيل الذي "جاء إلى أورشليم، وهدم سور أورشليم من باب أفرايم إلى باب الزاوية.. وأخذ كل الذهب والفضة وجميع الآنية الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك والهناء ورجع إلى السامرة". وفي عصور الملوك المتأخرين من ملوك إسرائيل الشمالية يبدأ الغزو الآشوري على يد تجلات بلاس ملك آشور ويتم سبي الإسرائيليين إلى آشور: "في أيام فقع ملك إسرائيل جاء تغلث فلاسر ملك أشور وأخذ عيون وآبل بعيت معكة ويانوح وقادش وحاصور وجلعاد والجليل وكل أرض نعتالي وسباهم إلى آشور .. وصعد ملك آشور شلمنصر على كل الأرض وصعد إلى السامرة وحاصرها ثلاث سنين، في السنة التاسعة لهوشع (ملك إسرائيل) أخذ ملك آشور السامرة وسبى إسرائيل إلى آشور وأسكنهم في حكم وخابور نهر جوزان وفي مدن". ووفقا للنظام العسكري الآشوري فقد تم تفريغ السامرة من سكانها: "وأتى ملك أشور بقوم من بابل وكوث وعوا وحماة وسفراوايم وأسكنهم في مدن السامرة وعوضا عن بني إسرائيل فامتلكوا السامرة وسكنوا في مدنها".

وأما أورشليم فنجوا مؤقتا من مصير السامرة إذ يضطر ملك آشور سنحاريب إلى الانسحاب قافلا إلى بلاده بسبب ظهور قوى داخلية في بلاد النهرين مهددة لملك آشور ومن أهمها القوة البابلية الجديدة، وتفنن اللاهوت الأورشليمي في إعطاء العلل الدينية والتبريرات الاهوتية لنجاة أورشليم من مصير السامرة، ويبدأ هذا اللاهوت بعرض التهديدات الآشورية لأورشليم في صورة التحدي الذي يعرضه ملك آشور إن كان إله أورشليم يستطيع أن يقوم بما لم تقوم به الآلهة الأخرى فيحمي أورشليم من آشور: "هل أنقذ آلهة الأمم كل واحد أرضه من يد ملك آشور، أني ىلهة حماة وأرفاد أين آلهة سفروايم وهنع وعوا، هل أنقذوا السامرة من يدي من كل آلهة الأراضي أنقذ أرضهم من يدي حتى ينقذ الرب أورشليم من يدي"، ويرسل حزقيا ملك يهوذا إلى النبي أشعيا يبحث عنده عن إجابة أو مخرج من هذا التحدي والتهديد الآشوري، ويأتي رد أشعيا: "لا تخف بسبب الكلام الذي سمعته الذي جدف على به غلمان ملك آشور .."، ويمضي هذا التفسير الديني لعودة سنحاريب إلى بلاده وعدم غزوه لأورشليم: "هاأنذا أجعل فيه روحا فيسمع خبرا ويرجع إلى أرضه وأسقطه بالسيف في أرضه"، ويتمادى المفسر الإسرائيلي المتأخر في تصوير موقف أورشليم من سنحاريب فنصورها رغم عفها الشديد في صورة المدينة المحتقرة المستهزئة بسنحاريب: "احتقرتك واستهزأت بك العذراء ابنة صهيون، ونحوك انغصت ابنة أورشليم راسها من غيرت وجدفت وعلى من عليت صوتا وقد رفعت إلى العلا عينيك على قدوس إسرائيل"، وينتهي هذا التفكير اللاهوت بطرح فكرة بقية إرائيل بمعنى أن أورشليم تنجو من الدمار لأن منها تخرج البقية التي تنجو من الغزو والتدمير وتكون بذرة جديدة لإسرائيل: "لأنه من أورشليم تخرج البقية والناجون من جيل صهيون.. لذلك هكذا قال الرب عن ملك أشور، لا يخل هذه المدينة ولا يرمي هناك سهما ولا يتقدم عليها بترس، ولا يقيم عليها مترسة، في الطريق الذي جاء فيه يرجع وإلى هذه المدينة ولا يدخل يقول الرب: واحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي ومن أجل داود عبدي".

أما قرار انسحاب سنحاريب وعودته إلى بلاده آشور فيصوره العهد القديم أنه تم على أثر هزيمة مريرة، وقعت بجيش آشور على يد ملاك الرب: "وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفا، ولما بكروا صباحا راجعا وأقام في نينوى"، بل إنه تقتل في بيته آاهة كما تنبأ أشعيا.

هكذا يصور الالهوت الاورشليمي نجاة أورشليم وسقوط جيش سنحاريب بواسطة ملاك الرب وعودة سنحاريب إلى نينوي بله ويتجاهل هذا الاهوت العوامل السياسية والعسكرية والظروف المتغيرة التي دفعت سنحاريب وجيشه إلى اتخاذ قرار الانسحاب والعودة‎.ومع ذلك سرعان ما ينسى واضع هذا الاهوت حول أورشليم المدينة وقداستها وانتصارها الإعجازي على جيش الإمبراطورية الأشورية ليتنبأ على المدينة بالدمار والخراب على يد بابل، ففي الإصحاح التالي مباشرة وفي عصر نفس الملك حزقيا الذي حدثت المعجزة الإلهية في عصره وعلى يد نفس النبي إشعيا الذي أعلن المعجزة نقرأ: "هو ذا تأتي أيام يحمل فيها كل ما في بيتك وما ذخره آباؤك إلى هذا اليوم إلى بابل، ولا يترك شيء يقول الرب، ويؤخذ من بيتك الذين تلدهم فيكونون خصيانا في قصر ملك بابل ففي الإصحاح التالي مباشرة وفي عصر منسي بن حزقيا الذي حدثت المعجزة الإلهية في عصره وعلى يد نفس النبي أشعيا الذي أعلن المعجزة نقرأ: "هو ذا تأتي أيام يحمل فيها كل ما في بيتك وما ذخره آباؤك إلى هذا اليوم إلى بابل ، ولا يترك شيء يقول الرب، ويؤخذ من بيتك الذين تلدهم فيكونون خصيانا في قصر ملك بابل وفي عصر منسى بن حزقيا... هاأنذا جالب شرا على أورشليم ويهوذا.. وأمد على أورشليم خيط السامرة.. وأمسح أورشليم كما يمسح واحد الصحن بمسحه وتعلبه على وجهه وأرفض بقية ميراثي وأدفعهم إلى أيدي أعدائهم فيكونون غنيمة ونهبا لجميع أعدائهم، لأنهم عملوا الشر في عيني وصاروا يغيظونني من اليوم الذي فيه خرج آباؤهم من مصر إلى اليوم."

وتناب أورشليم العديد من الاضطرابات خلال عصور ملوك يهوذا الضعاف قبل الغزو البابلي، ففي عصر منسي تسفك الدماء في المدينة: "وسفك أيضا منسي دما برا كثيرا جدا حتى ملأ أورشليم من الجانب إلى الجانب فضلا عن خطته التي بها جعل يهوذا يخطئ بعمل الشر في عيني الرب‎" وفيعهد يهوآجاز بني يوشيا يستمر فعل الشر رغم الإصلاحات الدينية التي قام بها أبوه يوشيا، الذي قتل على يد المصريين في أيام فرعون مصر نخو حين خرج يوشيا للقائه عند مجدو حين صعود على ملك أشور، وقد أسر الفرعون نخو يهوآجاز بن يوشيا ومنعه من أن يملك في أورشليم: "وأسره فرعون في ربلة في أرض حماة لئلا يملك في أورشليم، وغرم الأرض بمائة وزنة من الفضة ووزنة من الذهب وملك فرعون نخو الياقيم بن يوشيا عوضا عن يوشيا أبيه وغير اسمه إلى يهوياقيم وأخذ يهواحاز وجاء إلى مصر فمات هناك ودفع يهوياقيم الفضة والذهب لفرعون".

وأخيرا يقوم بنوخذ نصر ملك بابل يغزو يهوذا ويحاصر أورشليم ويصور مؤرخ العهد القديم هذا الغزو في صورة عقاب إلهي ليهوذا وملوكها على خطاياهم المتكررة: "صعد بنوخذنا جير ملك بابل فكان له يهوياقيم عبدا ثلاث سنين ثم عاد فتمرد عليه فأرسل الرب عليه غزاة الكلدانيين وغزاة الموآبيين وغزاة بني عمون وأرسلهم على يهوذا ليبيدها حسب كلام الرب الذي تكلم به عن يد عبيده الأنبياء" وفي عهد يهوياكيني بن يهوياقيم تقع أورشليم تحت الحصار البابلي: "في ذلك الزمان صعد عبيد بنوخذ ناصر ملك بابل إلى أورشليم فدخلت المدينة تحت الحصار وجاء بنو خذ ناصر ملك بابل على المدينة وكان عبيده يحاصرونها" ووفقا للسياسة البابلية يتم سبي أهل مدينة أورشليم إلى بابل و يستولي ملك بابل على خزائن الهيكل وبيت الملك: "وسبى كل أورشليم وكل الرؤساء وجميع جبابرة البأس عشرة آلاف مسبي وجميع الصناع والأقيات، لم يبق أحد إلا مساكين شعب الأرض، و سبى يهوياكينى إلى بابل وأم الملك ونساء الملك وخصيانه وأقوياء الأرض سباهم من أورشليم إلى بابل وجميع أصحاب البأس سبعة آلاف والصناع والقيان ألف وجميع الأبطال أهل الحرب سباهم ملك بابل إلى بابل.

وتقع أورشليم من جديد تحت الحصار البابلي في عهد صدقيا حيث: "جاء نبوخذ ناصر ملك بابل هو وكل جيشه على أورشليم ونزل عليها وبنوا عليها أبراجا حولها" ودخلت المدينة تحت الحصار إلى السنة الحادية عشرة للملك صدقيا: "وتتعرض المدينة لمجاعة شديدة ويهرب المقاتلون منها" اشتد الجوع في المدينة ولم يكن خبزا لشعب الأرض فثغرت المدينة وهرب جميع رجال القتال ليلا" ويهرب ملكها فتلحقه جيوش البابليني وتأسره إلى بابل.

ويقوم البابيليون بإحراق أورشليم وتشريد أهلها وسبيهم وتخريب الهيكل وحمل آنيته وأدواته إلى بابل: "وإحراق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت العظماء احرقها بالنار وجميع أسوار أورشليم مستديرا هدمها كل جيوش الكلدانيين مع رئيس الشرئ وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة والاريون الذين هربوا إلى ملك بابل وبقية الجمهور سباهم بنوزرادان رئيس الشرط.. وأعمدة النحاس التي في بيت الرب كسرها الكلدانيون وحملوا نحاسها إلى بابل".

هكذا تم تدمير أورشليم بعد إحراقها وتدمير هيكلها ونقل آنيته وأدواته المقدسة إلى بابل، وتم سبي أهل أورشليم وساقتها إلى بابل، بينما هرب بقية السكان إلى مصر: فقام جميع الشعب من الصغير إلى الكبير ورؤساء الجيوش إلى مصر لأنهم خافوا من الكلدانية"، ويعلل المؤرخ الإسرائيلي المتأخر هذه الأحداث التي وقعت لأورشليم ولبيت الرب التعليل المعتاد وهو العقاب الإلهي للمدينة وأهلها وملوكها بسبب هجرهم عبادة يهوه ووقوعهم في العبادة الأجنبية: "فقال الرب إني انزع يهوذا أيضا من أمامي كما نزعت إسرائيل وأرفض هذه المدينة التي اخترتها أورشليم والبيت الذي قلت يكون اسمي فيه". وكما بدأ اللاهوت الأورشليمي بتقديس المدينة واختيارها مدينة لله واختيار داود انتهى برفض المدينة ورفض اختيارها ورفض بيت الرب الذي أقيم له فيها.

كما وتعرضت المدينة للغزو اليوناني عندما دخل الإسكندر المقدوني الكبير فلسطين سنة 332 ق.م. وبعد ذلك دخلت الجيوش الرومانية القدس سنة 63 ق.م على يد "بوبي بومبيوس" الذي عمل على تدميرها بعد أن تم دمج الأطراف الشرقية للبحر الأبيض المتوسط في الإمبراطورية الرومانية، وفي هذه الأثناء عهد "بومبي" سوريا إلى أحد الموظفين الرومان البارزين وهو "غابينيوس" (57-55 ق.م ) والذي عمل على فرض ضرائب باهظة على السكان وتقسيم الدولة إلى 5 أقاليم يحكم كل منهما مجلس، وأعاد "نما بينيوس" بناء عدد من المدن اليونانية- السورية التي كان المكابيون قد هدموها مثل السامرة وبيسان وغزة.

في تلك الفترة شهدت روما حروبا أهلية، ودب الاضطراب في الدولة الرومانية كلها؛ وهو ما أدى إلى انتقال هذه الاضطرابات إلى سوريا، وأثناء تقسيم العالم الروماني من قبل الحكومة الثلاثية، أصبحت سوريا ومصر والشرق تحت سلطة "أنطونيو" المعروف بعلاقاته مع "كليوباترا" ملكة مصر.

وفي هذه الأثناء أهمل "أنطونيو "الأسرة الكابية، ووضع مكانها الأسرة الهيرودية، وقد برز من هذه الأسرة "هيرودوس الكبير" عام 37 ق.م الذي أخذ "أورشليم" ووطد سلطته عليها وبقي على الحكم ما يقارب الثلاثة وثلاثين عاما بدعم من روما. وكان "لهيرودس الكبير" فضل إعادة تعمير مدينة القدس وبناء بعض المرافق العامة. وتوفي هيرودس في عام 4 ق.م، بعد نحو سنتين من ميلاد المسيح.
__________________

ان الثورة تولد من رحم الاحزان

لو نستشهد كلنا فيه ..صخر جبالنا راح يحاربهم !

إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية - جمال عبد الناصر



الاختلاف في الراي لا يفسد للود قضيه

آخر تعديل بواسطة علي ، 13-03-2009 الساعة 06:39 PM.
علي غير متصل   الرد مع إقتباس