عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-02-2009, 02:18 PM   #25
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

ضرب عمرو عليا عدة ضربات لكن عليا لم يُصب باذى إذ تصدى لكل ضربة منها بسيفه أو بترسه وأخيرا بدأ عمرو فى التراجع أمام ضربات علىّ السريعة والخاطفة التى اشتهر بها .. وفى خطفة البرق ألقى علىّ بسيفه وترسه وانقض مطبقا يديه على رقبة عمرو وبضربة بارعة أخلت بتوازنه سقط أرضا ، كل هذا حدث فى ثوان ، ظل علىّ جاثما فوق صدر عمرو وحبس الجميع أنفاسهم .. هنا تحول الإرتباك البادى على وجه عمرو إلى غضب شديد ، فهو مستلق على الأرض وفوق صدره هذا الشاب الصغير الذى يبلغ حجمه نصف حجم عمرو .. لكنه على وشك أن يطيح بهذا الفتى فى الهواء كورقة تعبث بها الرياح ..

إنتفخت أوداجه وتقلصت كل عضلاته وضغط بقوة على قبضة على ليبعدها عن عنقه ، لكنه لم يستطع زحزحتها قيد أنملة ..

لم يكد يملك عمرو نفسه من الغضب فى موقف الخضوع هذا سوى أن بصق على وجه علىّ المتأهب لقتله ..

كان رد الفعل لمقاتل فى موقف علىّ أن يرفع خنجره ويطعن به صدر عمرو ، وكان عمرو مرحبا بموت كهذا وهو من عاش بالسيف ويموت أيضا بذات السيف .. لقد إرتسمت علامات الدهشة على وجه عمرو وعلىّ يقوم من فوقه مبتعدا قائلا له كلمات اشد ألما من طعنات السيف :

"إعلم يا عمرو أنى أقتلك فى سبيل الله ، أما وقد بصقت فى وجهى فلن أقتلك إنتقاما لنفسى فاذهب وعد إلى قومك"

لكن عمرو لم يعرف طعم الهزيمة ولا يرضى بسوى النصر ، فالتقط سيفه وهوى على علىّ بضربة قاصمة حطمت درع علىّ وأحدثت جرحا غير عميقا فى صدغ علىّ .. وقبل أن يهوى بسيفه مرة أخرى تلألأ ذو الفقار فى ضوء الشمس وبسرعة خاطفة وضعت حدا لهذه المبارزة الغير متكافئة ..

لم تهتز الأرض عند إصطدام هذا الجسد الضخم بها ، فالأرض ثابتة جدا ..

لكن تل سلع إهتز بأكمله من صيحة "الله أكبر" تدوى فى كل الوادى .. وبعد هذا حدثت مناوشات خفيفة مع القوة القرشية المتبقية كان على إثرها إنسحاب الأخيرة من حيث أتت ، والطريف أن حربة عكرمة قد سقطت أثناء انسحابه وعبوره الخندق عائدا ، وقد نظم حسان بن ثابت فى هذه الحادثة شعرا طريفا ..

وفى ظهر اليوم التالى ، تحرك خالد بسريته على أمل أن ينجح حيث فشل عكرمة ولكن انتبه له الحراس المسلمون الواقفون على نقطة العبور وأغرقوا سرية خالد بالنبال فما كان منه سوى الإنسحاب ، وهنا أوهم خالد قوة المسلمين بالإنسحاب ثم أقفل عائدا بعد أن اطمئن المسلمون لانسحابه وبالفعل استطاع احتلال رأس الجسر إلا أن قوة المسلمين المنظمة إستطاعت الدفع به إلى الوراء ورأى خالد أن الموقف ميئوسا منه فأمر قواته بالإنسحاب وكان هذا آخر عمل عسكرى فى غزوة الأحزاب .

وفى مساء الثلاثاء الثامن عشر من آذار هبت على منطقة المدينة عاصفة هوجاء ، وبدأت الرياح الباردة تعصف بمعسكر الأحزاب ، وانخفضت درجات الحرارة .. لم يستطع أبو سفيان التحمل أكثر فأمر قواته بالإنسحاب وكان خالد وعمرو بن العاص يسيران بسريتيهما فى مؤخرة جيش قريش لتأمينه من مطاردة جيش المسلمين .

كانت هذه هى المحاولة الأخيرة من قريش لفعل هجومى ضد قوة المسلمين فى المدينة ، بعدها تغير وضعهم إلى الوضع الدفاعى ، وانتهت غزوة الخندق وخسر كل طرف 4 من مقاتليه وتحقق هدف المسلمين بنسبة 100% حيث تمت حماية المدينة تماما وبأقل خسائر ممكنة ودون إشتباك حقيقى مع هذه القوة الضخمة .

كانت هذه الغزوة أول مثال فى التاريخ الإسلامى على إستخدام الدبلوماسية جنبا بجنب مع فنون الحرب .. خاصة حين تفشل الأخيرة فى تحقيق أهدافها .. وظلت كلمات النبى تتردد فى أسماع تلاميذه من العسكريين فى الفتوحات الإسلامية من بعده ..



الحرب خدعة ..
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس