الموضوع: مؤازرة
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-06-2009, 06:54 PM   #22
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

السرخس والصنوبر

السرخس، نبات لا جذور عميقة له، يعيش متطفلاً على من يجاوره من النباتات الدائمة كالأشجار الباسقة ذات الجذور المتعمقة، مثل الصنوبريات، وخضرة السرخس تتفوق على خضرة الصنوبر، فلذلك احتل هذا النبات مكانة متقدمة في تزيين الصالونات.

بعكس الصنوبر، الذي يُعرف ببطء نموه، وتأثره بسنين الجفاف، وتجاوز جامعي الحطب الذين يتسللون الى غابات الصنوبر ليأخذوا خشبه يدسونه في مواقد صالونات الأغنياء.

صحيح، أن أشجار الصنوبر هي التي تظهر في صور الأقمار الصناعية، وصحيح أن أشجار الصنوبر هي التي تقوم بجلب الأمطار التي تحمل الخير للبلاد، لكنه لا يمكن مشاهدة شجرة صنوبر في صالون.

عندما نشر (جورج قرم) كتابه (الفوضى الاقتصادية العالمية الجديدة) بنسخته العربية عام 1994، لم يقف المثقفون العرب عند ذلك الكتاب وقفة تناسب ما جاء فيه من قراءة جديرة بالاهتمام، فقد أشار بكتابه كيف أن الفساد والتوجه للربحية على حساب الأخلاق وحساب النظام الاقتصادي المستقر، قد أتى بقيادات رأسية على مستوى العالم ومستوى البلدان ومستوى الإدارات الفرعية، حتى آلت الأوضاع الى ما أصبحت عليه الآن.

(1)

أوقف سمعان سيارته الأنيقة (موديل 2009 bmw)، ونزل منها يمسك بنطاله من طرفي الخصرين، ويتلفت ببطء نحو جهة اليمين، فلمحه أحد عمال الشركة، فعرف بعضهما ولكن سمعان لم يطرح السلام على العامل.

وقف مدير الشركة مُرَحِبا بسمعان، في حين تجمع خمسةٌ من العمال ليتمعنوا في السيارة الفخمة الواقفة في الخارج، وهم يتمتمون بكلام به من الغرابة عن الكيفية التي وصل بها سمعان الى تلك المرحلة من الفخفخة، فقال أحدهم: إنه من الذين تعاونوا مع الأمريكان لنقل مخلفات الجيش العراقي وبيعها الى الهند، كمواد أولية لتصنيع الصلب.

تمتم آخرٌ، يعدد أمثال سمعان الذين اغتنوا من على هامش البؤس الذي حل بالشعب العراقي، ولم ينس أحدهم ذِكْر اثنين قد قُتلا وهم على الطريق، وكيف أن الناس لم يذهبوا للمشاركة في تشييع جنازتيهما.

ضحك أحدهم ضحكة مقتصدة، متذكرا كيف أن سمعان ابن صفه وزميله في الدراسة الذي كان لا ينافسه أحدٌ من التلاميذ على احتلال المرتبة الأخيرة في الفصل، كيف أنه استفاد من كل قوانين وزارة التربية والتعليم حتى وصل الى الصف الثاني المتوسط.

نهرهم أحد المسئولين الفرعيين في العودة الى عملهم، والابتعاد عن الجمهرة قرب السيارة.. فهمس أحدهم: ماذا يريد سمعان من زيارة مديرنا؟

(2)

ـ كيف تريد أن تكون قهوتك؟
ـ أشكركم، أعرف أنني أثقل عليكم بتلك الزيارة، وقد اتصلت مسبقا لأعرف إن كان بالإمكان استغلال بعض الدقائق من وقتكم الثمين.

ـ تفضل كلي أذان صاغية.
ـ باختصار أريد رأيكم في مسألة رغبتي في ترشيح نفسي لرئاسة النادي الممتاز، وأعرف مدى تأثيركم في أوساط الناخبين الأعضاء، كونكم أحد المؤسسين وعضو مجلس الإدارة لثمان سنوات.

ـ لماذا ترغب أن تكون مرشحا للرئاسة؟
ـ لقد راقبت وضع النادي وتهور إدارته الحالية والتي ابتعدتم أنتم عنها، وكيفية تبذير الأموال على شراء لاعبين ليسوا بالمستوى الذي يحسن من ترتيب النادي بين الأندية الممتازة.

ـ بعد أن ضحك ضحكة سخرية واضحة، قال له: أنك لم تكن يوما من الأيام من المهتمين لا بهذا النادي ولا بالرياضة بشكل عام، فاصدقني القول، واترك تلك المقدمات، وقل رغبتك بالضبط، حتى أعطيك رأيي بالضبط.
ـ يعجبني ذكاؤك وطريقتك المباشرة في مناقشة الأمور.

ـ سأقول لك بكل صراحة عن الدوافع التي جعلتك تفكر في ذلك.. وإن كنت مخطئا أرجو أن تصحح لي ما فكرت فيه.
ـ تفضل..

ـ لقد جمعت أموالك، وبنيت قصرك، وأسست لنفسك شركة تديم عليك السيولة.. وراقبت من حولك، فرأيت رئيس البلدية، ورئيس غرفة التجارة، وعضو البرلمان هم من الأصناف التي تنتمي إليها، فبحثت عن إطار يقدمك للمجتمع على أنك رجلٌ مهم، فاعتقدت أن النادي سيكون ذلك الإطار.
ـ يا سلام، تمام والله! أليس الرئيس الحالي للنادي هو من نفس الفئة التي تتكلم عنها، لماذا نترك له المجال ليجعل النادي قاعدة له؟

ـ أنظر، أنا مع عدم جعل تلك الفئة أن تحس أنها في أمان، وأفضل طريقة لمقاومتها، هي تسليط أشخاص من نفس الصنف عليها، ولا تستبعد أنه في الدورة القادمة ـ إن فزت ـ سنبحث من نسلطه عليك، حتى تتغير الأمور ولن يعود أمثالكم الى الطفو على السطح.
ـ أنا موافق، لكن ادعموني في هذه الدورة وسأكون رهن إشارتكم مستقبلا.


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس