عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-10-2009, 02:52 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي محاولة لتعريف الحزن

محاولة لتعريف الحزن

كان من بين ثلاثة عمال وصلوا قبل الدوام بربع ساعة، جلس يسند ظهره الى جدار الحائط الغربي للمصنع، أخرج لفافة تبغ وأشعلها، ونظر تجاه لا شيء، نفث حزمة من الدخان من جوفه فبعثرها الهواء الذي سخن مبكرا في صباح أحد أيام أغسطس.

كان ارتكاز ظهره من منطقة الوسط، فجعله يبدو منحنياً قليلاً، وهذا الوضع سمح له بأن يتنقل ببصره من الأفق الى جهة الأرض التي تحت قدميه.

كان هناك جماعات من النمل، تسير ضمن طابور منتظم بهمة عالية، كان عليها تحويل خط سيرها من حيث كان يجلس الى أبعد من ذلك قليلاً.

تسمر بصره عند حدود نملة متحركة، فتحرك البصر معها، وتساءل: هل لتلك النملة اسم؟، هل تحمل تلك النملة هموما كما يحمل هو؟ أو هل تحمل تلك النملة وساما يُعلق على صدرها، نالته لنشاطها ولا يراه هو؟ هل هناك من ينتظر عودة تلك النملة ويحتفي بعودتها؟ هل تلك النملة ذكرٌ أم أنثى؟ هل قام أحدٌ أو هيئةٌ ما بتعليمها قوانين وأعراف النمل؟

حياه زميل له وسأله عن سبب وجومه..
فأجاب: هل نحن سعداء أم أن الحزن يلفنا؟
ـ لماذا تسأل؟ وما هي النتيجة التي سيؤول لها وضعنا إن عرفنا الإجابة؟
ـ عندما يكون يوم الخميس كيوم الأربعاء ويوم الأربعاء كالذي قبله، وعندما تتشابه الأيام والأسابيع والأشهر والسنين، وعندما تتجمد أحلامنا في إطار نمط رتيب، أليس هذا سببا كافياً لأن نحزن؟
ـ إن فعلنا هذا يا صديقي فإننا سنضيف لونا جديدا على نمطنا الرتيب، فبعد أن تكون الأيام والأسابيع والأشهر وبرامج العمل متشابهة، ستضاف عليها صفة أخرى وهي الحزن.. وعندها إن كان برنامجنا الممل يتمتع بثبات ما، فإنه سيتراجع الى ما دون الثبات، وسنفقد ما تبقى لدينا من إرادة وهمة للقيام بعملنا.. وعندها قد يصبح عنوان حلمنا العودة للعمل، بعد أن يتم الاستغناء عن خدماتنا.

حضر بقية العمال والموظفون، فنهض العامل وصاحبه والتحقا بعملهما، دون أن ينجزا مهمة تعريف الحزن.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس