عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-12-2010, 04:34 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

هَل تَرددتِ كَثيراً .. ؟
قبل الاوان ... ؟
كان للامر مَجال استفسارات ...
مَسَاحةُ عِتاب ...
لحظة بكاء ...
نبرة أسئلة قديمة ...
لي معك ...
كلمات دمع ... وشجون ...
كان للأ مر كثير هموم ....
أن تقبلينَ (أن تقبلي )بغير بديلا ... لبديل ...
تعتقدينَ أن للقلب بابًا اخر ..
لوجهتي وجهةٌ .. غير وجهتي ..
للمسارات .. وجهة اخرى ...

بعد قوة هذه التعبيرات أرى أن المبدع أراد أن يخفف من عمق الصور المتلاحقة حتى لا يؤدي بالمتلقي إلى الإرهاق فأقام هذه الحالة من الانتقال من حديث نفسه (مونولوج) إلى خطاب الآخر وهي المحبوبة (افتراضًا أنها محبوبة حقًا)، وتتلاحق وتتوالى طرائق العتاب للمحبوبة بشدة حينما تتوالى الإجابات المنبثةمن رحم السؤال الاستنكاري ،ولعل المبدع أراد أن يشرك القارئ في الموقف الذي هو فيه فوضع هذا الشطر أن تقبلي بغير بديل ....لبديل
للقلب باب آخر ،ربما خيانة واجهها بها المحب المعاتِب صراحة وفي هذه الحالة من العتاب لا يستدعي الصور والخيالات لاستحواذ الغضب عليه وربما لاحتقار المخاطبَة بما يوحي بسذاجة وغباء فكرها عن أن تفهم شيئًا من لغة الفلسفة فينزل بها إلى لغة العامة.

ترددتِ كثيراً ... ؟؟
قبل الاوان ... ؟؟
ويترك المبدع للقارئ مساحة للتأويل من خلال النقاط التي يفترض أنها تحمل كلمات مبتورة مضمرة في ضمير القارئ أو إيماءات صوتية أو حركية مضمرة في ذات الضمير(ضمير القارئ) ، ولعل السؤال المحذوف المستنتج من هذا السياق هو ماذا يعني لديك أن ......
أن تخسرينَ(أن تخسري) بضع هزائم ...
مع كم الانتصارات ... ؟
مُوغلٌ حَد نخاع البؤس ... هموم ...
محرج خلاص الحروف ؟
مكبلة بأصفاد الحديد كل الدقائق ؟
ويلها من زمانات ... وأزمات ..
ويلها من تداعيات ... لتداعيات ..
فؤادكَ الموج غرق ..
لنهاية المد سواحل ..
ولعل فكرة الغرق يلح عليه المبدع مر ةأخرى من خلال فؤادك الموج غرق ،فالموج نعت للفؤاد وهنا يكون من الجميل هذا الإدخال للمجردات في عوالم المجاز ليكون الموج هو نفسه غارقًا فكأنه فؤادها الغارق في بحر سيئاتها ، لكن المبدع ما زال يضع احتمالية النجاة في الجملة "لنهاية المد سواحل"ولعله يعني بذلك احتمالية الخروج المفضي إلى الهلاك عندما تنتهي السواحل فلا موج وتتوازى نهاية المحبوبة مع بداية المبدع ، ففي الوقت الذي قلبه مولود مطعونًا فلا هو ولد سليمًا ولا هو ميت ، فكذلك المحبوبة لا هي موج يعيش في الماء بل غرقت ولا هي مد يعود إلى الساحل ،بل إنها معرضة لكل من الجفاف والغرق !
وكان تعبير موغل حد نخاع البؤس معبرًا عن تداخلات الحزن وإيغالها في بعضها البعض كأنها دوائر ينبثق بعضها من رحم بعض إلى اللانهائية تعبيرًا موفقًا يتناسق مع الرمزية التي في العمل الذي بين يدينا وعبرت عن مدى إيغال الألم بداخله ، وكانت تداعيات الحالة النفسية من الحروف المكبلة بالحديد ، وحرج خلاص الحروف معبرة بشكل جيد عن حالة التململ التي يعانيها المبدع أو من يتحدث المبدع على لسانه ، وفي هذه الأسئلة يكون السؤال المضمر : هل رأيت كم هو ...
وكأنه يرصد حالتها ودقات قلبها وهي واقفة بين يديه تستمع إلى ما يعاتبها به
...وكأن هذا كله كان استرجاعًا للحدث ،ليعود المبدع إلى نفسه مرة أخرى ليتحسس موضع الطعنة التي طُعِنها (والبديهي أن الطعنة تعبير عن الألم الذي ناله وليس طعنًا حقيقيًا)،تأتي كلمة دهاليز ضياع لتؤكد حالة كأنها سببية ، فهذه المحبوبة التي كنت معها شفيفًا وكان فؤادك معها رفيفًا هي سبب هذا الضياع الذي يعتريك الآن بما يعني حالة من عتاب النفس ليتقوى بها على مواجهة فراقها.
وبعدها يعاود المبدع مواساة نفسه مرة أخرى بعد أن كان يعاتبها ،ونرى هذا التعبير يحمل دلالات ثرية للغاية :
ضفة قلبك ..
والموج الضارب ازرق .. كالفيروز ..
سوف تكون لنا بضع ليالٍ ولم تلتقيني
ضفة قلبك للتعبير عن العلو كأن قلبه يطل من فوق ربوة ،ضفة قلبك مبتدأ والخبر تقديره صافية فكأن الجملة ضفة قلبك -والموج الضارب أزرق كالفيروز- صافية أو ضفقة قلبك صافية والموج الضارب أزرق كالفيروز ، لقد قام الشاعر بتقديم وتأخير لحكمة مردها تقديم الأولويات ففي حالة التأويل الأول يكون الاهتمام منصب على القلب وصفائه وفي حالة التأويل الثاني يكون الاهتمام منصبًا على هذه الحالة الإنسانية المتألقة التي يشعر المبدع فيها برضاه عن نفسه حتى إنه يرى الأشياء على غير طبيعتها فيرى الموج الضارب أزرق كالفيروز ـوتناسى سواده وسواد الحال الآتي به هذا الموج الضارب ،ليعلن بقوة وصراحة أنه لن يضيره شيشء في عدم التقائه بها لبضع ليال ، وكأنه يتنبأ بما ستقوم به . وبعد هذا الفعل من أفعال التقوّي على المواجهة ينطلق مباشرة المبدع بعد الجملة الملونة بالأزرق "سوف تكون لنا بضع ليال ولم تلتقيني" يتوجه المبدع بالخطاب الساخر إلى من كان يفترض أن تكون محبوبته بعد أن أنهى حديثه إلى نفسه وقبل ذلك حديثه إليها على افتراض أنها ستمثل بين يديه ليقول لها :
تُرى اجزعتِ الغياب ؟
ام تترس قلبكِ بالعتاب ؟
ام سدى ضاع .. سندباد الهوى ..
في الضباب ... ؟؟
عبارات رائعة السجع ، وجاءت في وقت تشعر فيه بأن المبدع على وعي بفلسفة القافية ، ففي هذه الحالة كأن المبدع يعود اتزانه ليقول لها كلمات مقفاة وهو ما يدل على شدة تركيزه فيما يوجهه إليها ساخرًا : هل جزعت للغياب أم تترس قلبك بالعتاب لثير فيها كبرياءها الساذج الذي أوردها موراد الهجر وأخيرًا ينهي ذلك كله باحتمالية أشد عنفًا هو ربما فرح بها وشامت من أجلها فيها وهي سندباد الهوى ضاع في الضباب سدى ؟ جميل ها هنا التأخير والتقديم ،تقديم كلمة سدى أي هباء ، ثم ضاع ليشعر القارئ بألم الهدر ثم يذكر سندباد الهوى وهي كلمة مشعة للغاية متناسبة مع الأجواء التي اتخذها المبدع خلفية للنص هذا الهوى المتنقل عبر الأزمنة والأمكنة ضاع في ضباب الفراق والهجر والكبرياء الزائف .
ليتكَ رجفة لفؤادي ..
ليتكَ شهقة لودادي

في رأيي الشخصي أن هاتين العبارتين الأخيرتين كان الأولى بالمبدع حذفهما ليكون الانتصار المكلل بالسخرية أقوى نهاية للحدث ، لكن لكل رؤيته ، والمبدع ها هنا يعيدها إليه ،فكأنما اطمأن إلى أنها قد بكت بكاء مرًا من عتابه ،وقد أحدث فيها كلامه ما يريد ليعود إليها مرة أخرى حنونًا عطوفًا قائلاً لها ليتك رجفة لفؤادي ليتك لشهقة لودادي ، وربما تحمل العبارتان لمزًا بشكل غير مباشر مفاده أنك من شدة البلادة -حتى بعد سماعك ما أقوله -تمنيتك رجفة أو شهقة لأنك حينئذ ستشعرين بما اعتراني
عمل رائع للغاية أحييك عليه أخي العزيز وأرجو المزيد من التوفيق لك ،ولا تحرمنا طلة أقلامك دمت مبدعًا وفقك الله
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس