عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-10-2009, 05:44 AM   #426
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

النص يتسم بحالة من الثراء والتنوع في استخدام الأدوات الأدبية والإبداعية وكان التركيز واضحًا من خلال عدم الإسهاب في حجم هذه الخاطرة عنصرًا مميزًا لها ولكاتبتها المبدعة على امتداد الكثير من الأعمال التي زينت هذه الصفحة .
حاولت جاهدة أن أركب بساط الصمت
فانفلتت جمل من هنا وهناك معلنة التمرد

تبدأ البداية معلنة عن شغب من الكاتبة ورغبة غير عادية في التخلص من الأدوات التقليدية في التعبير وذلك من خلال المجاهدَة من أجل ركوب بساط الصمت ،تلك الجملة المركبة من البساط وهي شيء مادي والصمت وهو شيء مميع ،وجاء هذا التعبير ليوازي بساط الريح كأنما الصمت من سرعة مروره كالريح وكذلك الصمت من شدة اتساعه صار بساطًا يُركب ، وكانت الأجواء التخيليلة للجملة عنصرًا فاعلاً في تكثيف الصورة الذهنية لها .
وتأتي العبارة فانفلتت جمل ... معبرة عن هذه اللاختيارية للنفس والتي تجعل الصمت أمرًا مستبعدًا ومتمرَدًا عليه وإن كنت أرى لفظة معلنة التمرد جاءت زائدة لأن كلمة فانفلتت وكلمة حاولت جاهدة تعبران عن المطلوب .إنه رصد جميل لحالة صراع نفسي كثيًرا عندما نهم بالبوح غير أن كاتبتنا المبدعة أعلنت حسم الصراع سريعًا للكتابة.
فحاولت مرة أخرى
فانفلتت دمعة حفرت أخاديد في وجهي

تكرار المحاولة كان معبرًا عن هذه الحالة من مجاهدة النفس للإبقاء على الصمت ذلك الصديق الذي لا نعلم متى نستعين به ! وتأتي لفظة انفلتت مرة أخرى لتعبر عن لا إرادية هذه الرغبات النفسي والفشل في صدها ،وتعبير حفرت أخاديد في وجهي كان تعبيرًا يتسم بقدر كبير من التشكيلية ويكرس فكرة تجاور الفنون والانتقال للتعبير عن الفكرة بأكثر من صورة .
فتجاوزت الفكرة وقلت: لن أحاول مرة أخرى أن أخنق القلم أو أثبطه
فربما ينعشني أو يشيح القناع عن اشياء لم استطع أن أفك رموزها
الفكرة نفسها التي تدور حولها الخاطرة هي الصراع من أجل كتابة الخاطرة وهذه لحظة نادرًا ما يحاول المبدع وصفها بأسوب بليغ ويكتفي بالإشارات والإيحاءات السيكولوجية التقريرية ، وكانت الاستعارات خنق القلم وتثبيطه والإنعاش وإشاحة القناع كلها كلمات مصوغة بدقة وتواليها يجعل الشيء المستعار له كأنه حقيقة مسلمة متعارف عليها!
فربما لأني امرأة ولسان المرأة آخر عضو يموت فيها
تعبير ساخر عبقري للغاية يعكس رؤية غير تقليدية للحدث ويرتبط بفكرة منطقية استعيرت للموقف إذ يجعل من الحقائق أداة للوصول إلى الظنون التخمينية. وهذا التعبير أحدث قدرًا كبيرًا من القوة في العمل وصار هو الأبرز فيها ويتسم بتماسكه الشديد مع الفكرة .والأجمل أن المرأة تتحدث بلسان الرجل فتقول ما عجز هو عن قوله فهي أدرى بجنسها منه وبأفكار جنسه منه كذلك..إنها عبقرية الأنوثة في فهم فكر الآخر.
على أي، لن أضع مسؤولية هلوساتي على أحد، ولن احاول ان اجيب نفسي
فأنا لا احب الصمت ولا أفكر أن أتوب عن الكلام إلى أن يثبت جرمه.

لغة الحوار والانتقال من حديث النفس إلى الحديث إلى الآخرين أو إشراك الآخرين في حديث النفس كان انتقالاً عبقريًا ممزوجًا بالفكرة والكلمة الساخرتين إذ تعدد الأفكار والأساليب جعل الكتابة والبوح مختمرَين في ذهن الكاتبة كأنهما شيء حقيقي مسلّم به خاصة في السطر الأخير لا أفكار أن أتوب عن الكلام إلى أن يثبت جرمه.

وأريد للكلمات أن تمشي مبتسمة ترفع الرايات البيض
وتقبل الاوراق الخضراء والصفراء، وتعانق الحروف القرمزية
وهنا وهناك تلوّح بإيماءات مفعمة بالامل
وقبلات للمارين على عتبات الحروف والسائحين في صوامع الكلم.
رائع للغاية تجسيد هذه الكلمات وإعطاؤها سمة إنسانية وكذلك التعبير صوامع الكلم بما يعبر عن عظمتها وجلالتها وإن كانت كلمة صوامع من الممكن أن تحدث معنى غير مطلوب دينيًا لكن اللعب على وتر الصورة من خلال الحروف القرمزية والأوراق الخضراء والصفراء زاد حيوية النص وزاد من سحر الصورة بما يجعلها حروفًا تعري جمال مدن في النفس تحاول الاختباء لكن محال للجمال أن يختبئ ، فبعض التبرج للأفكار والرؤى الإنسانية هو قمة الروعة والبراعة .
عمل رائع مميز أحييك عليه وليتك تعودين قريبًا أيتها العصفورة المغردة ..الحكيمة.



__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس