عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-09-2006, 03:26 PM   #12
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أمر كعب بن زهير بعد الانصراف عن الطائف

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش ، ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب ، قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا ، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض وكان كعب بن زهير قد قال

ألا أبلغا عني بجيرا رسالة

فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا ؟

فبين لنا إن كنت لست بفاعل

على أي شيء غير ذلك دلكا

على خلق لم ألف يوما أباله

عليه وما تلفي عليه أبا لكا

فإن أنت لم تفعل فلست بآسف

ولا قائل إما عثرت لعا لكا

سقاك بها المأمون كأسا روية

فأنهلك المأمون منها وعلكا


قال ابن هشام : ويروى " المأمور " . وقوله " فبين لنا " عن غير ابن إسحاق .

وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر وحديثه

من مبلغ عني بجيرا رسالة

فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا

شربت مع المأمون كأسا روية

فأنهلك المأمون منها وعلكا

وخالفت أسباب الهدى واتبعته

على أي شيء ويب غيرك دلكا

على خلق لم تلف أما ولا أبا

عليه ولم تدرك عليه أخا لكا

فإن أنت لم تفعل فلست بآسف

ولا قائل إما عثرت لعا لكا


قال وبعث بها إلى بجير فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشده إياها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع سقاك بها المأمون صدق وإنه لكذوب أنا المأمون : ولما سمع " على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه " قال أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه ثم قال بجير لكعب

من مبلغ كعبا فهل لك في التي

تلوم عليها باطلا وهي أحزم

إلى الله ( لا العزى ولا اللات ) وحده

فتنجو إذا كان النجاء وتسلم

لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت

من الناس إلا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء دينه

ودين أبي سلمى علي محرم


قال ابن إسحاق : وإنما يقول كعب " المأمون " ، ويقال " المأمور " في قول ابن هشام : لقول قريش الذي كانت تقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم .


--------------------------------------------------------------------------------

شعر بجير وكعب ابني زهير

فصل

وذكر قصة بجير بن زهير بن أبي سلمى ، واسم أبي سلمى : ربيعة بن رياح أحد بني مزينة .

وفي شعر كعب إلى أخيه بجير

سقاك به المأمون كأسا روية


ويروى : المحمود في غير رواية ابن إسحاق ، أراد بالمحمود محمدا - صلى الله عليه وسلم - وكذلك المأمون والأمين كانت قريش تسمي بهما النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة .

وقوله لأخيه بجير

على خلق لم تلف أما ولا أبا

عليه ولم تدرك عليه أخا لكا


إنما قال ذلك لأن أمهما واحدة وهي كبشة بنت عمار السحيمية فيما ذكر ابن الأعرابي عن ابن الكلبي .

وقوله إما عثرت لعا لكا ، كلمة تقال للعاثر دعاء له بالإقالة قال الأعشى :

فالتعس أدنى لها

من أن يقال لعا لها


وأنشد أبو عبيد :

فلا لعا لبني فعلان إذ عثروا


وقول بجير

ودين زهير وهو لا شيء دينه


رواية مستقيمة وقد رواه القالي فقال وهو لا شيء غيره وفسره على التقديم والتأخير أراد ودين زهير غيره وهو لا شيء .

ورواية ابن إسحاق أبعد من الإشكال وأصح ، والله أعلم .

وكعب هذا من فحول الشعراء هو وأبوه زهير وكذلك ابنه عقبة بن كعب بن زهير يعرف عقبة بالمضرب وابن عقبة العوام شاعر أيضا ، وهو الذي يقول

ألا ليت شعري هل تغير بعدنا

ملاحة عيني أم عمرو وجيدها

وهل بليت أثوابها بعد جدة

ألا حبذ أخلاقها وجديدها


ومما يستحسن ويستجاد من قول كعب

لو كنت أعجب من شيء لأعجبني

سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها

فالنفس واحدة والهم منتشر

والمرء ما عاش ممدود له أمل

لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر


وقوله

إن كنت لا ترهب ذمي

لما تعرف من صفحي عن الجاهل

فاخش سكوتي إذ أنا منصت

فيك لمسموع خنا القائل

فالسامع الذم شريك له

ومطعم المأكول كالآكل

مقالة السوء إلى أهلها

أسرع من منحدر سائل

ومن دعا الناس إلى ذمه

ذموه بالحق وبالباطل
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس