عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-03-2015, 03:52 PM   #1
صفاء العشري
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2010
المشاركات: 742
إفتراضي متلازمة ستوكهولم

في الثالث والعشرين من أغسطس عام 1973 دخل مجرمان مسلحان بأسلحة رشاشة بنك "كريديت بانكن" في ستوكهولم، السويد. أحدهم كان فارا من السجن يدعى يان اريك اولسون أعلن لموظفي البنك المرعوبين "لقد بدأت الحفلة!" كان هناك أربعة رهائن، ثلاث نساء ورجل واحد، مكثوا محجوزين 131 ساعة. تم ربطهم بالديناميت واحتجازهم في قبو البنك حتى تم إنقاذهم في النهاية في 28 أغسطس.
بعد إنقاذهم صدم الرهائن البلاد والعالم عندما عبروا عن تأييدهم للخاطفين وأنهم خلال الاحتجاز كانوا يخشون رجال الشرطة الذين كانوا يعملون على إنقاذهم أكثر من خوفهم من الخاطفين أنفسهم. بل أن الرهائن بدأوا يشعرون أن الخاطفين يحمونهم في الواقع من الشرطة. في وقت لاحق خطبت إحدى المحتجزات أحد المجرمين وأنشأت أخرى صندوقا للدفاع القانوني عن الثاني للمساعدة في دفع رسوم المحاكمة. وكان من الواضح أن الرهائن قد ارتبطوا عاطفيا مع خاطفيهم.
ومن هنا نشأت فكرة متلازمة ستوكهولم. حيث كان الطبيب النفسي والباحث في علم الجريمة نيلز بيجيروت هو أول من صاغ هذا المصطلح، وأظهر الطبيب النفسي فرانك أوشبيرغ اهتماما بهذه الظاهرة وقام في السبعينيات من القرن الماضي بتعريف المتلازمة وتوضيحها لمكتب التحقيقات الفدرالي وجهاز الشرطة البريطانية "سكوتلاند يارد". حيث كان يعمل في ذلك الوقت على مساعدة فرقة العمل الوطنية الامريكية لمكافحة الإرهاب والفوضى في وضع استراتيجيات للتعامل مع حالات احتجاز الرهائن.
بعدها أصبحت الحالة النفسية في حالات احتجاز الرهائن تعرف باسم "متلازمة ستوكهولم" ، مع أن "الترابط" العاطفي مع الخاطفين قصة مألوفة في علم النفس. لقد ظهرت قبل سنوات عديدة ووجدت في دراسات رهائن آخرين، وسجناء، أو حالات إساءة المعاملة .
وتضمنت معاييرهذه الحالة ما يلي: "في البداية، بتعرض الناس فجأة لشيء يحدث رعبا في نفوسهم، مما يجعلهم متأكدين من أنهم مشرفون على الموت. ثم يمرون بعد ذلك بمرحلة يكونون فيها كالأطفال غير قادرين على الأكل أو الكلام أو حتى الذهاب لقضاء الحاجة دون الحصول على إذن."
ويوضح مختص أن قيام المختطف ببعض الأعمال الطيبة تجاه المخطوفين، كتقديم الطعام لهم، من شأنه أن يحفز لديهم شعورا بالامتنان "لمنحهم الحياة". و"يتكون لدى الرهائن شعور إيجابي قوي أصيل تجاه خاطفهم، يرفضون من خلاله أن يكون ذلك الشخص هو من عرضهم لذلك الموقف، ويتأصل لديهم شعور بأنه هو الشخص الذي سيمنحهم الفرصة للعيش."
ما الذي حدث داخل ذلك البنك وأدى إلى ظهور تلك المشاعر الإيجابية لدى المخطوفين تجاه خاطفيهم، على الرغم من تعرض حياتهم للخطر؟
في مقابلة أجريت معها عام 2009 على قناة راديو السويد، قالت كريستين إنمارك، وهي إحدى ضحايا تلك الحادثة: "إنه نوع من مجريات الأحداث التي تتعرض لها، لدرجة تحدث بطريقة ما تغييرا في قيمك وأخلاقياتك كلها."
وتعمل متلازمة ستوكهولم على إبراز التعارض في المشاعر لدى المخطوفين، إلا أن مشاعر الخاطفين تختلف أيضا.
حيث كان أولسون قد قال أيضا إنه وفي بداية تلك الحادثة، كان من الممكن أن يقتل جميع الرهائن إلا أنه دفع مع مرور الوقت لتغيير رأيه.
تحدث أولسون عن التجربة : "لقد كانوا يقومون بكل شيء أطلبه منهم. ولولا ذلك، لما آل الحال لما أنا عليه الآن. لماذا لم يقم أحد منهم بمهاجمتي؟ لقد جعلوا من الصعب علي أن أقتلهم؟ لقد كانوا يجبروننا على التعايش معهم يوما بعد يوم. ولم يكن أمامنا مفر من التعرف على بعضنا البعض"."
وطبقا لمقالة نشرت عام 2007 في نشرة "لو إنفورسمنت" أو "تطبيق القانون" التي تصدر عن مكتب التحقيقات الفدرالي، تأتي هذه النظرية بمثابة المفتاح الرئيسي في متلازمة ستوكهولم، والذي يمكن للمفاوضين في مثل تلك الأزمات أن يعملوا على إذكاء تلك المشاعر الإيجابية عند الخاطفين، وهو ما من شأنه أن يزيد من فرص نجاة الرهائن.
ومع ذلك يعتبر كثير من المختصين أن الحالات التي تظهر فيها هذه المتلازمة هي حالات نادرة.
صفاء العشري غير متصل   الرد مع إقتباس