عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-11-2009, 07:08 PM   #498
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

نائمٌ أنا بين المطرقة والسندان

يُقيمون علىّ الحد لأننى
...

ُألمْلمُ
زهورنا الملقاة على الارض ِ

لأننى

حاولتُ أن أمسح تلك الحنـّة
المنقوشة...

على يد الشُعراء التقليديّن

ولأننى

كسرتُ الهالة،
فوق رأس القديسين
يعد الاستمداد التاريخي لأحداث التعذيب واسترجاع العديد من أساليب التعامل مع ما هو مخالف للـ(قانون) ركيزة يعمد إليها المبدع لإسقاط سمات هذا العصر على عصرنا الحالي ليخرج القارئ برسالة مفادها أن الحياة لم تتغير ، اللهم إلا في رقي فنون التعذيب ولكن يظل التعذيب والقمع مستمرًا مع ما بذلته الإنسانية الحزينة من أشواط بعيدة في مجالات حقوق الإنسان .
وهذا الاستمداد العبقري يستعمل فيه المبدع العزيز بعضًا من مصطلحات هذا العصر كالشعراء التقليدين يقصد بها المثقفين الموالين للسلطة ، والقديسين لتعني أصحاب المراتب العليا ممن يدّعون الدين أو الفضيلة وهذه المصطلحات تأتي لتعبر عن ركود الزمن واستمرارية الهمجية والقمع بما يلزم المبدع أن يتخذ من نفسه أو قلمه أداة لحرب هذه الوسائل القذرة للإقصاء . لذلك نرى استدعاء عصر القرون المظلمة سمة في العمل ، كما أن المبدع يصور نفسه واقفًا بين يدي الجلاد لتكون هذه الكلمات الأخيرة هي آخر وثيقة شرف وقطرة رجولة يحارَب بها الفساد في استحثاث للآخرين ليحتذوا حذوه ويأتي استخدام العبارة يقيمون عليّ الحد ليعطي القارئ بشاعة الشكل المتمثل في إقامة هذا الحد وليعبر عن أن الحد في ذاته ليس محاربًا وإنما تسييس استخدامه هو الذي يجب الثورة عليه . ولفظة إقامة الحد بما تعنيه من تداعيات ذهنية بشعة تصوّر الإنسانية في واحدة من أحط مراحلها التاريخية ، إذ لم يعد الحد إلا لهؤلاء الذين خرجوا على تعاليم الجوقة والسلطان .والزهور الملقاة على الأرض تأتي تعبيرًا عن الأفكار والتي كان ينتظر منها أن تزهِر يومًا ما ولكن طبيعة السلاطين الغشومة تحول دون ذلك.
يُقيمون علىّ الحد لأننى...

أصرخ
بالطرقاتِ

من تلك الكائنات الغريبة

ذات العيون
الكبيرة

والألسنة الطويلة

وقرون
الإستغباء
ولعل كلمة كائنات تعد فيما بعد واحدة من مكونات المعجم الفني للمبدع العزيز عمرو محسن ، إذ يغدو تصويرهم على هذه الشاكلة لنفي البشرية عنهم ، والذي يلاحظ في النص تعمد الكاتب الميل نحو المباشرة إذ هو بذلك يبلغ المتلقي رسالة مفادها أن الوقت لم يعد وقت تنميق وزخرفة للألفاظ وإنما يصرخ المبدع صرخة الحق متجاوزًا كل العوائق التقليدية ليحقق المعنى الاجتماعي للفن ، وذلك دون الإخلال بالقوالب الفنية والخصائص الأسلوبية التي يظهر بها . وهذا الأسلوب من المباشَرة جاء ليقف فن الخاطرة جنبًا إلى جنب مع فني الشعر والقصة وليقول ها هو أنذا قد خرجت من تحت عباءة الرومانسية المتميعة لأقول صرخة الحق .إن السياق الموقفي هو الذي يحكم المبدع باستخدام مثل هذه القوالب إذ لا يُظن منطقيًا أن يأتي مثقف يمثل بين يدي الجلادين ليستخدم العبارات المجازية ، ولعل ما حدث للراحل صدام حسين رحمه الله على ما كان منه من زلل يوضح لنا هذه الجزئية ، لا وقت إلا لكلمة الصدق التي تصل المتلقي فيتفاعل معها ويتخذها دليلاً في تاريخ كفاحه المرير.

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس