عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-12-2009, 05:47 PM   #37
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي الحلقة السادسة

6
...مغص بطني وآلام أمعائي,تزداد وتزداد وتزداد....وكأنني احتسيت سما. لم أعد أطيق.

طلبت المرحاض فأخذوني, بدون مشاكل ولا تلكأ هذه المرة. لم أكد أجلس حتى أمرني المكلف بهذا الأمر برفع سروالي والوقوف :

"حتى كتبدا الصياده عاد كيمشي السلوكي يبعر"
حين يبدأ موعد الصيد وإمساك الطريدة يذهب السلوقي لقضاء حاجته.

فهمت قصده وعرفت وجهتي, فازداد وجعي وحاجتي إلى إفراغ أمعائي...

لم أترك دواء مضادا للإسهال إلا وابتلعته. حين شكوت الأمر للطبيب الثرثار حدثني أن الأمر نتيجة طبيعية للفوبيا الشديدة التي أعيشها وأنه قد ثبت علميا أن الخوف والفزع الشديد يصاحبه الإسهال والمغص الحادين و...و...و...والحل يادكتور؟؟؟
"تخلص من السبب تتخلص وترتاح من هذا الأمر!!!"

هكذا ببساطة اختزل لي الحل في كلمات...ثم زاد قائلا:
"حاول أن تعيش مطمئنا ولا تخف!!!"

ثم واصل سرد لائحة النصائح التي ستخلصني حسب دراسته و(علمه الكلامي)مما أعانيه. وأنا أتظاهر بالإنصات وأهز رأسي زاعما موافقته والاستعداد للعمل حرفيا بما يهرف به.

مسكين هذا الرجل يبدو أنني في واد وهو في آخر. لاأخاف!!!

كيف لا أخاف؟؟ والزمن زمن خوف والبلد بلد خوف!!!

كيف لا أخاف ووجه كابيلا القبيح يحاصرني كلما غفوت أو حاولت ؟؟؟

كيف لا أخاف وعداداتهم تحصي أنفاسي وتخنق حركتي؟؟؟

كيف لا أخاف وأبواب السجن الأخضر مشرعة تبلتع دون رحمة كتنين أسطوري هائج أو ديناصور يأبى الإنقراض؟؟؟

كيف لا أخاف والأهواء والشكوك والدسائس هي التي تصرف أمور الملايين من البشر على أرض هذا الوطن المنكوب؟؟؟

مات الطفل الذي عهدته في داخلي أوكاد...
لشد ما كنت فرحا سعيدا به. لكن الخوف والمحنة والظلم صيراني عجوزا محدودب الظهر.

حطموني... أولاد الكلب. وما كدت أستعيد بعضا من توازني حتى تلقفوني من جديد .

آه...آه...لو أمهلوني قليلا لأرحتهم ووفروا (جهودهم) لأناس آخرين.

رغم كل شيء فكلما شعرت بالتضاؤل,الانهيار والمهانة دوى في داخلي صوت قوي أوعز لي أن أصبر, وأتحمل...

مسكينة أمي ستبحث عني مرة أخرى في كل مكان, ستمزقها الحيرة والحزن والأسى والآلام...لن تنام. أكيد أنها ستفقد طعم النوم. وقد تعمى من كثرة ما ستدرفه علي من الدموع .

طرقت أبواب المستشفيات,صارت تحفظ أسمائها عن ظهر قلب. وثلاجات حفظ الموتى , روعتها مشاهد الأجزاء الآدمية المقطعة والمحروقة التي تنتظر أهلها لأخذها من ثلاجات الطب الشرعي بمستشفى منطقة عين الشق وسط الدار البيضاء. حين غادرته أصابها الدوار وتقيأت,وغابت عن الوعي لم تفارقها الصور المروعة .

مراكز الأمن هي الأخرى. الدار الحمراء, المعاريف ,الحي الحسني, الدائرة السابعة, التاسعة , الرابعة,لم تترك كوميساريه إلا وزارتها في رحلة البحث عني الأولى. طردها الوكيل العام للملك حين زارته للمرة الخامسة للسؤال عني شر طردة وأسمعها كلاما جارحا لم تستطع البوح لي به..


.لم تذق طعاما ولا شرابا ولا نوما إلى أن خرت طريحة الفراش تهدي باسمي...
حكت لي بعد المحنة الأولى حين عدت ودموعها على خذها كشلال متذفق كيف كانوا يطاردونها في رحلة بحثها عني...

زارت جمعية تزعم دفاعها عن حقوق الناس دون تمييز بينهم. وبعد تسويف وذهاب وعودة اعتذروا لها بدعوى حساسية القضية والظرفية الزمنية وانشغالهم بمشروع الإنصاف والمصالحة وجبر ضرر ضحايا الماضي!!!

طرقت باب مرشح حزب (إسلامي) ما إن حدثته بالأمر حتى تغير لون وجهه وكاد يسقط مغشيا عليه...

استغل عجزها وأميتها بعض النصابين أصحاب بدلة المحاماة السوداء فسلمته ثمن قطعة أرض . نصيبها في إرث تقاتل أشقاؤها فيما بينهم على الظفر بفرصة شرائه وضمه لأرضهم بعد ما ضلت لسنوات عدة ترفض التنازل عنها وفاء لذكرى والدها الراحل. مصائب قوم عند قوم فوائد. كان الله في عونك أيتها الغالية.

الغرفة تفوح منها رائحة دخان السجائر الأمريكية وبعض المواد الكيماوية

ازدادت آلام بطني وضاقت نفسي...تركوني لدقائق. ربما كان ينتظرون قدوم أحدهم أو يتطلعون إلي لقراءتي. دخل أو دخلوا لا أدري كم كانوا...

"مرحبا بيك مرة خرى. هذا كليان قديم...احنا عزيز علينا لكليان ديالنا ...ما كنفرطوش فيه"
(مرحبا بك مرة أخرى هذا زبون قديم ونحن نحب زبناءنا لا نفرط فيهم)

"أخيرا وقعت في الفخ يا أبا جندل, كنت أعرف أنك ستعود مرة أخرى"
خاطبني ساخرا بعربية الأفلام التاريخية. تحسب نفسك ذكيا... لكنك أغبى من حمار...

أطرقت وطأطأت رأسي دون كلمة أو رد. الصمت في هذا الموطن حكمة. هكذا علمتني التجربة السابقة في مثل هذه المواقف .مجرد كلمة رد أو تعقيب واحدة تكلف الكثير الكثير الكثير...صرت أعرف متى يشتد غضبهم وأي الكلمات تزعجهم[1]

اسمع وكن رجلا...سنبدأ معك من الأخير. وبدون مقدمات , يعني نريد معرفة نشاطك وحركتك وعلاقاتك واتصالاتك منذ خرجت من هنا آخر مرة وإياك أن تلعب فأنت تعرفنا ونعرفك...
صمتت برهة لأستجمع شتات أفكاري...

"أنتم تعلمون عني كل شيء, ومنذ خرجت ورجالكم على مقربة مني و(الحاج) ظللت على اتصل دائم به كما أمرتموني وهو يعرف عني كل شيء...و...

"أنت كذاب...كذاب...كذاب ومنافق...وولد زنى....

"أقسم بالله ال...." لم أكد أكمل قسمي حتى جاءتني الصفعات المتتالية والشتائم القبيحة النابية...

لا تقسم...لاتقسم...أنت لاتعرف الله حتى تقسم به يا منافق.

الذي يعرف الله لا يكون خائنا...وأنت خائن , خنت العهد وخنت الأمانة والوطن...!!!
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس