عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-09-2009, 03:42 PM   #400
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

أحس بدموعك تشق طريق اللاعودة
البداية اتسمت بالسرعة والحزن كان مسيطرًا على العمل من أوله ، إذ أن الدموع تشق طريق اللاعودة ، وكأن الوالد الفقيد هو الذي أعاد الدموع إلى مكانها ومنعها من أن تسيل والبدء بذكر المحبوب وهو الأحب من خلال الضمير المتصل حرف الكاف عبر عن حالة التفضيل للأب والامتزاج بينهما في الوجدان والمشاعر .

تلهبني حرارتها



أراك ترتجف وأنت تفتح ذراعيك للوهم المخيف





تتحسس خيالي ...


أبتي أين تذهب بي في فجر العـــــــــــــيد؟؟




................


******


الصدى


لا شيئ غير الصدى وتمتمات كاذبة


ألهث وراء حلم لقياك أعيش في كابوسك




كان التعبير أعيش في كابوسك حزينًا للغاية مؤثرًا معبرًا عن توحد الوالد بوالده ،وهذا الاستخدام
الذي يحتوي على تبادلية في جوانب الحياة كالحلم والحزن والألم يعد استخدامًا ابتكاريًا يعطي المعنى
أكثر من بعد ويزيد من ثراء المادة الأدبية.

وأنت تنكس وجهك للأرض


الجميع يضحك يا أبي


يرتمون بين أحضان آبائهم





وأنا هنا


أحاول أن أغتصب بسمة في العيد

أتت كلمة أغتصب بسمة في العيد لتعبر عن حالة من التضاد ، فالبسمة فعل طوعي لكن التعبير عن شدة استعصائها ونيلها كان تعبيرًا جيدًا بسبب توظيف العلاقة بين الدال والمدلول بشكل عكسي .

تستعصي علي فرحتي


تتقاذفني الذكرى فلا أرى سواك


كان تشبيه الذكرى بالأمواج في صالح النص تعبيرًا عن مدى اتساعها وكان إعطاؤها سمة من سمات الموج يدل على عنف الحياة وتفاصيلها .العنف في كل شيء عند غياب الأب .. البسمة ، الذكرى ضحكة الأطفال .إنه الحزن لما يستولي على الإنسان يغير له كل معاني الحياة فيجعل أجملها إليه أسوأها وأحزنها وهذا السطر فيه جانب سينيمائي يعتمد على فكرة الحلم أو الإغفاء .


تصفعني ضحكات الأطفال من حولي


فأتحسس يدي ربما تكون مشبوكة في يدك

التأكيد على فكرةالتوحد بالآخر كان مسيطرًا على العمل ، وكان التخيل لعنصر الحركة فاعلاً ومؤثرًا ، فالأفعال معظمها مضارع مما يدل على حالة استمرار الحزن والبراءة حينما تموت على عتبات البسمة تجعل للأسى شكلاً أبعد عمقًا إذ أن البسمات التي تصفع هي أرق أنواع البسمات وهذا دل على مدى الحساسية التي تتمتع بها تجاه الأشياء والمواقف .

ربما كان كابوسا ما أعيشه
أضعفت بشكل أو آخر من قيمة العمل وكان من الأحسن تركها لكي يستنتجها القارئ .


وربما أصحو وأنا بين أحضانك يا أبي
إن الذي أجده يميز النص هو الإصرار على حالة اللاوعي ومحاولة الهروب من الواقع بالحلم ،والذي يجعل من المحال شبه ممكن وهذا يتناسب فعلاً مع آلام من فقدوا آباءهم .وهذه الأسطر متراصة أصررت فيها على فكرة الاحتمال وعدم التصديق الواقع .إنه الجنون جنون الحزن حينما يولد روعة الإبداع واستمرارية ألمه في النفس .إن الذي يميز هذه الجزئية هو التصور النهائي الذي لا يكتفي فقط فيه الكاتب بتصور الحياة بل وتصورها في أحضان الوالد رحمه الله لتكون الحياة النفسية كالفضاء الذي لا جاذبية فيه ، كل شيء ممكن .




..............

هذه النقاط عبرت عن حالة الصمت والتي تشعِر المتكلم بالبطء في الانتقال من مرحلة لأخرى وهذا ما يسمى بجماليات التشكيل المكاني وهو دلالة النقاط والفواصل عندما توظف بشكل دقيق في صالح النص.

******





جئت أنا وأبي..............


عفوا ..


_جئت وحيدا

الانتقال من حالة الذهول إلى حالة التصديق جاء بطريقة لا تشعر معها ببطء النقلة ولا
بسرعتها غير المنطقية بل أتت ممهدًا لها ،وذلك من خلال المساحات المتسعة نوعًا ما بين الكلمات،ثم
الاستدراك باللفظ عفوًا جئت وحيدًا وأشعر أن العلامة - كأنها الحديث على لسان الوالد والذي يكذب ما يقوله الابن له .(قد أخطئ الظن!)



لساني لا يلهج بذكراك..


فلقد تعودت غيابك





بل فؤادي

نفس النغمة تكرارها يأتي ليعبر عن التلاشي المكاني والوجداني





نبضات روحي


غيماتك تحوم حولي أينما ذهبت يا أبي


يسألني الناس


_أما زلت يتيما؟؟





أزحف إلى أحضان أمي


_متى يعود أبي حتى أصرخ في وجه العالم


أنا لست يتيما






وكيف أكون يتيما وأنت أبي
هنا وجه من وجوه جمال الخاطرة ، وهو الرؤية ، إذ أن الحياة والموت بالنسبة لك مقيستان بشيء واحد هو بقاء الأثر وهذا أمر كان في صالح النص ،وهو أن يكون التكريم والتعظيم بعد الموت ،وكذلك التدرج من حالة السكْر في الحزن ثم الإفاقة ثم الرشد ممثلاً في هذا السطر .وعدم وضع علامة تعجب بجوار هذا السطر يعبر عن شيء واحد وهو أن هذا الأمر صار مفروغًا منه لا يحتاج إلى تعجب ، وقيمة الأب لا تحتاج إلى مناقشة فكرة وجوده فكأن الحقيقة الثابتة هي أن وجوده المعنوي هو قمة وجوده المادي لتتحول قيمة الإنسان من طين وتراب إلى حكمة تتردد عبر الدهور .



................





******





عد إلي ولو مرة في العيد





العيد فقط

اللــــــــــــــــه ! ما أروع ذلك الكلام .إن الأشياء تكتسب قيمتها من كيفية تناولها وتكون للحزن دلالته حينما يكون هناك تآلف بين الحقيقة والخيال ، فرغم أن الحاجة إليه تكون في كل يوم إلا أنها تكون مرة واحدة أكثر أثرًا وأدعى للتذكر كذلك في العيد .أي أن قيمة رجوع الأب في الحياة ستكون أجمل عندما تكون مرة واحدة منها لو كان طيلة العمر ليدل على فرادة وعظَم هذه اللحظة والتي حتى في المستحيل لا يتجرأ الفرد على الاستزادة منها .


ثم غب كما تشاء


أن كنت لا تستطيع البقاء





غدا سأكبر


يا أبي


ربما تدركني شابا





أخاف ألا تحبني


وقد اختفت براءتي





العــــــــــيد


ربما قسوت علي يا أبي





وربما قست عليك دنياك





لكن فرحتي في العيد


تموت في أكفان الغياب


أخيرًا تستمر آليات التوسل ومناجاة الحياة بما يستحيل تحققه لتكون النهاية الموت في أكفان الغياب تلك العبارة التي تدل على حسن توظيف المعاني الحسية ونقلها من شكلها المحسوس إلى الملموس كما يتضح عنصر مراعة النظير فيها كالكفن والموت

اتسم النص بالتمازج بين الحلم والواقع والوعي واللاوعي وتماسك الرؤية ، والانتقال الجيد من موقف لموقف آخر ، وجانب من التصوير السينيمائي المميز .
عمل جيد أشكرك عليه ودمت مبدعًا
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس