عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-11-2009, 07:33 PM   #489
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

قبل الخوض في العمل يكون من الضروري لي الإشادة بهذه الطاقة الكامنة والتي أراني مشبهها بالسيارة الأميريكيةgmcحقيقة أقول ولا أجامل أنني أمام طاقة إبداعية قوية
حد العنف متمكنة حدّ السيطرة باهرة أو مبهرة حد الدهشة .ودليل ذلك ما أراه من كثرة
التشبيهات وتراصها على نحو يعبر عن حالة التوهج الشعوري ،ذلك التوهج الذي يتخذ
من السياق الموقفي تكئة للوقوف على أرضية إبداعية خضراء .
فأشياء كثيرة نشعر بها ونعبر عنها ،غير أن هذا النص جعلني أشعر أن أختنا العزيزة
تكاد تتلعثم أو تتلجلج من سرعة توالي أنفاسها بما جعلها تأتي لمحبوبها الافتراضي
في عالم الخاطرة بكل ما يمكن أن تقع عليه يد وصدق عنترة إذ قال :
هل غادر الشعراء من متردّم ؟ أي هل ترك الشعراء شيئًا لمن بعدهم ليكتبوه؟ أقول نعم
يا عنترة هناك أناس تراهم قصائد شعر تتمشى بيننا .
لنتلكم بموضوعية فأقول إن كثرة التشبيهات وأدوات السؤال الاستنكاري وذكر أو سرد
الجوانب الطبيعية كانت كلها عوامل جيدة تضيف إلى العمل قيمة متفردة .كما أن الحديث
عن الأشياء الحقيقة والتقريرية في سياقات معينة أكسبها روعة غير عادية . وهنا الفخ
إذ أنها بجمالها هذا كله جعلتني لا أشعر بطُول حجم العمل أو وجود تداعٍ فيه .
هذا العمل مقارنة بما علقت عليه من قبل أقل مساحة وأكثف صورة وأعمق فكرة وأشد تركيزًا.
ولا أرجو أن تصيبني عدوى المبالغة المستحوذة على الشعراء والكتاب المبدعين عمومًا
فأرجو معذرتي إن مس العمل شيء من المبالغة .



لحظة نلتقي
اشتعل بك حديقة,,,اتوهج شمسا صباحية السطوع
ترى هل اخبرك احد انك اخر القناديل التي لا تكف عن الهديل
هل همست لك النسائم انك الريح حين تقوم الى اللقاء
وانك الجمر النابض بالالفة والمسرات
فكل فصولك مشتهاة

ربما لو نظرنا إلى كلمة أشتعل بك حديقة لقلناإن وجه الشبه بين كل من الحديقة والاشتعال غير متحقق
ولكن حينما ننظر إلى الدلالة المتعلقة بالمضمون لا بالشكل ،فسنجدها متماشية معها بشكل كبير إذ
أنها ستكون معبرة عن النشاط وقد دللت على ذلك من خلال الشمس صباحية السطوع ليكون النشاط والحيوية هو العنصر المشترك بين عناصر بيئة التشبيه .


كل التعبيرات الموجودة أمامي أتت بشكل متوالٍ لتعبر عن حالة الشوق والتي وإن كانت في البدء
تبدو عادية ولكن حينما يأتي إليها المتلقي لينظر إلى كمية التشبيهات وهي مبالغ فيها فإنه سيجد
دلالة موقفية تتعلق بهذا الحب والتي تجعل المحِبَّة تنطلق إليه بعفوية وتلقائية,والقناديل ليس لها هديل وهذا شيء غير متحقق في بيئة التشبيه إلا لو قلنا إن المقصود بذلك هو أن الحب ووجود المحبوب جعل للمُحِبّة فلسفة أخرى من خلالها ترى كل الأشياء بغير طبيعتها وكأنه يؤكد الدور الوظفي لوجود هذا المحبوب أو كأنها من فرحتها فقدت صوابها .كذلك النسائم والريح ،فقط لو قلت الرياح لتحسن المعنى لأن الريح هي الأعاصير والعواصف بينما الرياح هي الهواء الهادئ المحمّل بالندى.
رغم اختلافي مع كلمة الجمر النابض بالألفة والمسرات إلا أنني أرى أن المُحِبّة ترى المحب في كل شيء حتى فيما تتناقض دلالاته ، فهو تارة نسيم وهو تارة جمر ، وهذا يدل على استغراقه حياتها في كل صغير وكبير .إلى الآن لم أجد تعبيرًا قويًا متسقًا ،لكني أرى أن كثيرًا أشكال التراكيب يمكن أن تغيري في بعض كلماته لكي تصبح الخاطرة أكثر قوة وتكاملاً.



ربيعك نوارة الحقول,,,,, وصيفك بحر لم تهجره النوارس
وشتاؤك دافئ حتى اللهب,,,,,, اما خريفك فمؤجل

جاءت هذه الرباعية خاصة تأجيل الخريف كشارحة لاشتهائية الفصول وحققت ما يسمى في النقد العربي
القديم بحسن التعليل وإن كان وجود اللهب غير مستساغ في التعبير عن الشتاء لأنه نقله إلى حرارة صيفية حارقة ولو أنك قلت شتاؤك مدفأة للجليد لصار التعبير أكثر مقبولية أو جليد الشتاء يتمسح بدفئك..

اتوسد راحتيك لحظةالخوف ,,,كعصفورة فاجاتها العاصفة,,,, فهربت الى نافذة القلب
مثل سوسنة ضمت اوراقها خشية العتمة
فراحتاك متكئا للزوارق اسطورية الابحار
وراحتاك لحظة المودة وردةتتفتح على بستان الشوق
غيمةمترعة بالنيازك الغافيات

نشاط كبير وحالة من الحركة المتقدة خاصة في السطر الأول أتوسد راحتيك ....إلخ وتحديدًا في التعبير
هربت إلى نافذة القلب أحدثت مراعاة في النظير بين الهروب والنافذة والتي شبهت القلب فيها بالبيت
اعتمادًا على لفظة القلب . لكني لا أهم دلالة ضمت أوراقها خشية العتمة ،فهل السوسنة من داخلها مضيئة ؟ لا أدري لكن من الضروري للغاية النظر إلى خصائص الأشياء حتى يكون الحكم عليها صائبًا
ومنطقيًا .
وكان عنصر سحر الصورة من خلال التعبير راحتاك متكئ للزوارق ....جميل لكنه كان يحتاج إلى ما يعضده
ويدعمه ،ونلاحظ أن الراحتين هنا تغدوان أكثر من مجرد شيء أحادي الدلالة لتنفتح دلالته فتصبح تارة متكئًا للزوراق وتارة أخرى وردة تتفتح على بستان الشوق ومرة ثالثة غيمة مترعة بالنيازك . هذا يسمى التشبيه المركّب تقريبًا وهو أن يكون للمحبوب خصائص أكثر من شيء وكلها أشياء غير مرتبطة بدلالة فكأنها تعبير عن مدى استغراق المحبوب في كل تفاصيل حياتها اليومية.


الان عرفت لماذا؟؟!!!
حين نلتقي تصير النيازك قيثارة المدى
وتميس الشجرات وادعةعلى ضفاف الروح
فلحظة نلتقي ثمة قرنفل ينهض بالجوار,,,, على بعد عطر من حدود البنفسج
حيث
لا وطن الاانت ,,,لا ارض الا انت ,,,ولا سماء الا عينيك

لا أدري العلاقة بين النيازك والقيثارة وإن كان عنصر الصورة قد أخذكِ إلى التحويم في الأفق
الشكلي دون مراعاة لجوهر ،لكن تعبير ضفاف الروح والذي جعل من الروح بحرًا لا نهايةولاحدود
له كان متسقًا للغاية مع حالة تمايس الشجرات وزاد التعبيرَ جمالاً ما بعدها عطر من حدود البنفسج
إذ يصير عطر البنفسج بهذه الدرجة من الفوحان حتى يأخذ سمة الحدود من شدة انتشاره.
وكان التعبير لا وطن إلا أنت ....آتيًا في توقيت مناسب بعد كل هذه التشبيهات والتي كأنها (تحضيرات) لهذه الكلمة الجميلة وإن كانت مكررة لكنها اعتمادًا على السياق الموقفي تتسم بقدر أكبر من القبول.

لحظةنلتقي نكون اوسع قليلا من الفرح ,,,,وابهى كثيرا من الجلنار,,, وابعد ما يمكن عن الحزن
تعبير لابد أن يوضع في إطار ذهبي أوسع قليلاً من الفرح :تعبير احترافي على أعلى المستويات إذ يغدو الفرح كأنه أداة مقيسة وكأنه قصر متسع وكأن هذه الحقيقة مسلم بها بدرجة لا تجعل من الممكن الشك فيها وإن كنت أرى أن التعبير أبعد ما يكون عن الحزن كان لابد من حذفها لأن ما قبلها دل عليها .

ويوم لا يكون لقاء فثمة حزن وطيوب مكسورة وغروب كثير
طالما أن الحديث كله عن حالة الفرحة فلم يكن لهذا التعبير -في رأيي الشخصي-داعٍ أبدًا
اعرف ان قناديلي موعودة بلقاء
وان اناملي بين يديك وريقات حبق خجول
اعرف اني صرت اقرب مني اليك وابعد منك اليك
واعرف انك تشكلني كيف تشاء
حديقة اوصحراء جمرةاوثلجا رمادي القسمات
نلاحظ أن حضرة الأفعال المضارعة قد زادت حيوية العمل والارتباط بين ياء المتكلم وكاف المخاطب كان
سمة متحققة على امتداد العمل وكان تعبير قناديلي موعودة بلقاء جميلاً للغاية إذ جعل كل شيء في حياة المحِبّة مرتكزًا على المحبوب ومتمحورًا عليه .
كذلك التعبير أقرب مني إليك وأبعد منك إليك كاد أن يكون شمس هذه التعبيرات كلها لولا خطأ بسيط ربما تنتبهين إليه فيما بعد . أقرب مني إليك أي أقرب إليك من نفسي وياء المتكلم رغم اقترانها بحرف الجر من ورغم أن ضمير المخاطب الكاف أبعد عن حرف الجر (من) لكن جمال التعبير في أنه أعطى لأماكن الحروف دلالات عكسية ،فيكون المحبوب قريبًا منها رغم أنه الأبعد بالمسافة ،كأنما هناك مسافة وجدانية هي التي يتعانقان فيها بالشكل الذي لا يكون لذاتها التواجد إلا بعد وجوده .
لكن أبعد منك إليك غير واضح والأصح أبعد منك عني أي أنني أبعد ما أكون عن نفسي حتى أنني أرى بعدك عني بالمسافة أقل من بعدي عن نفسي .ووجود أحد التعبيرين يغني عن الآخر لأنه معروف أن العلاقة بين القرب والبعد عكسية وتحقق طرف يعني بالتبعية تحقق الطرف الآخر .
أختلف في رمادي القسمات ولكن النص اتسم بقدر كبير من الطاقة والتي تعبر عن تمكن الحب وتوغله في النفس

***
النص عبر عن براءة أنثوية قلما نجدها هذه الأيام .ومما ميز النص بشدة هو دائرية استخدام كلمة حينما نلتقي ،وكأنها الومضة التي تغذي تعبيراتها مرة أخرى ونقطة الأصل التي إن ابتعدت عنها مرة تعود إليها مرة أخرى . كان هذا الاستخدام الدائري معبرًا عن وجود المحبوب وحضور معنى اللقاء في داخلها بشكل مستمر .
كما أن من أشد ما ميز العمل هو هذه النكهة التي يسودها المرح والبهجة والتي من شدتهما تفقد الأنثى قدرتها على التركيز في التعبيرات أو تجعلك تشعر وتتصور بأنها في حالة من السرعة بما لايجعلها تسيطر على مخارج الألفاظ بشكل تام .
وإلى ذلك ،فإن المحبوب الذي تتحدث عنه هو -من القرائن الدالة عليه- أنه مخلص مما يستدعي حالة المبالغة في المدح ، لأن النص يخلو تمامًا من أية عتاب أو نبرة شجن . وهذا الاتساق بين الجانبين يجعل للحب معنى أكثر سموًا وتبادلية من الطرفين .إذ أن الكلمات المكتوبة تجعلك تتساءل : ترى لو كان هذا المحبوب عاديًا لكتبت إليه ذلك ؟
إن النص يجعلك في آفاق تخيلية تعود بك إلى عهد البراءة الأول ،لاسيما وأنها ذات طبيعة إنسانية خالصةتصلح لكل زمان ومكان ودين وعرق ولا تحدها فواصل ،ولا تتعارض مع أي شيء من العناصر المذكورة . وإلى ذلك هي تصلح لأن تكون لزوج أو صديق أو شقيق ...إلخ
على الرغم من الحاجة الشديدة إلى التعبيرات المتماسكة والتشبيهات القوية إلا أن هذه العناصر كاستخدامات الضمائر والأسئلة غير التقريرية ودائرية الجملة حين نلتقي كلها أعطت للنص قوة تجعل
المطلوب منك فقط هو إعادة النظر في كيفية صياغة التشبيهات وهذه الجزئية تكتسبينها بشكل أفضل
عند قراءتك نصوص مصطفى الطيار (سفير الكلمة) مثل تمتمات ، كل ثواني الوقت انتظار،ادخلي قلبي وغيرها .
حقيقة لو أن واحدة قالت لي هذ االكلام فلن أتمكن من الرد عليها إلا بابتسامة ثم إغماضة للعين وتنهيدة أو نفس عميق (ويُترك لخيال القارئ ما بعد ذلك). نص رغم ضعف العديد من فنياته إلا أنه اتسم بالقدرة على أن إشعار القارئ بما في خبيئة النفس وهذا هو جوهر العملية الإبداعية كما قال القدامى:"الشعر هو ما أشعرك " . دمت مبدعة وفقك الله وأنتظر منك المزيد والأفضل




__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 23-05-2010 الساعة 10:06 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس